متاهة نتنياهو : بن كسبيت
حتى بمفاهيم نتنياهو فان الحديث عن احدى المتاهات الاكبر على الاطلاق. صيغة الغاز الخاصة برئيس الحكومة لها اغلبية في الكنيست (رغم أنها سرية واغلبية اعضاء الكنيست لا يعرفون التفاصيل). لكن نقل الصلاحيات من وزير الاقتصاد إلى الحكومة من اجل التوقيع على البند الذي يتجاوز المسؤول عن القيود (الذي لا يوافق على الصيغة)، وأن توافق على الصيغة، هذا النقل ليس له اغلبية. بل إن جماعة «حاضر سيدي رئيس الحكومة» لم تكن لتنجح في كتابة سيناريو كهذا.
يستطيع نتنياهو تقديم الادعاءات بحق نفسه. فهو الذي بنى برج أوراق اللعب، وهو الذي يشاهده يتفكك. هو الذي أوجد توقعات نهاية الاسبوع وتسبب بالدراما التي ما زالت تكبر أمام عينيه، فقط كي يفهم أنه حفر لنفسه بئرا عميقة وأراد أن يسقط كل من رغب في رؤيته وهو يعاني.
حتى كتابة هذه السطور، ليس هناك اغلبية لنتنياهو من اجل نقل الصلاحيات من آريه مخلوف درعي إلى الحكومة، لذلك فكل شيء عالق. بيبي يقف على الجبل، يشتم الغاز، لكنه لا يستطيع الوصول. يمكن أن يتم شراء أحد اعضاء الكنيست في الليل، أو يتم حبس أحدهم في القبو، أو اقناع كحلون في اللحظة الاخيرة، أو غالنت أو حاييم كاتس، أو أي أحد، أو أن يتم تأجيل التصويت إلى موعد آخر. في الوقت الحالي الوزراء الثلاثة مصممون.
طلب غالنت أمس من شخص أن لا يصوت، حتى وإن أقاله نتنياهو. فقد سبق وأقاله. إنه معتاد. كاتس؟ لا يجب هدر الاقناع على كاتس. إنه يهودي عنيد. كحلون نفس الشيء. لديه ضميره الخاص به. اضافة إلى ذلك فان كحلون حسب رأيي لا يحب صيغة الغاز. نقطة. من بقي؟ درعي. درعي ايضا مصمم. هو لم يوقع. إنه يمثل الشفافين، وليس الاغنياء. حتى لو اعتقد أن الصيغة معقولة فانه يخاف. من الصعب العودة ومواجهة اللوبي الاجتماعي الذي يدوس على ذيله طول الطريق من سجن معسياهو. إنه ليس بحاجة إلى صيغة الغاز على كتفيه.
الخفي والمكشوف
اثنان قاما بتصميم هذه المتاهة لنتنياهو علنا، وهناك اثنان آخران فعلا ذلك سراً. الأولان هما آريه مخلوف درعي وافيغدور ايفيت ليبرمان. نتنياهو لا يحب رؤية درعي. ولو كان خنق أحد الوزراء هو أمر قانوني لكان نتنياهو قد خنق درعي بيديه. الغضب الذي يشعر به تجاه رئيس شاس شديد جدا. وقد كانت بينهما مكالمة هاتفية صعبة في صباح يوم الجمعة، مليئة بالتوبيخات المتبادلة. لماذا فعلت ذلك بي؟، سأل نتنياهو. لماذا لم تقل لي على الأقل مسبقا إنك سترفض التوقيع؟ درعي أجاب أنه لو أبلغ نتنياهو مسبقا لكان اتُهم بالامر. اصطكت أسنان نتنياهو. ولو كانت الظروف ملائمة لكان أقال درعي. لكن العالم ليس كاملا.
الثاني هو افيغدور ليبرمان. كان في الخارج وعاد أمس من حفل حصول إبنه على الشهادة الجامعية بامتياز. يئير لبيد واسحق هرتسوغ معروفان لدى ليبرمان. فقد تحدثا معه، وفهم ليبرمان القصة خلال ثوانٍ. صحيح أنه يؤيد الصيغة، لكنه ضد بيبي. ليبرمان فهم أن هناك مشكلة في الشفافية، ومشكلة في المسؤولية. سمع لبيد، الذي يفكر مثله تقريبا، وبعد ذلك سمع هرتسوغ. وقرر ليبرمان أنه إذا تهرب وزراء الحكومة من المسؤولية فلا حاجة إلى أن يهب هو ورجاله لانقاذ نتنياهو. درعي في وضع حرج مع ناخبيه، كحلون غير قادر على ترتيب وضعه. اذاً نحن الأغبياء؟ هناك أمران يريد ليبرمان القيام بهما في المعارضة: أن يرى بيبي يعاني، وأن يفرح. وقد حققت له خطوة أمس الأمرين بضربة واحدة، فقد كان سعيدا جدا أمس.
كان في استطاعة نتنياهو أمس انهاء الازمة بسرعة، وأن يعلن في الظهيرة أن التصويت سيتأجل، وبالتالي تفريق الجموع. لكن نتنياهو هو نفس نتنياهو يحب تمديد المعاناة لنفسه وتحويل الصراخ المتوسط إلى تراجيديا يونانية لا حدود لها. نقاش دراماتيكي حتى ساعات الليل المتأخرة، وتقارير في كل شبكات الانترنت وفي مقدمة كل نشرات الأخبار. عندما ستقرأون هذه الاسطر في الصباح فستعرفون كيف سينتهي ذلك، هذا إذا انتهى.
كحلون «مبسوط» في هذه الاثناء. فقد نجح في أن يكون مع ويشعر بـ لا، ولم يصوت ضد. لكنه نجح في تعليق الأمر. وهناك أمر آخر: كحلون يعرف أن نتنياهو فهم أخيرا ضرورة توسيع الحكومة. لا يمكن العمل هكذا. إذا علق هذا فكيف سيتم تمرير الاصلاحات والميزانية والتقليصات؟ كحلون يجلس فوق ننتنياهو بكل ثقله من اجل توسيع الحكومة. لكن حسب الوضع السائد لا يوجد شريك من اجل توسيعها.
وقت لبعض التحسينات
كلمة أخيرة حول الصيغة: مما قرأته ومما فحصته وسألت عنه في الاسبوعين الاخيرة، أعتقد أن الحقيقة تختبيء في الوسط، بين حملة الصلب المسيحانية ضد صيغة الغاز، وبين موقف نتنياهو. المشكلة الاساسية للصيغة هي غياب الشفافية والسعر. لا أعرف لماذا يصمم نتنياهو على المصادقة سراً، أعتقد أنه يمكن تغيير السعر. يجب عمل كل هذا بسرعة. بيبي حاول أن يسرع، من غير كل هذا، لكنه لم ينجح. أو أنه قد حان الوقت لبعض التحسينات.
معاريف