من الصحافة اللبنانية
أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات بعض الصحف اللبنانية
السفير : بري يتفرج، سلام ينتفض، جعجع سعيد، جنبلاط يندفع.. و”حزب الله” مُحرج أزمة الحكم في الشارع: الحريري وعون يتعادلان
كتبت “السفير”: لبنان بلا رئيس للجمهورية، لليوم الثاني عشر بعد الأربعمئة على التوالي.
انتفت الفواصل والجدران والسواتر والأسلاك الشائكة بين وسط بيروت وبين مقر مجلس الوزراء في السرايا الكبيرة. ما قيل في الشوارع قيل مثله لا بل أكثر وأخطر على طاولة آخر المؤسسات التي لا تزال على قيد الحياة، في ظل رئاسة الجمهورية المفقودة والسلطة التشريعية الميتة سريريا.
ربما كان المتظاهرون في الشوارع أكثر رقيا من الوزراء أنفسهم. استخدم البرتقاليون تعبيرات معظمها يأتي من زمن عمره ربع قرن، ولو أنه كان موجها هذه المرة ضد مؤسسة لطالما شكلت البيئة الحاضنة لا بل المؤسِّسة للحالة العونية.
لم يعد يحتاج أحد إلى شواهد للتدليل على أن لبنان يمر بأزمة وطنية كبيرة اسمها أزمة حكم أو صيغة أو مشاركة. ما جرى، أمس، كان شاهدا إضافيا على سقوط الدولة هيبة واسما وشكلا ومضمونا ورموزا.. وسلوكا وخطابا. أما من يتحمل المسؤولية، فان الكل شريك، ولو أن نسب الشراكة تتفاوت بين مكون وآخر.
ما جرى بالأمس دليل إضافي على سقوط الدستور. صارت مجموعة القوانين العليا التي أشبه ما تكون بعقد بين الدّولة والشعب، رزمة أوراق مجموعة ضمن كتاب اسمه “الدستور اللبناني” مدموغا بالأرزة. هذا هو الدستور. مجرد عدة للاستهلاك والتسويق وكل فريق يقاربه من الزاوية التي تخدم لحظته وحرتقاته وليس ثوابته أو المصلحة العليا للدولة.
خير دليل على ذلك، تحول 23 وزيرا في الحكومة، بين ليلة وضحاها، إلى رؤساء للجمهورية. “أنا أتحدث من موقع رئيس الجمهورية” قالها جبران باسيل أكثر من مائتي مرة والياس بو صعب مائة مرة ورددها عدد كبير من الوزراء، بمن فيهم وزراء ينتمون إلى “14 آذار”.
صار الوزير الوحيد في الحكومة هو رئيس الحكومة تمام سلام الذي وجد نفسه محاطا برؤساء يخلطون ترؤس جلسة بالصلاحيات وإدارة الجلسة بجدول الأعمال. رؤساء بدا بعضهم مهووسا بالإعلام، فأراد أن يهزم رئيسه أمام الكاميرات، ولولا العيب والحياء، لما تردد في كيل لكمة التزاما منه بأمر رئيسه، ما دام أن لكل وزير رئيسا وزعيما يعلو اسمه فوق الدولة والدستور وكل المؤسسات.
معيب ما جرى، أمس، بكل معنى الكلمة. المنتصرون من السياسيين كثر، أما الخاسرون، فهم الناس الذين لم ولن يغادروا تلك المستنقعات التي وضعهم فيها قادة الطوائف.
لن يجد اللبنانيون اليوم من يقدم لهم قراءة موحدة موضوعية. كل قراءة ستتناسب مع مصلحة هذا أو ذاك. لا أحد يسأل عن تقنين الكهرباء والمياه المهددين بالانقطاع التام، ولا عن الرواتب والأجور المهددة، ولا عن سلسلة الرتب والرواتب التي تآمر عليها الإصلاحي والمحافظ، ولا عن المواسم الزراعية التالفة، والصيف الاغترابي المهدد والمؤسسات المهددة بالإقفال؟
الكل مأزوم والكل مهزوم وقد أقفل ميشال عون باب القصر الجمهوري نهائيا بانتظار انتخابات نيابية تحتاج الى قانون، والقانون يحتاج الى تفاهمات مستحيلة.
أما الحكومة، فإنها صامدة لمدة أسبوعين، فاذا تعذر التوافق على آلية جديدة لمجلس الوزراء، وهو الأمر الأكثر ترجيحا، فإنها ستكون محكومة بأحد أمرين: اما التعطيل أو الاستقالة، وفي كلتا الحالتين، سيكون القرار رهن ارادات خارجية لا تريد المس بالاستقرار اللبناني، إلا إذا حصلت مفاجآت من نوع إقدام تمام سلام على رمي استقالته بوجه الجميع بمن فيهم حلفاؤه.
الديار : الشارع العوني فرض نفسه واسترجع الآلية ولكن دون ضمانات ؟ صدام بين الجيش والمتظاهرين أدى الى جرح 14 مدنياً و7 عسكريين مهلة اسبوعين لبحث التسوية والتيار استرجع صلاحيات الرئيس
كتبت “الديار”: تمكن رئىس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون من فرض معادلته امس على كل الاطراف السياسية واعاد التوازن المفقود الى البلد منذ اتفاق الطائف وخسارة المسيحيين للكثير من حقوقهم وبالتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية، وظهر العماد عون اللاعب الاساسي في المعادلة الداخلية، وشعر المسيحيون للمرة الاولى منذ العام 1990 واتفاق الطائف انهم “ابناء ست” وانهم استردوا حقوقهم وفرضوا معادلتهم على طاولة الحكومة واستحالة تجاوزهم وتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية بعد اليوم، فأعادوا التوازن المفقود منذ الطائف بعد ان كانوا وقوداً في المعارك السياسية للآخرين وعلى هامش الحياة السياسية.
ومن الطبيعي ان تدخل المعادلة الجديدة “النقزة” الى الذين تحكموا بمسار البلاد والعباد منذ 1990، وبالتالي عاد المسيحيون الى قلب المعادلة كطرف اساسي باستطاعتهم اختيار رئيسهم ونوابهم وممثليهم في ادارة الدولة بعد ان توزعت “المناصب المسيحية” كملاحق وهدايا على اركان الطبقة السياسية في البلاد، وتحرر المسيحيون امس من هذا “العبء” ومن هنا وصف العماد عون ما حصل “باليوم التاريخي”.
الانجاز ما كاد ليتحقق لولا الشارع العوني الذي فرض نفسه واسترد الآلية، رغم انها من دون ضمانات، علماً أن العماد عون اشار الى هذه النقطة، ولذلك سيبقى على جهوزية التيار كما هي، وفي حال التراجع عن الضمانات سنعود الى الشارع ولن نتركه، خصوصاً ان العماد عون “اكتوى” من نار التراجع عن الضمانات، بالتحديد من سعد الحريري بتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش مقابل تعيين العماد عماد عثمان قائداً لقوى الامن الداخلي، كما يذكر الجميع زيارة مستشار الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري موفداً من الحريري الى روما، واعطاء موافقته وضمانه على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في حضور الوزير جبران باسيل، لكن هذه الضمانات الحريرية تبخرت كلها وتم التراجع عنها، وهذا الامر يدركه العماد عون ويدرك ان سلام ربما سيتراجع عن ضمانته التي اعطاها امس في مجلس الوزراء لمناقشة الآلية وما الذي سيمنع سلام ان يحذو حذو الحريري، ولذلك فالعماد عون جاهز بكامل عدته للنزول الى الشارع مجدداً.
ولقد اثبتت التحركات العونية خلال اليومين الماضيين قدرة العماد عون التجييرية، في صفوف المسيحيين وظهر انه اللاعب الاول في مواجهة كل الذين سلبوا المسيحيين حقوقهم، واثبتت تجربته الشعبية امس انه قادر على التحرك و”التعطيل” وكذلك ايضا على تسيير امور البلد اذا صدق الآخرون في ضماناتهم التي اعطوها، وبالتالي فإن عون لن يتخلى عن ورقة الشارع حتى موعد الجلسة المقبلة متمسكاً بشعار “اذا عدتم عدنا”.
العماد عون برز امس “مالىء الدنيا وشاغل الناس” في ظل ارتياح الشارع المسيحي لدوره وقدرته على استعادة صلاحية رئيس الجمهورية عبر مواجهة مفتوحة مع جميع المكونات السياسية باستثناء حلفائه، وهذا ما جعل حتى الاطراف المسيحية الاخرى تقر للعماد عون بحسن ادارته للمعركة السياسية ووضع النقاط على الحروف واستغلال اللحظة الاستثنائية للتحرك ولعبها “صولد” ونجح، وبالتالي فان البلاد اصبحت امام معادلة “ما قبل الخميس ليس كما بعده بالنسبة للمسيحيين”.
يوم امس لم يكن يوماً عادياً في تاريخ لبنان بعد ان شهد اللبنانيون وعبر شاشات التلفزة كيف يتم الحوار بين من سلمهم الناس مقاليد ادارة شؤون البلد حيث لم تكن صورة الدولة “نقية” امام عموم الشعب اللبناني، رغم عودة الحيوية الى الشارع مع نزول العونيين الى الارض اعتراضاً على عدم بت التعيينات الامنية والممارسة الخاطئة لصلاحية رئيس الجمهورية في فترة الشغور الرئاسي، وتخلل “النزول العوني” الى محيط السراي الحكومي مواجهات مع القوى الامنية الذي منعت المتظاهرين من الوصول الى السراي وتخلل ذلك مناوشات وعمليات “كر وفر” بين الطرفين ادت الى سقوط 7 جرحى من الجيش اللبناني و14 مدنياً من المتظاهرين، علما ان نواب التيار الوطني الحر شاركوا في التظاهرات واشار اعلام التيار الوطني الحر الى اصابات تعرض لها عدد من نواب التيار، بعد ان اختلط “الحابل بالنابل” واستطاع المتظاهرون خرق الجدار الامني الاول ووصلوا الي محاذاة ساحة رياض الصلح رافعين الاعلام ومطلقين الهتافات، لكنهم ما لبثوا ان انسحبوا بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء وانضمام وزيري التيار الوطني الحر جبران باسيل والياس بو صعب للمتظاهرين، وتأكيد باسيل لهم “اننا حصلنا اليوم على ما نريد وان المعركة بدأت ولن تنتهي وشدد على ان التيار الوطني لن يقبل بأن يحل احد مكان رئيس الجمهورية، واشار الى ان المعركة ليست متعلقة ببند أو مكان او زمان، وان الرئيس سلام وعد بمناقشة مطالب التيار بعد اسبوعين.
اما العماد ميشال عون فوصف يوم امس باليوم التاريخي موضحا “اننا ما زلنا في بداية تحركاتنا وكل ما أخذ منا بالتأكيد سيرجع” وتساءل قائلا “كم خطيئة ارتكبت بحق الدستور والقوانين المدنية والعسكرية، ولا يمكن الا ان ننزل الى الشارع لان من يقابلنا اولاد شارع، وقال ما هو خطأ المسيحي الذي عاش مع كل الطوائف التي لم تعش مع بعضها، وهناك 22 دائرة للمسيحيين و12 للمسلمين، الا يمكن بالنظام الاكثري ان نأخذ حقوقنا ولا اريد سماع من احد اتهامنا بتعطيل انتخابات الرئاسة، واكد بأن لا اميركا ولا روسيا “يزعزعوننا شعرة” وجدد التأكيد على اننا نريد ان نعيد حقنا اولا، وقد حققنا ما نريده في جلسة مجلس الوزراء ومن يريد ان يتخذ حقه شحادة لا احد يعطيه اياه.
وفي المقابل صدر عن قيادة الجيش بيان اشارت فيه الى انها لم تلجأ الى استخدام القوة مع بعض المحتجين الا بعد تعرض هؤلاء العسكريين واستخدام الشدة معهم ومحاولتهم اجتياز السياج، وجددت قيادة الجيش التزامها الكامل حرية التعبير السلمي لجميع اللبنانيين من دون استثناء وتؤكد في الوقت نفسه عدم السماح لاي كان بالتعرض للمؤسسات الدستورية والممتـلكات العامة.
الأخبار : عون ينجح ويتحدّى: قانون الانتخاب أولاً
كتبت “الأخبار”: نجح العماد ميشال عون في تحريك المياه السياسية الراكدة. فبعد ضمان إفشال خطة تيار المستقبل لكسر الشراكة في قرارات مجلس الوزراء، انتقل إلى معركة جديدة: لا انتخابات رئاسية بالأكثرية، ولا تعيينات في ظل وجود مجلس نواب “فاقد للشرعية بالتمديد”. الانتخابات النيابية أولاً
نجح العماد ميشال عون في وقف اندفاعة الرئيس تمام سلام، ومن خلفه تيار المستقبل. أراد المستقبليون تكرار تجربة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى التي مضت في عملها من دون الالتفات إلى فقدانها مكوناً رئيسياً فيها. وأراد سلام والتيار الأزرق أن تمضي الحكومة باستخدام صلاحيات رئيس الجمهورية، متخطية اعتراض 5 مكونات رئيسية فيها: التيار الوطني الحر، حزب الله، تيار المردة، حزب الطاشناق…
وحزب الكتائب المتحالف مع المستقبل، لكن المتمسك بآلية العمل الحكومي التي جرى الاتفاق عليها بعد الشغور الرئاسي. نزل العونيون إلى الشارع، وخاض عون معركة يجيدها، بعدما حيّد القوات اللبنانية بوثيقة “إعلان النوايا”، ورفع شعاراً جذاباً في بيئته الطائفية: “استعادة حقوق المسيحيين”. تيار المستقبل وجد نفسه في مواجهة مع المسيحيين، فقبل بسحب فتيل التفجير، ولو مؤقتاً. صحيح أن عون قدّم تنازلاً جيّره لحساب النائب وليد جنبلاط، من خلال الموافقة على بند اقترحه وزير الصحة وائل أبو فاعور، إلا أن رئيس التيار الوطني الحر فرض شروطه: لن يعمل مجلس الوزراء من دون الآلية، أي من دون حق النقض الرئاسي الذي انتقل إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، لا إلى نصفه أو ثلثيه. ولم يكتف عون بذلك، بل رفع أمس بعد الجلسة سقف مطالبه: لا انتخابات رئاسية، ولا تعيينات أمنية، قبل إقرار قانون جديد للانتخابات وإعادة بناء المؤسسات. أعلن بصراحة: مجلس النواب الممدد لنفسه لا يصلح لانتخاب رئيس بالأكثرية. وعبّر أيضاً عن رفضه لأي قانون انتخاب على أساس النظام الأكثري، ما يعني أنه متجه للمطالبة بإقرار قانون انتخابي يعتمد النظام النسبي. ووجّه سهامه بقسوة نحو المطالبين بالنزول إلى المجلس النيابي، غامزاً من قناة البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يفتح منبر بكركي لمن يدعون إلى انتخاب رئيس للجمهورية من قبل مجلس نيابي يعتبره عون غير شرعي بسبب التمديد.
على المقلب الآخر، يقف تيار المستقبل محرجاً، خشية استمرار المعركة بعناوين تصوره مغتصباً لحقوق المسيحيين. ومما يزيد من حراجة موقفه صمت حليفيه المسيحيين الرئيسيين (حزب القوات وحزب الكتائب)، وهو ما يثير استياء مسؤولي المستقبل الذين يرون أن “الوقت الحالي هو الأنسب لتدخل الحليفين، بهدف عدم تصوير المشكلة كما لو أنها أزمة بين تيار الحريري والمسيحيين”.
ورغم أن “المستقبل” أرخى العنان لإعلامه للهجوم على تحرك عون وخطابه خلال الأيام الماضية، ومع أن كتلة المستقبل اتهمت عون بالانقلاب على الدستور “لأسباب شخصية ومصالح عائلية”، فإن التيار الأزرق طلب أمس من مسؤوليه البارزين التزام الصمت. وأبعد من ذلك، لعب وزير الداخلية نهاد المشنوق دور الإطفائي في مجلس الوزراء، للخروج بالحل الذي أنقذ حكومة الرئيس سلام.
وتنتظر القوى السياسية ما سيصدر من مدينة جدة السعودية، حيث الرئيس سعد الحريري يلتقي مسؤولي كتلته النيابية، وعلى رأسهم وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الكتلة فؤاد السنيورة، إضافة إلى مدير مكتب الحريري، نادر الحريري. واجتمع الأربعة ليل أمس، لمناقشة الأزمة الراهنة. زيارة السنيورة ــ المشنوق لجدة كانت محددة سابقاً، من أجل التشاور مع الحريري بخصوص خطابه الذي سيلقيه بعد إفطار تيار المستقبل الأحد المقبل. لكن الأزمة الحكومية باتت بنداً رئيسياً على جدول أعمالهم، سواء مساء أمس، أو فجر اليوم على مائدة السحور. كذلك ثمة ترقب لما سيصدر عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه اليوم بمناسبة يوم القدس العالمي، رغم أن كتلة الحزب النيابية أعلنت أمس بصراحة وقوفها إلى جانب التيار الوطني الحر، منتقدة مهاجميه. وتؤكد مصادر قريبة من الحزب أن حلفاء عون لن يتركوه، وسيدعمون كل خطواته، وخاصة أنها تجري بالتنسيق معهم، بصرف النظر عن عدم تدخل حلفاء التيار الوطني الحر بتفاصيل تحركاته.
وترى مصادر وسطية أن جميع القوى باتت تستشعر خطورة الموقف، في ظل التوتر الإقليمي المتزايد يوماً بعد آخر، وعدم رغبة السعودية في تقديم تنازل في لبنان، فيما هي غارقة في فشل عدوانها على اليمن، وبعدما عادت تطفو على السطح محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإقناع الولايات المتحدة بالسماح له بالتدخل العسكري في الشمال السوري. كل ذلك، فيما الضبابية تخيّم على مفاوضات فيينا النووية بين الغرب وإيران.
البناء : فيينا تستعدّ لاحتفالية التوقيع بلا توقيت… وبوتين يجمع الحلفاء استعداداً خلوة كيري ظريف… ووساطة بوتين بين السعودية وإيران… تنتجان هدنة اليمن تخلى “المستقبل” عن سلام فاستسلم لعون… والمشنوق يكرّس ثلاثية رفضتها “أمل”
كتبت “البناء”: تبدو ورشة فيينا مستمرة على كلّ المحاور والجبهات من دون توقف، وتبدو الاستعدادات لاحتفالية توقيع التفاهم النووي جزءاً من ترتيبات تتصل بما بعد التوقيع، فإيران التي رفضت أيّ ربط بين المفاوضات النووية والملفات الإقليمية لا تمانع ببذل المساعي لحلحلة المشاكل والتعاون لخلق بيئة هادئة تتقبّل التفاهم الجديد وما يعلنه من متغيّرات ويبشر به من تحوّلات. وقد انتهت المفاوضات عملياً على رغم بقاء نقاط خلاف على هامشها، وتكرّست الصيغ التي أرادتها وكرّستها دولة عالمية سابعة بين الكبار، بعدما تحوّلت صيغة الخمسة زائداً واحداً التي أضافت ألمانيا إلى الخمسة الدائمين الذين يملكون حق النقض في مجلس الأمن إلى مرجعية جديدة، لتصير بإضافة إيران مرجعية شاملة غير معلنة لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط وضمان التدفق السلس للطاقة، وضمان الحلّ السلمي للنزاعات.
هكذا تفرّغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقيادة حلفائه في “بريكس” وتحالف “شانغهاي” استعداداً لمرحلة جديدة سياسياً واقتصادياً، مرحلة لم يعد فيها للقطبية الأحادية فرصة حكم العالم وعلى القوى التي تحمّلت دفع فواتير قرارها المستقلّ أن تستعدّ لجني الثمار، ولأنّ إيران شريك مميّز في الحلفين اللذين تحجز فيهما مقعد المراقب، كانت وساطة الرئيس بوتين مع إيران لافتتاح المناخ الإيجابي في الخليج وتهيئة الأجواء لمحادثات سعودية إيرانية تبدو ضرورية لفكفكة الكثير من العقد التي تضغط على المنطقة، ناقلاً قناعة موسكو وتيقنها من وجود متغيّرات سعودية يمكن الرهان عليها. وتكاملت مساعي بوتين مع الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، وتواصل المسؤولين الروس بالقيادة السعودية، مع نتائج خلوة وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف، لإنتاج البيئة المناسبة التي تكللت بالإعلان عن هدنة في اليمن، لا تتضمّن فرض أي شروط على الثوار الحوثيين مما كانت تطلبه السعودية ويعلنه حلفاؤها في سلطة منصور هادي، بينما تضمّنت بصورة واضحة نقل صلاحية التفتيش البحري والجوي من اليد السعودية إلى اليد الأممية، ما يعني عملياً بدء فك الحصار الاقتصادي عن اليمن.
في لبنان، غابت الأحداث الدولية والإقليمية الكبرى عن السمع، بعدما طغى صراخ الوزراء ورئيسهم وهم يتبادلون الاتهامات والإهانات والتهديدات، خصوصاً المساجلات الساخنة التي جرت بين وزيري التيار الوطني الحر جبران باسيل والياس بوصعب وبين رئيس الحكومة تمام سلام، بينما كان الشارع المجاور لمكان اجتماع الحكومة في السراي يضجّ بصراخ شباب التيار الوطني الحرّ ومصادمات جرت بينهم وبين القوى الأمنية تدخل الجيش لفضها.
اللافت سياسياً للمراقبين كان السيناريو المدروس الذي بادر به الوزير جبران باسيل للإمساك بناصية التحدّث في مجلس الوزراء، مذكراً باستمرار أنه يمارس دستورياً جزءاً من صلاحيات رئيس الجمهورية، بالغاً مرحلة التشويش على كلّ من يتحدّث لأنّ لا آلية لتقاسم صلاحيات رئيس الجمهورية، ولا حق لرئيس الحكومة بتولي هذه الصلاحيات ولو على مستوى رئاسة الجلسة من دون تفاهم تامّ على كلّ الآلية، وفي المقابل اكتفاء حلفاء التيار الوطني الحر في حزب الله وتيار المرده بالتحدّث عبر مداخلات هادئة لتأكيد الوقوف بصورة مبدئية ولكن حاسمة مع ما يقوله الحليف العوني. أما على الضفة الأخرى فقد كانت الدهشة من تحوّل صقور تيار المستقبل إلى حمائم تركوا رئيس حكومتهم وحيداً يتيماً يواجه سيل كلمات زميلهم باسيل وهم على صمت وبرود، حتى استنزفت المواجهة رئيس الحكومة وأصابه التعب، فتدخل وزير الداخلية نهاد المشنوق لاصطحاب سلام وباسيل والوزير محمد فنيش عن حزب الله إلى غرفة جانبية مكرّساً وفقاً لعدد من الوزراء مرجعية ثلاثية للحكومة، ولدت فيها صفقة تمرير بند وحيد في ختام الجلسة حفظاً لماء وجه رئيس الحكومة، مقابل تأجيل الاجتماع المقبل للحكومة إلى أسبوعين مقبلين لتكون الجلسة الأولى المقبلة مخصّصة لما طلبه وزراء التيار من بحث محصور بآلية عمل الحكومة في حال فراغ كرسي رئيس الجمهورية، وكيفية توزع الصلاحيات بين رئيس الحكومة والوزراء.
النهار : وقائع جلسة الاستفزاز والصخب وافتعال الصِدام أي نتائج للتصعيد العوني وهدنة الأسبوعين؟
كتبت “النهار”: اذا كانت تسوية “لاغالب ولا مغلوب” على الطريقة “السلامية” الشهيرة انقذت الحكومة من انفجار كاد أن يكون حتميا مع افتعال وزير الخارجية جبران باسيل مشادة مع رئيس الوزراء تمام سلام على اعين الاعلام والصحافة قبيل بدء جلسة مجلس الوزراء “المفصلية” امس، فان ذلك لم يحجب الآثار السلبية للهجوم العوني المنسق الذي توزع بين الداخل الحكومي والخارج “الشارعي”. صحيح ان التسوية “اشترت “هدنة اسبوعين للحكومة وللفريق العوني المدعوم “سياسيا “لا شارعيا من حلفائه “حزب الله” و”المردة” والطاشناق، لكن المواجهة في صورتها العامة شكلت مردودا سيئا للفريق العوني وإن يكن شاء الظهور مظهر منتزع المكسب الاول في “حربه” الناشئة على الرئيس سلام تحديدا.
ذلك ان تصعيد النبرة الكلامية ضد سلام الذي اضطر للمرة الاولى الى الرد بحدة على باسيل، لم يقتصر على وقائع الجلسة بل اتسع عبر اطلاق حملة تهجم واكبت الشعارات التي رفعها المتظاهرون العونيون والتي شابها بعد طائفي ابعد عنوان المطالب السياسية عن أطرها المعقولة. كما ان نفي وجود قرار بتنظيم التحرك الاحتجاجي المواكب للجلسة والقول بأنه كان تحركا “عفويا” بدده التجمع منذ الصباح في سن الفيل ومسارعة مجموعات الناشطين عند الاشارة الاولى التي صدرت مع افتعال المشادة في مستهل الجلسة الى وسط بيروت مما أثار تساؤلات عما اذا كان القول بعفوية التحرك يعكس استشعارا بفتور الاستجابة للتحرك على النطاق الواسع الذي رغب فيه الفريق العوني ولم يكن على مستوى طموحاته. ولعل النقطة السلبية الثالثة تتمثل في الالتباس الذي نشأ عن التسبب بمواجهات بين المتظاهرين والقوى الامنية والعسكرية والتي أوقعت جرحى في صفوف المتظاهرين بينهم النائب حكمت ديب الذي أصيب بكسر في احدى أصابع يده كما في صفوف العسكريين.
وعلمت “النهار”أن تسوية “لا غالب ولا مغلوب” التي انتهت اليها جلسة مجلس الوزراء امس تمثلت في إقرار الحكومة بند المستشفيات كما طلب رئيس الوزراء في مقابل الموافقة على أن تبحث الجلسة المقبلة للمجلس بعد أسبوعين في آلية عمل الحكومة .وقد ولدت هذه التسوية وسط صخب حاد بدأ قبل إفتتاح الجلسة بسبب مبادرة الوزير باسيل الى الكلام على صلاحيات رئيس الجمهورية من دون أذن من الرئيس سلام الذي قاطعه وطالبه بالتزام النظام وسط تصفيق من أكثرية الوزراء. بعد ذلك انتحى وزير الداخلية نهاد المشنوق بالوزير باسيل خارج قاعة مجلس الوزراء للتشاور في مخرج ومن ثم انضم الوزيران المشنوق وباسيل الى لقاء مع الرئيس سلام ووزير التنمية الادارية محمد فنيش تخلله عرض هذه التسوية تمهيدا لاعتمادها في الجلسة الموسعة للحكومة. وفي هذه الاثناء دخل وزير الصحة وائل أبو فاعور ووزير المال علي حسن خليل منتقدَين عدم إشراكهما في المشاورات، فبادر الوزير المشنوق الى شرح ما جرى فوافقا عليه لتسلك الامور بعد ذلك في اعمال الجلسة. والخلاصة لما انتهى اليه الفصل الحكومي الاخير، هو احترام صلاحيات رئيس مجلس الوزراء وإعطاء الفرصة لـ”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” و”المردة” والطاشناق لبحث آلية عمل الحكومة.
كما علمت “النهار” أن مجلس الوزراء، وبعد اقفال أبوابه دون وسائل الاعلام التي غطّت المشادة بين سلام وباسيل شهد أيضا معاودة الجدل بين رئيس الوزراء ووزير الخارجية. ومما قاله الرئيس سلام للوزير باسيل: “أنت بلا وفاء وبلا ذوق. لقد مضى عليّ سنة ونصف سنة وأنا أتحمّل تعطيلك ودلعك وتأتي اليوم لتتكلم على الآلية والدستور؟”. فصفق وزراء “اللقاء التشاوري” و”المستقبل” والاشتراكي للرئيس سلام .ثم تولى عدد من الوزراء الكلام ولاسيما منهم الوزير المشنوق الذي قال: “نحن أمام مشكلة لا يمكن تجاهلها كما لا يمكن التطاول على صلاحيات رئيس الحكومة من حيث إفتتاح الجلسة ومن حيث جدول الاعمال، علما أن الرئيس سلام هو الاكثر حرصاً على تطبيق الطائف”. وكانت مداخلة للوزير بطرس حرب انتقد فيها بشدة انحراف الجلسة عن الاصول مما يشكل سابقة خطيرة في عمل مجلس الوزراء وشدد على انه لا يحق لاي وزير دستورياً ترؤس الجلسة لان تطبيق هذه النظرية يؤدي الى ترؤس 24 وزيراً مجلس الوزراء. واكد ان المحافظة على صلاحيات رئيس الجمهورية تبدأ بانتخاب رئيس وليس بتعطيل جلسات انتخابه وتفريغ موقع الرئاسة المسيحي. وطرح اقتراحاً باقرار بند أو بندين من جدول الاعمال ومن ثم تؤجل الجلسة افساحا في المجال للتفتيش عن حل.
