مقالات مختارة

اليهودي النقي: تسفي برئيل

 

سمعت هذا الاسبوع صرخة انكسار من كل الاتجاهات في اعقاب الغاء اصلاح التهويد. حاخامات المدن سيفقدون صلاحياتهم في التهويد التي ستعود إلى احتكار الحاخام الرئيس، أي إلى الحاخامية الرئيسية والحريديين.

هناك سببان لهذا: ضياع التعددية في التهويد حيث تم التعهد باعطاء حاخامات آخرين صلاحيات التهويد، وحقيقة أن المساومة السياسية لا إرضاء الله، هي التي تسببت بالتراجع.

كان يمكن أن نصدق للحظة أن حاخامات المدن تسببوا بهزة ارضية في موضوع التهويد، وبجرة قلم حولوا 350 ألف ساكن إسرائيلي إلى يهود. لو كانت هذه هي النتيجة لما كانت حاجة إلى الانشغال بالتهويد. إلا أنه لم يتغير شيء جوهري، وكذلك الاستغاثة ضد الخدعة السياسية وكأننا أعدنا إسرائيل إلى العصور المظلمة، هذه الاستغاثة لا لزوم لها. يجب أن تكون ساذجا أو من سكان المريخ لكي تفكر أن التهويد هو موضوع ديني فقط ويحافظ على مسافة مع السياسة.

لكن من يعارضون الاصلاح نسوا الأساس: لماذا تحتاج دولة لدس أنفها في موضوع يخص ايمان وضمير الانسان. في دول إسلامية كثيرة حيث أن الدين هو جزء لا ينفصل عن الدستور المدني، فان من حق الشخص غير المسلم أن يختار الدين الصحيح وأن يتحول إلى جزء من الاغلبية، لكن هويته القومية لا ترتبط بذلك. فهو مواطن سواء كان مسيحي أو يهودي أو مسلم. في إسرائيل في المقابل لا يتعرض غير اليهودي إلى المعاناة من اجل التهويد فقط، بل إن انضمامه إلى الاغلبية القومية يتعلق بمصادقة المفتي اليهودي.

الدين لم يصل إلى هذه الدرجة من التفوق على الدولة في أكثر الدول الإسلامية ظلامية. عندما رفعت مؤسسات الدين في الدولة الإسلامية رأسها قامت السلطة ببساطة بتأميمها وتحويلها إلى جزء من نظام السلطة. في إسرائيل، الانتماء إلى النادي الديني الصحيح هو موضوع وجودي، ومن غيره يعتبر الساكن مشبوه حتى وإن خدم في الجيش ـ الاختبار الاول للقومية الإسرائيلية ـ وحتى إن استثمر في الدولة امواله وعمله وعقله.

لا يستطيع الزواج من زوج أو زوجة يهوديين في إسرائيل أو الدفن في مقبرة يهودية. فهو «ليس انسان» بالمعنى الديني والقومي. وحتى من ينجح في الالتصاق باليهودية ويحظى بشهادة رسمية، فانه يبقى طول حياته «معروف للربانية» مثل التعبير المنتشر في المجال الجنائي، وفي كل لحظة يمكن أن تسحب منه شهادة التهويد وكأنها رخصة سياقة. والى جانب سحب الشهادة تؤخذ منه البطاقة القومية. صحيح أنه يستمر كمواطن، لأن قانون العودة مرن بما يكفي من اجل السماح لمن كان والده فقط يهودي أو كان حفيد غير يهودي لشخص يهودي، بأن يتم قبوله كمواطن لكونه جزءً من «ذرية إسرائيل»، ولكن بين ذرية إسرائيل وبين اليهودي الملائم يوجد محيط.

لو كان الكنز محفوظا للمتهودين لكنا توقعنا أن اغلبية غير اليهود في إسرائيل سيتدفقون على أبواب مراكز التهويد وبيوت الذين يُهودون من اجل الحصول على اللقب. لكن عندما نرى أن 7 بالمئة فقط من مئات آلاف الآخرين تهودوا في العشرين سنة الاخيرة، فيبدو أن كل هذا الامر مجرد بالون، وأن أهميته ترتكز على عضلات الانتقائيين الذين يقررون من في الداخل ومن في الخارج. الضجة حول هوية الانتقائيين تبعث على التفكير على أنهم المشكلة. فلو كانوا مؤدبين أكثر وليبراليين في قناعاتهم مع القليل من الرحمة في قلوبهم، لكان التهويد مريحا أكثر. لكن هذا أمر مشوه. ومن يتحمل المسؤولية ليس حراس الحائط، بل الحائط نفسه.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى