مقالات مختارة

المقاومــة شوكة في حلق الأعداء ثريا عاصي

 

بالإضافة إلى المسألة الوطنية المعقدة، الناتجة في الأصل عن المأزق الذي وقعت فيه الدولة المارونية، ما أدى إلى إنهيارها في سبعينيات القرن الماضي وإلى تمدد نظام الحكم العربي التقليدي المتخلف والغليظ إلى لبنان، متلفعاً بعباءة آل سعود ومثقلا بمكرماتهم! نشأ حزب الله كحصيلة منطقية لسلوك هذا النظام العربي في لبنان، الأرعن والمعيب أثناء غزو المستعمرين الإسرائيليين لهذه البلاد في سنة 1982، فصار هذا الحزب فعلياً المشكلة الأساسية التي تؤرق وتقلق في آن، المستعمرين الإسرائيليين والنظام العربي.

أظن أني لا أجانب الصواب بالقول أن المستعمرين الإسرائيليين لا يحتملون وجود حزب الله في لبنان، بما هو تنظيم يضم على الارجح، بضعة ألاف من المقاومين المتمرسين بفنون القتال بما لديهم من أسلحة ثقيلة ومتطورة . حاول المستعمرون الإسرائيليون في تموز 2006 القضاء على المقاومة ولكنهم فشلوا . رغم الخسائر الكبيرة التي الحقوها بالسكان المدنيين في جنوب لبنان، ورغم الكلفة العالية نسبياً التي اضطروا إلى دفعها . لم تكن حرب تموز 2006 نزهة!

وفي السياق نفسه، لا غلو في القول أن المستعمرين الإسرائيليين لم يكونوا وحيدين في هذه الحرب الأخيرة، في مواجهة المقاومة اللبنانية . كان النظام العربي إلى جانبهم، كانت دول «الإعتدال» والتطبيع معهم . يجب أن لا ننسى هذا المعطى الأساسي في مقاربتنا للمتغيرات والمتبدلات التي تتوالى على بلادنا منذ احتلال وتقسيم العراق، وتفرقة العراقيين!

ولكن إذا كان من السهل أن نتبين أسباب إعتراض المستعمرين الإسرائيليين على وجود فصائل من المقاومين في لبنان، مزودين بأسلحة ثقيلة، هذا لا يعفينا من الإجابة على السؤال عن الأسباب التي تجعل آل سعود والسعوديين في بلاد العرب بوجه عام وفي لبنان على وجه الخصوص، يشهرون العداء ضد هذه الفصائل؟ عدو عدوي صديقي؟ أم عدو صديقي عدوي ؟

أكتفي بهذا الإستطراد في موضوع لست هنا بصدده. فما أود قوله هو أن آل سعود توسلوا في هذا الزمان، الدين في الحرب ضد حزب الله فكفروا أعضاءه وأنصارهم وجميع أتباع المذهب الإسلامي الشيعي . الأعراب كما كانوا دائما، على دين حكامهم. السلطة والمال . نتج عن ذلك أن اللبنانيين إنقسموا إلى فريق سعودي وفريق إيراني. تدور بينهما حربان، واحدة كلامية في أروقة السلطة، وثانية عسكرية في سوريا والقلمون وجرود عرسال .

لا أعتقد أن أحد الفريقين اللبنانيين يريد إلغاء الفريق الآخر . ينبني عليه أن المواجهة العسكرية الدائرة بينهما في سوريا وعلى الحدود، غير مرشحة لأن تتمدد . الأعداء اللبنانيون يتعايشون . يستتبع ذلك أن بلوغ الهدف المتمثل بنزع سلاح المقاومة وتعطيل قدراتها على إعتراض إنزلاق النظام الرسمي العربي نحو التطبيع والتسوية مع المستعمرين الإسرائيليين، يقتضي الإستعانة بقوات غير لبنانية تأتي من خارج لبنان . للبنان ثلاث بوابات، سورية، فلسطين المحتلة وبوابة بحرية. من المحتمل أيضا، أن تكون هذه القوات «نائمة» في الراهن أو أنها في طور الإعداد في مخيمات اللاجئيين الفلسطينيين والسوريين. تنسيق أمني على نسق مثيله في الضفة الغربية! حرب تحرير وطني بأداة مذهبية في مواجهة حرب مذهبية خدمة للمستعمرين!

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى