مقالات مختارة

حول “التجدد الحضاري” د. كمال خلف الطويل

 

 

عطفاً على ما انتواه المشروع النهضوي في بابه عن التجدد الحضاري فإن حصاد السنوات الخمس المنقضية، يري كل ناظر أن النكوص الحضاري كان ميسمها الواسم .

ينتصب سؤال لماذا؟ لأن الأمة تقبع الآن عند برزخ الشفق الذي تتوه فيه الملامح، وتختلط فيه الأوراق، وتضطرب فيه الرؤى

طيب، لماذا هي فيه وكيف وصلت إليه؟ سؤال كبير: لكن ما هو أكيد هو أن تنزيل طبائع السياسة على أرضيات الثقافة شوهّ معالم الحضارة عند العرب: مجتمعات وسلطات وأمة.

كيف تشوه التراكم الحضاري الذي كان عليه العرب عند مفصل الألفية.. ومنذ ذاك؟

بمفاعيل تراكم الخيبات المتصلة في رحلة قرن من الزمان: من سايكس-بيكو مروراً بوعد بلفور، ونكبة فلسطين والفتنة القومية – الشيوعية (58-63)، والانفصال السوري -61، وتهاوي مشروع الوحدة الثلاثية-63، وكارثة 67، ورحيل جمال عبد الناصر وأيلول الأسود -70، وخيبة 73 (باستثناء الأيام الأربع الأولى)، والحرب الأهلية اللبنانية 75-90، والحرب المجنونة بين العراق وإيران 80-88، واجتياح الكويت ملحوقاً بالحرب على العراق 90-91، ونظام العقوبات الشاملة عليه لسنوات ثلاث عشر، واحتلاله عام 2003 وما ترتب عليه من ذرّ قرن فتنة مذهبية دموية وصلت الآن إلى ذرىً غير مسبوقة … كل هذا معطوفاً على تبعية شبه مطلقة من جلّ الرسمية العربية للسيد الأمريكي، وعلى نهب منظم للثروة العربية من قبل تلك الرسمية وجماعاتها الزبائنية، وعلى تغول فاحش للأمنية العربية، تسلطاً على حياة الناس.

جمعُ كل هذه العوامل وضربها وتقسيمها يفرز – وقد أفرز – زلزالاً مهولاً يعصف بما حوله ويحيله ركاماً… حوليةٌ تدور وقائعها أمامنا بسرعة الضوء.

لقائل أن يقول: ما كان لما يجري أن يجري لولا ابن تيمية والمودودي وقطب .. في قولهم بعض صحة وكثير تزيد.. فكتابات هؤلاء كلهم كانت بين أيدي الناس في خمسينيات وستينيات العشرين ولم نرً لها أثراً فارقاً، بل ولا وازناً، في استلاب أذهان جموع واسعة من العرب، لا شيباً ولا شباناً… في ما بدأنا نتلمس أثراً متصاعداً لها منذ خيبة 73، مصحوبة ببزوغ الحقبة السعودية.

ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن ما وقى مجتمعات العرب من شرور الفتنة المذهبية والتشقق الاثني والتنازع القبلي كان المشروع النهضوي التوحيدي العربي الذي أمسك بعنان المنطقة ما بين 55-70، وفرض على كل القوى الدولية والإقليمية، ناهيك بامتداداتها “العربية”، مرجعيته المركزية.

في المقابل، فما إن دنا المشروع إياه من الغروب، بدءاً بكارثة 67، ومروراً برحيل عبد الناصر، وانتهاءً بخيبة 73 ومفاعيلها، إلا ووجدنا الكتب القديمة الصفراء وقد أصبحت ضابط إيقاع شرائح متسعة من الشباب العربي وناظم تفكيرها بامتياز، عبر رحلة امتدت عقوداً أربع، ونحن الآن على أعلى موجاتها.

والحال أن يُسر استخلاص الدواء يتأتى من حُسْن تشخيص الداء، أي في انصراف المرء إلى فصل الخطاب لا في التيه في دهليز حلزوني من وصف السيئات: هي سيئات، لكن قيمتها تطفو عندما لا يعود هناك مشروع وعندما تبهت معه حوامله.

كانت حصيلة الهيمنة الغربية والتبعية العربية والاستبدادو-فساد القطري استيلاد ردود فعلٍ شائهة أصاب ركام خيبات قرن أصحابها بعطب استقراء وذهان تقدير… جيلان من الشباب ضربهم اليأس من اليسار واليمين.. القومية والعلمانية.. الحداثة وما بعدها، وبحثت عن سبيل انعتاق فلم تجده إلا في الارتداد إلى الغابر وتنبيش الكتب الصفراء القديمة علّ ضالتها تقبع هناك.. ووجدتها فيها، أو هي ظنت وتظن.

ويشتد تعقيد المسألة عندما تحال على الإسلام كموطئٍ لهذه الانزياحات القادمة من سراديبٍ التأويل، فتُطيّر ملاءة واسعة من اللوم والملامة تقول ظاهراً وباطناً أن آيات وأحاديث وتفاسير هي أسّ الإشكال، وتحيل صراعاً متعدد الجهات، لكنه سياسي بامتياز، إلى منازلة قيامية ذات بعد واحد: طائفي أو مذهبي أو قبلي أو اثني أو جهوي، متكئة على بعضٍ من هذه النصوص.

ليس في التوصيف هذا طمسٌ لضرورة إصلاح أو منفعة تنوير إذ هو بابٌ طال انتظار ولوجه كونه مطلوب لذاته، ومن باب أن الدين حمّال أوجه، والعبرة في من يحمله ويحمل له فهماً يرعى الأصول ويتسق مع المتغيرات.

أهم ما يحتاجه الدين هو فصله عن الحاكم، وبعلم أن سيرته، منذ ما بعد الراشدين، هي في تسلط الأخير عليه لا في سطوته على الحاكم.. هذا أولاً.

وثانياً فهو وسيلة استنفارٍ للدفاع عن الأوطان لا لزجه في صراعات بنيه، سيما في زمن باتت فيه الدولة الحديثة – بالتعريف – تسلطيةً بطبائعها وقدراتها، وعلى قاعدة احتكار الدولة للعنف، ومن ثمّ فمن يمضى من عناصر مجتمعها إلى تحديها بالسلاح مآله الخسران، أو تراه يأخذ بيد وطنه إلى لجّة صراع دموي يكفل الخارجي أسباب استدامته.

وثالثاً، فالرهان على فتّ عضد دعاوى المتشددين باللجوء إلى تقنياتهم للرد والتفنيد سيلحق بنفسه دواراً لا شفاء منه، ذلك أن كثيراً من تلك الدعاوى قد يجد سنداً في آية أو حديث أو أكثر، ومن ثم عبثية القول بتكفيرهم – كما يفعلون بغيرهم – أو وصمهم بالمرتدين والزنادقة: هو سلاح مفلول.

هل يُفهم من قولي أن نترك ساحة الدين لمنتهبيه أن ينفردوا به ونسلّم الراية.. أبداً، لكن سبيل فلّ سلاحهم هو بالسياسة لا بالدين.. هو بمشروع نهضوي عروبي، لا بمحاججتهم سباً لابن تيمية وقذفاً بابن باز.

ورابعاً، فما يعسر عليَّ فهمه كيف لقوميين أن يدينوا المتشددين وينعتونهم بأشنع الصفات في ما هم ضعيفي الحيلة أمام منظومتهم العقدية ومقارباتهم الفكرية.. أمرٌ يقودني خامساً إلى نقطتين:

1 – أن الإسلام ليس حكراً على الإسلاميين.. هو للمسلمين وللعرب المسيحيين أجمعين، وعاءً حضاري يضم الثقافة والتاريخ في حومته، ويتشارك في الغرف من فيضه كل بني العرب بصرف النظر عن المعتقد لما هو ثقافةٌ قوميةٌ بامتياز، لا ملكاً لفئة بعينها تصادره بدعوى مرجعيته الوحدانية.

2 – أن فشل العرب لعقود ست في سبك ثنائية العروبة – الإسلام يعود في حيز رئيس منه إلى إرث قبوع الإخوان لقرابة نصف قرن: 55-90 في أحضان التبعية العربية، والتي انتفعت بخدماتهم العقائدية – منضافة على سلفيتها الجلفة – لشن حرب ضارية على فكرة وحركة القومية العربية، كما تُعزى في جزئيةٍ إلى غلظة البعث “السوراقي” في تعامله مع تجلياتٍ إسلاميةٍ في قطريه.

3 – وفي المقابل، فلقد حقق الإسلام السياسي في كل من إيران وتركيا مواءمة وظيفية معقولة مع نزوعاتهما القومية، على الرغم من توترات مضبوطة بين المكونين، أمرٌ لعمري كان أجدر بالعرب أن يحققوه من الجارين، إن لشيء فلأن الإسلام عربي التربة، ولأن العروبة حجر الرحى في بنيان شرق مسلم، لا أن يقف واحد في وجه الآخر مناطحاً بالكلمة والرصاص.

كيف نلحظ النكوص الحضاري في المناط الديني؟

لا يتسع الحصر لعدد المؤشرات: اسهال الفتيا لغير المؤهلين.. ارتفاع حس المتخلفين على المستنيرين بأشواط.. الانفصال الشبكي بين مظاهر التدين ورداءة السلوك.. تغليب المفرقات على المشتركات بين المذاهب .. تدخل المفتين فيما لا يملكون ناصيته، والطلب عليهم لنيل التسويغ. والأكيد أن مظاهر كتلك لم تكن إلا على الهامش، لا في المتن، أيام ما كان من مشروع نهضوي عربي، وهي ستعود إلى الهامش مع قيامة سلف له.

إن الحرب الأهلية الدموية العربية، في العراق وسورية واليمن وليبيا وسيناء مصر، قد أفرزت، بين ما أفرزته من كوارث، تجهيل جيلٍ هو بين العاشرة والعشرين من العمر، لم يعرف من الحياة إلا الرصاص والدم، ومن التعليم إلا هجرته والتسرب من مدارسه، ومن القيم إلا ما يتنافى مع مكارم الأخلاق، فلما ينضاف ذلك على تسرب مدرسي مزمن في كثير من أقطار العرب، وعلى نمط تعليم تلقيني لا يعرف لرعاية المهارات والمواهب درباً، وعلى طبقية تعليم وخصخصة تدريس، نكون أمام نتاجٍ شائهٍ من الشخصية العربية سيتبوأ سدة قيادة شعوبه بعد عقد أو عقدين.. رعاكم الله.

هذا كله في جاري الحوادث، فما بالك بخلفياتها ودواعيها.. إذ العد هنا بلا حدود: مثال كافٍ أن ثروة الطاقة، لعقود أربع، تثمّن في حدود 6 تريليون دولار، ذهب منها قرابة 1,5 تريليون إلى النمو و1,5 تريليون إلى السلاح، أما الـ 3 تريليون الباقية فمكثت في جيوب حكامٍ وتبعّهم.

وإذا أعملنا النظر في بضعة مؤشرات للحضارية لوجدنا النكوص، لا التجدد، هو سمة المسار، فالأمية صفة 70 مليون من أصل 400 مليون عربي، وانتاج المعرفة زهيد، ونسبة الانفاق على البحث العلمي متواضعة، وارتباط الجامعات بمراكز الانتاج محدود، وتوطين العلوم بالعربية مكدود: وهنا أتوقف لأشير إلى حقيقة أن لا نهضة علمية جادة إلا باللغة القومية، وما حال الصهاينة واليابانيين والكوريين، ناهيك بمن أدنىَ منهم سويةً علمية، إلا برهان على صحة المقولة.

والشاهد أن الترجمة الواسعة والفورية لكل مراجع الغرب العلمية هي المدماك الأساس في تأمين انسياب المعرفة المتلقاة، بالتوازٍ مع انتاجها الذاتي. ولمركز دراسات الوحدة العربية – عبر حليفته منظمة الترجمة – جهد مقدّر في هذا الصدد.

كيف تتجلى آيات النكوص الحضاري في المناط السياسي؟

مثلاً بسماع معزوفة أن الفيدرالية هي الحل، ليس فقط من بعض مبشّريها منذ قرابة عقد، ولا من الغرب الكولونيالي الذي يرى في تجويف الكيانات الرئيسة عبر فدرلة تحاصصية – إثنية ومذهبية – سبيله إلى ضمان التبعية من جهة وأمن وسلام إسرائيل من جهة أخرى.. ليس من هؤلاء فقط، بل ووصلت العدوى إلى دوائر لا يفترض أن يذهب تفكيرها ذلك المذهب، فتراها تنوس بين التهامس والصراحة بزعم أن سورية والعراق واليمن وليبيا أفضل بالتفدرل منهم باستمرار الحرب فيهم.

والثابت أن المثال العراقي ذاته كافٍ للدلالة على فداحة تهافت هذا المنطق وعوَره، فقد مضى على فدرلة العراق دزينةٌ من الأعوام ساءت خلالها أحواله مائة مرة عما كانت حتى غداة الاحتلال…. ومزيد من التفدرل، عبر إنشاء أقاليم جديدة مذهبية الطبيعة، وصفة خرابٍ مروّعة تنزل بالقاع إلى قاعه.

ثم لنتذكر معاً النموذج السوداني الذي قدّم إلينا عام 1998 على أنه مخرج المخارج من ويل الحال إلى معرج الأفق فإذا به ينتهي بانفصال جنوبي وفتنة دارفورية وتأهبات بيجوية وكردفانية ونوبية.

الفدرالية تقوم بين دول تريد أن تتحد، لا أن تكون أداة انفصال مغلف لمكونات دولة قائمة، ثم أن اللامركزية والحكم المحلي أمران لازمان لحياة الدولة الحديثة ولا يتناقضان مع وحدانيتها ومركزية بنيانها، أي لا صلة لهما بالفدرلة ولا حتى بالأقلمة (والتي هي تلفيق متذاكٍ للفدرلة).

ثم أن استحضار ضروراتٍ بعينها لا يجعلها أداة قياس، فالحكم الذاتي لشمال العراق الكردي، الذي عقده بعث العراق مع صاحب التمرد الكردي المسلح البرازاني، كان لاثنيةٍ طاغية في جغرافيا متصلةٍ على بقعةٍ معينة، وبالتالي فلا تثريب عليه.. أما التحول من الحكم الذاتي إلى إقليم فدرالي فهو الولوج إلى الانفصال الواقعي أو غير المعلن.

ثم إن الحكم الذاتي لكرد شمال العراق لا ينبغي أن يشمل مناطق ليس لهم فيها رجحان طاغٍ، ولا يمكن أن يُقتبس في سورية حيث يتوزعون على مناطق جغرافية ثلاث لا تواصل بينها، بل وليس لهم في أكبرها إلا 40% من تعداد مواطنيها.

القصد هو أن الاستثناء لا يصنع قاعدة، وأن وحدة القطر المركزية، مع لا مركزية الحكم المحلي لمحافظاته، هي الصيغة المثلى للحفاظ على أوطان الأمة العربية وشعوبها ومجتمعاتها.

نقطة أخرى من نقاط الفوات الحضاري: وضع الأمازيغية من جهة والزنجية من جهة أخرى في وجه العربية والعروبة.. بل والتنبيش في قديم الهويات لتخليق سندٍ يناصب العروبة العداء، وكأن أصحاب هذا النهج لا يعرفون أن الهوية هي سبيكةٌ من طبقات عمودية الارتسام، فيها المحلي والعشائري والجهوي والديني والمذهبي، ناهيك بسابقات الفرعوني والكنعاني والآرامي والسومري والبابلي والآشوري وغيرها.

ثم أن الأمازيغية لغةٌ لا تستطيع أن تجد أفقاً وظيفياً لها إلا بالتساند مع العربية، أي بتبني حرفها، لا حرفٍ مصطنعٍ هو التيفيناغ اخترعه المستعمر الفرنسي ليخلق انفصالاً ثقافياً هو أخطر من صنوه السياسي.

