القاتل الأبيض وقاتل السود ليس إرهابياًّ!!!بقلم: بنت الأرض
نشرت الأسشويتد برس صورة للشخص الذي قتل تسعة أمريكان أفارقة في كنيسة إمانويل في تشارلستون، جنوب كارولينا، كُتب تحتها: ” ديلان روف، الرجل الذي احتجزته الشرطة بعد إطلاق النار في تشارلستون، يوصف بأنه شخص هادئ وأنه بشكل أساسي كان انطوائياً”. وقد كتب آرثر بتللر في جريدة الغاريان البريطانية بتاريخ 19 حزيران مقالاً بعنوان: “إطلاق النار في تشارلستون: القاتلون السود والمسلمون “إرهابيون” فلماذا يتم تصنيف القاتلين البيض بأنهم “مختلون عقلياً”.
أول ما نلاحظه في الخبر الأساسي الذي صدّره الإعلام هو تسمية جريمة قتل تسعة أشخاص في كنيسة بينهم سيناتور أميركي وراعي الكنيسة بأنه “إطلاق نار” وليس جريمة قتل متعمدة، والملاحظة الثانية هي أنّ القاتل “هو رجل احتجزته الشرطة” وأنه “هادئ وانطوائي” وهاتانالصفتان هما بداية التبرير كي يتضح بعد ذلك أنه لديه مشاكل نفسية وأنه ليس مجرماً وليس إرهابياً لأنه أبيض اللون رغم أن زملاءه قد أدلوا بشهاداتهم أنه يكره السود وأنه يعتبر القضاء عليهم أمراً هاماً ولمصلحة الولايات المتحدة، ورغم أن مهاجمة هذه الكنيسة بالذات تحمل رمزية عنصرية معينة، لأنها الكنيسة الأولى للأفارقة التي تأسست في الجنوب عام 1818 وقادت ثورة ضد العبودية في تشارلستون، مع أن هذه الثورة فشلت في تحقيق أهدافها. كما أن الكنيسة كانت هدفاً لهجمات عنصرية سابقة لأنه تمّ بناؤها بتبرعات من منظمات مناهضة للعنصرية. وفي عام 1822 تمّ اتهام أعضاء الكنيسة أنهم يخططون لثورة ضد العبودية وتمّ إحراق الكنيسة عن بكرة أبيها. من كلّ هذا ومما شهد به زملاء ديلان روف تبدو الدوافع العنصرية والمعادية للسود في الولايات المتحدة أساسية في ارتكاب هذه الجريمة الإرهابية ضدّ أناسٍيمضون ليلة يقرأون الإنجيل، تماماً كما تمّ تفجير الشهيد البوطي وهو في المحرا ب يشرح ويفسّر كتاب الله للطلبة والدارسين.
ولنتخيل للحظة لو أنّ هذه الجريمة الإرهابية قد ارتكبها شخص أسود ضدّ مجموعة من البيض يدرسون الإنجيل في كنيسة، لما انتظر الإعلام كي يعرف أي شيئ عن حياة الشخص ونفسيته ولكانت الحادثة وصفت فوراً “بالجريمة الإرهابية” والقاتل “بالإرهابي” والحدث بالحدث الإجرامي الذي هزّ أركان العالم، ولما كان التعقل وعدم التجني واستخدام المفردات الحيادية وارداً على الإطلاق. من الواضح أنّ المشاعر العنصرية الدفينة هي التي تفرز اللغة المستخدمة. فإذا كان الضحايا من السود أو المسلمين فلا تعتبر الجريمة إرهاباً بل حادثة إطلاق نار. تماماً كما عودت الصهيونية العالم على مدى عقود أن ماتقوم به من قتل واغتيالاتوتدميربيوت في فلسطين أنها “إجراءات ضدّ متطرفين أو إرهابيين أو مخربين أو خارجين عن سلطة القانون”. وتماماً كما أن الذي قتل آن ليند، وزيرة خارجية السويد المؤيدة للحق الفلسطيني، برهن أنّه مختلٌ عقلياً ومجنون!! أمّا القاتل المسلم أو الأسود فيُصنّف بأنه إرهابي من لون بشرته أو اكتشاف عقيدته وحتى قبل معرفة اسمه. ولذلك فإنّ ضحايا الإرهاب في سورية وليبيا والعراق واليمن لا يتم التعامل معهم على أنهم ضحايا جرائم إرهابية يجب إدانتها ووقفها. بالعكس يتم التعامل مع الإرهابيين القتلة بشكل عادي وتبريري. ولذلك يسمّي الغرب كل هؤلاء الإرهاببين في سورية بأنهم “معارضة مسلّحة” أي يُصبغون عليهم صبغة سياسية ويبررون إجرامهم. ذلك لأنّ الضحايا كلهم من العرب والمسلمين. أي أنّ الإرهاببين في سورية والعراق وليبيا قد حظوا بكرم التعامل معهم الذي يحظى به القاتل الأبيض سواء أكان في الكيان الصهيوني أم في الولايات المتحدة. أي يتم التماس الأعذار لهم ولا تتم إدانة جرائمهم ولا يوصمون بالإرهاب. وأنّ ضحايا هؤلاء الإرهاببين من العرب والمسلمين قدرهم قدر السود في الولايات المتحدة لأنّ النظرة العنصرية للسود في الولايات المتحدة هي ذاتها النظرة العنصرية للفلسطينين في فلسطين من قبل الصهاينة ولكل العرب والمسلمين من قبل الدوائر الصهيونية والغربية التي تموّل وتسلّح وتسهل وصول الإرهابيين إلى ديارنا المقدسة. إذاً العنصرية والاستعمار هما المكونان الأساسيان لهذه الهجمة الإرهابية الشرسة ضدّ العرب والمسلمين في ديارهم وضدّ الفلسطينيين في فلسطين وهما أساس التمييز الذي مازال واضحاً ضدّ أصحاب السحنة السمراء في الولايات المتحدة. وهذه حقائق التاريخ والجغرافية والتي تشهد على إبادة حضارات راقية وكاملة من قبل المستعمِر الأبيض. فكيف يمكن لهؤلاء أن يكونوا دعاة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وهم لا يؤمنون حتى بالمساواة الإنسانية بين البشر لا في ديارهم ولا في ديار الآخرين؟؟
انتهى