هذه هي نتائج معركة جرود عرسال دوللي بشعلاني
صحيح أنّ معركة جرود عرسال قد بدأت منذ أسبوعين لكنّ أحداً لا يعلم متى ستنتهي، وكيف. يتوقّع المحلّلون السياسيون أن يكون النصر لـ«حزب الله»، والجيش اللبناني في هذه المعركة، غير أنّهم يؤكّدون أنّ أثماناً باهظة سوف تُدفع مقابل التحرير. فخسارة شباب المقاومة وعناصر الجيش دفاعاً عن سيادة الوطن وحدوده أمر محتوم. غير أنّ ما يخشاه المراقبون السياسيون هو فرار عناصر «داعش» و«جبهة النصرة» الى الداخل اللبناني.
وتشير المعطيات حتى الآن الى أنّ التكتيك الذي يتبعه الحزب على الأرض من خلال قطع جرود عرسال الى قسمين وخلق خط فاصل بين التنظيمين لعزل المعركتين بعضهما عن البعض، يُخشى منه أن يُضيّق الخناق على التكفيريين، فيلجأ عناصر «جبهة النصرة» الى عرسال، فيما يفرّ عناصر «داعش» نحو رأس بعلبك والقاع. عندها لا بدّ من احتدام المعارك مع الجيش اللبناني المنتشر بكثافة على الحدود، ما يعني أنّ الحسم سوف يستلزم أشهراً، وليس أسابيع فقط.
كما أنّ وصول الإرهابيين الى المناطق اللبنانية الحدودية، تجده أوساط سياسية بارزة أمراً خطراً جدّاً، يجب منع حصوله بشتّى الطرق إذ لا يجب قطع الطريق عليهم للعودة الى المناطق السورية، وفتحها أمامهم للدخول الى لبنان. عندئذ سوف يتمّ إدخال البلد كلّه في المعارك الدائرة في سوريا، مع العلم أنّ الحكومة اتخذت قرار تحييد لبنان عن الصراعات الجارية في الدول المحيطة به. وعندئذ أيضاً لن تُشكر المقاومة على فتحها معركة جرود عرسال من دون حسبان النتائج.
والانتصار في المعركة لا يكون بتشتيت عناصر التنظيمات التكفيرية أو هروبهم الى الداخل اللبناني، بل بالقضاء على أكبر عدد ممكن منهم، وإبعادهم قدر المستطاع عن الحدود والمناطق اللبنانية، على ما تضيف الأوساط، وعدم وقوع أي أسرى من عناصر المقاومة أو الجيش في قبضة هؤلاء مجدّداً. وإلاّ فإنّ تضحية خيرة الشباب اللبناني بحياته ستذهب هباء في حال تمكّن هؤلاء من خرق الحدود والتسرّب الى الداخل.
وتؤكّد الأوساط نفسها أنّ المعركة الحالية تقوم على أساس إحكام الطوق على التكفيريين لتصفيتهم أو أسر بعض منهم، وليس العكس. ولهذا لا بدّ من وقفة تضامنية مع الجيش اللبناني لحماية الحدود البقاعية والشمالية كافة، ولمنع التكفيريين من الوصول الى أي منطقة لبنانية داخلية. وهذا ما يحصل بالفعل، فأهالي المناطق الحدودية يبدون تعاطفهم وتضامنهم مع انتشار الجيش في القرى الحدودية، ولهذا لا يبدون أي خوف من التنظيمات المتطرّفة. فظهر المناطق محمي من قبل الجيش، على ما يقولون، ولهذا لا نخشى أحداً.
لعلّ مثل هذا الكلام يُطمئن، ليس فقط الجيش والحزب، بل أيضاً سكان البلدات الداخلية الذين ينتظرون نتائج معركة الجرود بصبر نافد، ويأملون تحقيق الإنتصار فيها في أسرع وقت ممكن، رغم علمهم بأنّ تحرير أراضٍ شاسعة مثل جرود عرسال لن يحصل بين ليلة وضحاها، خصوصاً أنّ التكفيريين يربضون فيها بالآلاف. وكانت لديهم مخططات ومحاولات لتحقيق الخرق من جهة ما للوصول الى الداخل.
المهم أنّ المعركة الحالية، وإن لم تنتهِ بعد، قد حقّقت حتى الآن عدة أمور بحسب الاوساط ابرزها:
1- كسر مخططات الإرهابيين بجعل جرود عرسال مقرّاً لهم في لبنان، يتوسّعون منها نحو المناطق اللبنانية الداخلية.
2- القضاء على أبرز قادتهم، كما على الكثير من عناصرهم وحثّ الكثيرين على الفرار من الجرود.
3- إثبات أنّ لبنان، من خلال جيشه ومقاومته، ليس كسائر الدول العربية يُمكن للتكفيريين خرق حدوده والسيطرة على مناطقه وممتلكات شعبه.
4- مع تحقيق الإنتصار، لا بدّ وأن نُظهر للعالم بأنّ اللبنانيين وحدهم قادرون على تسطير الإنجازات، وعلى دحر الإرهابيين وتخليص شعبهم من شرورهم التي تتراكم يوماً بعد يوم، على عكس الدول الأخرى التي لا تواجههم سوى بالخطابات والبيانات.
ولهذا فإنّ معركة جرود عرسال يجب أن تنتهي بانتصار الجيش والمقاومة، مهما حاولت الدول الداعمة للتكفيريين من كسر قوّة الجنود اللبنانيين، لأنّه بهذا النصر فقط نعيد للدولة والجيش هيبتهما، على ما شدّدت الأوساط، سيما أنّ «داعش» و«النصرة» اعتقدا بأنّهما سجّلا الانتصار على لبنان من خلال أسر العسكريين اللبنانيين في معركة عرسال في آب الماضي. علماً أنّ ذلك لم يتمّ بفعل قوّة عناصرهما بل بفضل المساعدة المحلية التي قُدّمت لهم.
على كلّ حال، تجد الأوساط نفسها، أنّه ما دام لدى «حزب الله» أسرى من تنظيمي «داعش» و«الجبهة»، فإنّ مصير الجنود اللبنانيين لا يزال بأمان رغم المعارك الشرسة الدائرة في الجرود. ولا بدّ من انتظار النصر، لكي تتمّ مبادلتهم بأسرى التكفيريين الذين يُتوقّع أن يزداد عددهم في الأيام المقبلة.
(الديار)