المستقبل : الحكومة تعطّل التعطيل وتقرّ بند المستشفيات و”الآلية” قيد النقاش بعد الفطر العونيون يعتدون على الجيش.. وسلام يحجّم باسيل
كتبت “المستقبل”: بالعين المجرّدة وبالوقائع المتجردة من أي نوازع سياسية، ثبت أمس أنّ “الحشد الشعبي” هي عبارة فضفاضة قياساً على تجمهر العشرات من مناصري “التيار الوطني الحر” في وسط العاصمة تلبيةً لنداء رئيسه النائب ميشال عون في مشهدية رأت فيها أوساط مسيحية “صورةً هزيلة ونتائج استطلاعية مبكّرة غير مشجعة لشعبية الجنرال”. أما في جوهر المشهدية فدلالات ومؤشرات لافتة ومؤسفة جسّدها العونيون في الشارع من خلال اعتدائهم على الجيش وإصابتهم 7 عسكريين بجروح مختلفة، بينما كان الوزير جبران باسيل يتعدّى في حرم مجلس الوزراء على صلاحيات رئيس الحكومة محاولاً الاستعراض أمام عدسات الصحافيين بادعائه الدفاع عن حقوق المسيحيين والتحدث نيابةً عن “رئيس الجمهورية”، قبل أن تبوء محاولته بالفشل وينقلب الاستعراض تحجيماً له من قبل الرئيس تمام سلام الذي سارع بحزم واقتدار إلى وأد الشرارة العونية والانتفاض لصلاحيات الرئاسة الثالثة موبّخاً باسيل وسط تصفيق وتأييد وزاري عارم بالقول: “إن لم تستح فافعل ما شئت، عيب عليك عم تقلل أدب.. كلامك لا يليق لا بوزير ولا بالدولة”.
الجمهورية : جلسة مقاربة حكومية بعد الفطر… ومواقف بالجملة اليوم
كتبت “الجمهورية”: مع انسداد آفاق الحلول للأزمة السياسية بشقوقها الرئاسية والنيابية والحكومية وعودة التصعيد الى الشارع بما يهدّد الاستقرار الهَشّ المضمون بالإرادتين الاقليمية والدولية، عادت الانظار لتنصَبّ على الجيش بقيادة العماد جان قهوجي الذي نجح أمس في مواجهة تحدٍّ جديد، بحيث أنه مَنع انزلاق الشارع الى الفوضى مع ما يَستتبعها من تخريب للاستقرار العام، مُتكبّداً سبعة جرحى من دون أن يمسّ بحقّ التعبير عن الرأي الذي يَكفله الدستور، في وقت نجح رئيس الحكومة تمام سلام في امتصاص التحرّك العوني سياسياً، مُعيداً مجلس الوزراء، ومعه القوى السياسية، الى جَادة التوافق التي يفترض ان تؤدي في نهاية المطاف الى انتخاب رئيس الجمهورية التوافقي، خصوصاً بعدما ثبتَ للقاصي والداني انه الخيار الأمثل للخروج من الازمة. على أمل أن تنعقد جلسة مجلس الوزراء المقررة بعد عيد الفطر لتكريس هذا النهج التوافقي مَشفوعاً بالتداعيات الايجابية على لبنان والمنطقة التي يتوَسّمها الجميع من الاتفاق النهائي الوشيك في فيينا بين ايران والدول الغربية على الملف النووي الايراني.
في موازاة تصميم الجيش على المضيّ في إجراءاته بعد “التحركات العونية” في الشارع وما رافَقها من احتكاكات مع الجيش وسقوط جرحى في صفوف الطرفين، بَدا انّ رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون، الذي حَظي بدعم مُتجّدّد من “حزب الله”، ماض في تصعيده، متوعّداً بـ”مفاجآت كثيرة” ورافضاً أن يُسأل عن حلفائه، وواصفاً أمس بأنه يوم “تاريخي”.