الأمازيغية بالحرف العربي تحفظ تراث السلف.. تتكامل مع لغة الوطن والأمة… وتتواصل مع العصر، في ما التيفيناغ ما هو إلا قناع للفرنسية، أي هو تجلٍ لتواصل الاستعمار بالثقافة، لا بالسلاح.

أما عن الزنجية: فالسودان لا يعرف أقلياتٍ بمقدار ما هو تركيبة من أكثريتين: واحدة ناطقة بالعربية وثانية زنجية اللون، فحتى في جنوب السودان المنفصل تعلو راية العربية على الانجليزية، بل وتنافس اللهجات المحلية.

يغدو النكوص الحضاري أجلى ما يكون في تيه المفاهيم وفوضى المصطلحات الممسك بتلابيب شرائح متسعة من الأمة: الشعب ليس أمة… الأمة هي من شعوب مايزها شيءٌ من التاريخ عن بعضها البعض، لكن ما بينها من ثقافة وجيوستراتيجيا وجغرافيا يكفل بوتقتها في أمة واحدة، وإن كانت – بالتعريف – غير مكتملة التكوين بحكم غياب دولتها القومية بعد… فلا يقال أمة ليبية أو سورية، بل هي أمة عربية وشعب ليبي مثلاً.

هناك أيضاً من يقفز في تعريف الهوية من القطري إلى الديني متجاوزاً العربي، أو يستبدله بالشرق الأوسطي أو المتوسطي، ناهيك بمن يحيي عظام القديم من هوياتٍ تراكبت فوقها عبر القرون تلك الرئيسة: العربية، فأضحى ذكر القديم من باب النكاية المفتعلة لا الاستحضار الحضاري.

والهوية الأمازيغية مثلاً هي أحد متلازمات ثلاث تصف من هم المغاربيون: أولها وثانيها هما العروبة والإسلام.

أما أعجوبة الأعاجيب فهم من يبتغي جرّ عقارب الساعة إلى الوراء بتقسيم ما تم توحيده، رغم تماثل الانتماء: أقصد اليمن… فالفرق بيّنٌ بين مظالم نتجت عن صراع سياسي، اتخذ منحىً جهوياً، وبين النكوص إلى ما كان من تشطير الوطن الواحد: أمرٌ دونه خرط القتاد مهما تلاعب بالمسألة عدو وصديق!

أصل من ذلك كله إلى خلاصة تقول: إن ما تكسّر رويداً من مشروع نهضوي عربي عبر العقود الأربع المنصرمة هو في فحواه مخرج الأمة الآمن إلى معراج جديد، يطرح فيه عنه ما ساءه مما حُسب عليه ممن حكموا بإسمه، ويغادر إهاب الرومانسية إلى فضاء الضرورة، التي من شقين: البقاء والنماء.

لقد وصلت الأيام بالأمة أن أضحت عروبتها لا ضرورة عروةٍ وثقى بين أشطارها فحسب بل عاصم وحدة كلٍ من هذه الأقطار واحدةً واحدة، أي أن قيمتها والحاجة إليها تضاعفا مرات ومرات بالقطري قبل القومي، ثم بالقومي منجاةً.

إن التبشير بالعروبة هو أضعف الإيمان في هذه الأوقات المأزومة والعصيبة، فاستعادة جيل من أعاصير الفتنة إلى رحاب القاسم المشترك الأعظم جهدٌ تنيخ تحت كلكله الجبال، وصوغ الذهن الجمعي العربي العام تحت عناوين الجَمع لا القسمة، وبترياق العروبة لاسمّ المذهبية والطائفية والقبلية والجهوية والاثنوية، مهمة مناطة بنخبٍ لم تضع البوصلة وتطوي في الصدور جذوة إيمان بأن ليس أمامها إلا شرف المحاولة، مهما كانت الصعاب والعقبات.. آمالها في العلا وأقدامها على أرض الحقيقة.

مدير عام مركز دراسات الوحدة العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى