مقالات مختارة

حماس مُبدعة التمويه: شاؤول برطال

 

الصاروخ الذي سقط أول أمس ورد الجيش إسرائيل في قطاع غزة يثيرا ثانية الخوف من الاشتعال. محللون مختلفون زعموا أنه ربما حماس لا تكون مسؤولة عن اطلاق الصواريخ، ربما يتعلق الامر بتنظيم متمرد مثل الجهاد الاسلامي أو منظمات سلفية توجد في القطاع، ولهذا يجب ألا نرى في هذا الخرق كسر للأدوات لحماس على ضوء تفاهمات الجرف الصامد، وبناء على ذلك مطلوب رد حذر اذا كانت حاجة للرد.

ليست هذه هي المرة الاولى التي تختار فيها حماس خرق اطلاق النار الذي وافقت عليه والقاء المسؤولية على تنظيم آخر. احيانا يدور الحديث عن تنظيم غير معروف لسلطات الامن. هكذا مثلا في أيار 2011 كشف في التحقيق مع ايوب عزام احمد أبو كريم، من القطاع، بأن هناك تنظيم اسمه «حماة الاقصى»، الذي يستخدم كذراع لحماس ومهيأ للتمويه على نشاطاتها في مجال اطلاق الصواريخ. يبدو أن الحديث يدور عن تنظيم لا يلتزم بتعليمات حماس، وبسبب ذلك فان إسرائيل لا تستطيع اتهام حماس بخرق تفاهمات «الرصاص المصبوب». إن من عمل على ترسيخ هذا الاسلوب هو فتحي احمد محمد حماد، وزير الداخلية السابق في حكومة حماس، والمقرب من الذراع العسكري للمنظمة.

سوية مع محمد ضيف هما يقودان اليوم خطا هجوميا وصارما ضد إسرائيل. أبو كريم اعتقل وقدمت ضده لائحة اتهام في حزيران 2011، لكن الاسلوب بقي ويواصل التعبير عن نفسه. هذه ظاهرة تعمل في اطارها حماس على تنفيذ العمليات الإرهابية ضد إسرائيل بواسطة تنظيمات اخرى يتم تشغيلها من قبل رجال رفيعي المستوى في المنظمة عاملين على ابعاد بصمات اصابع حماس.

ايضا في العمليات الانتحارية في القدس يبرز الوزن المموه لحماس. علاء أبو دهيم نفذ عملية في الكنيس في 2008، هو قريب لعائلة عمران أبو دهيم الذي نفذ عملية الدهس في الطور في أيار 2014. بعد تنفيذ العملية في الكنيس امتنعت حماس عن أخذ المسؤولية على عاتقها، وتنظيم آخر غير معروف حتى ذلك الحين سمي بـ «كتائب احرار الجليل» أخذ المسؤولية على عاتقه، وكذلك الامر عن عملية الجرافة في تموز 2008. فقط في 25 كانون الاول 2010 أعلن أبو عبيدة، المتحدث باسم حماس، في مؤتمر صحافي في غزة بأن تنظيمه يقف من وراء العملية. أبو عبيدة امتدح العملية الجهادية الشجاعة لعلاء أبو دهيم الذي قتل 8 صهاينة وجرح عددا منهم. ثانية نفس الاسلوب ـ تنظيمات إرهابية وهمية تأخذ المسؤولية على نفسها عن العمليات واطلاق الصواريخ على إسرائيل وتموه بصمات اصابع حماس.

لكن في حالة قطاع غزة يبدو أنه ليس هناك شك حول مسؤولية حماس عن اطلاق الصواريخ على إسرائيل. فحماس تسيطر على القطاع بصورة تامة.

عقيدة المقاومة متجذرة جدا في المجتمع الفلسطيني في غزة وتضم كل الاجنحة العسكرية للتنظيمات الإرهابية المختلفة. بدءً من كتائب عز الدين القسام (حماس)، سرايا القدس (الجهاد الاسلامي) وشهداء الاقصى (فتح)، كتائب أبو علي مصطفى (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، لجان المقاومة والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. جميع التنظيمات تسمي نفسها في الاعلانات وفي المواقع المختلفة جيش الدفاع الفلسطيني، وتُظهر وحدتها التنفيذية. في مواقع الجهاد الاسلامي، خلال عملية الجرف الصامد، تفاخروا بتقسيم القطاعات في غزة وبالتنسيق العملياتي القائم بينهم وبين حماس. تنسيق تم التعبير عنه باقامة غرفة عمليات مشتركة تضم كل التنظيمات في القطاع، وعلى رأسها الجهاد الاسلامي وحماس.

الرسالة الإسرائيلية، التي تتضمن قصف قيادات فارغة لحماس والجهاد الاسلامي، هكذا نشر، لن تمنع استمرار المقاومة. «تهديدات الاحتلال لن تمنعنا من مواصلة درب الجهاد والمقاومة حتى تحرير القدس وفلسطين»، أعلن اليوم اسماعيل هنية في القطاع، لكنه اعتبر الصاروخ الذي أطلق كصاروخ تائه.

ليس عبثا أن انكبوا في حماس باجتهاد على الانتاج الذاتي لصواريخ غراد وجربوها. حماس تستعد للجولة القادمة، والآن تُذكرنا في كل مرة بوجودها وبقدراتها.

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى