من الصحافة الاميركية
كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن شكوك مسؤولين إسرائيليين في قدرة حكومة تل أبيب على تدمير البرنامج النووي الإيراني، بحال تصرفها بشكل منفرد.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي للصحيفة إن “الأمر سيستغرق عامين على الأقل، للتحضير لهجوم قد يتسبب في أضرار جسمية لمشروع إيران النووي”، مؤكدا أن “ضربات على نطاق أصغر قد تلحق الضرر بأجزاء من البرنامج النووي الإيراني، دون إنهائه، قد تكون ممكنة في الوقت القريب”.
وذكر مسؤولون إسرائيليون أن “الجهود لتدمير عشرات المواقع النووية في أجزاء بعيدة من إيران، سيكون خارج نطاق الموارد الحالية للجيش الإسرائيلي”.
بدوره قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد ريليك شافير إنه “من الصعب جدا بل من المستحيل إطلاق حملة من شأنها أن تطال كل هذه المواقع النووية”، مشيرا إلى أن القوة الجوية الوحيدة التي يمكنها تنفيذ إطلاق حملة تستهدف كل المواقع النووية الإيرانية هي القوات الجوية الأمريكية.
وأوضح شافير أن “لدى إيران عشرات المواقع النووية، بعضها في أعماق الأرض يصعب على القنابل الإسرائيلية اختراقها وتدميرها بسرعة، وأن سلاح الجو الإسرائيلي ليس لديه طائرات حربية كبيرة بما يكفي لحمل أحدث القنابل المدمرة للتحصينات لذلك يجب قصف هذه المواقع بشكل متكرر بالصواريخ، وهي عملية قد تستغرق أياما أو حتى أسابيع”.
قالت مجلة فورين بوليسي إن القراصنة الإيرانيين باتوا قوة لا يستهان بها بعد أن كانت المخاوف الغربية تتركز على القراصنة الروس.
وشنت جهات إيرانية هجمات على أهداف أمريكية وتمكنت من الوصول في تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي إلى مجموعة واسعة من البنيات التحتية الحيوية، بما فيها مستشفى للأطفال بحسب المجلة. وأصدرت أمريكا وبريطانيا وأستراليا تحذيرا مشتركا من الهجمات الإيرانية ما ينبه إلى تزايد خطورتها.
وتوصل خبراء من الشرطة الفدرالية الأمريكية، والمركز الأسترالي للأمن السيبراني والمركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة إلى استنتاج بأن طهران تدعم مجموعة “التهديد المستمر المتقدم” وهي تسمية تُعطى غالبًا لمجموعات مخترقين تدعمها الدول.
وتقول المجلة إنه مع الاهتمام هذا العام ببرامج “الفدية” للقراصنة الروس، يبدو التهديد الإيراني مفاجئا.
نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالا للباحثتين الأمنيتين، بيكا واسر وإليسا إيورز قالتا فيه، إنه منذ إعلانه ترشحه للرئاسة، أوضح جو بايدن أنه يريد إعادة التوازن إلى الوجود العسكري لأمريكا في الشرق الأوسط.
ووعد بايدن أيضا بـ “إنهاء الحروب الأبدية في أفغانستان والشرق الأوسط”، وإيقاف “حقبة العمليات العسكرية الكبرى لإعادة تشكيل دول أخرى”، مقابل تحويل نظر واشنطن إلى الصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ الأوسع، بحسب المقال “.
لكنّ الباحثتين قالتا، إن تعديل الوجود العسكري ليس واضحا تماما، خاصة بعد الانسحاب من أفغانستان المثير للجدل، إذ تبدو إدارة بايدن مترددة بشأن ما تختاره أمريكا في النهاية، ففي حين سحبت واشنطن بعض مواردها من الشرق الأوسط، وعد مسؤولون في الإدارة، بمن فيهم وزير الدفاع لويد أوستن، شركاء إقليميين قلقين بأن “التزام أمريكا بالأمن في الشرق الأوسط قوي ومؤكد”.
ولطالما سعت واشنطن إلى تغيير حجم وجودها العسكري في المنطقة، ولكن تجرها إليها الأزمات والصراعات التي سعت إلى النأي بنفسها عنها.
وكان الرئيس السابق دونالد ترامب وعد بالعديد من الانسحابات العسكرية من المنطقة، لكنه أرسل آلافا إضافية من القوات مع تصاعد التوترات مع إيران في عامي 2019 و 2020، كما أن خطط الرئيس أوباما عام 2011 لتحجيم المهمة في العراق قوضها ظهور تنظيم الدولة في عام 2014.
وترى الباحثتان أن أمريكا تحتاج إلى إعادة تقويم رصين للأدوات العسكرية التي ينبغي أن تخصصها للشرق الأوسط، وهذا لا يعني الانسحاب من المنطقة أو التغاضي عنها. لكنه يستلزم تقييما واضحا لكيفية ترتيب أولويات الموارد العسكرية لواشنطن، وكيفية ربطها بشكل أوثق بأهدافها الاستراتيجية.
وهذا يعني بحسب المقال التركيز بشكل أضيق على حماية نفسها وحلفائها من الإرهاب، وردع إيران عن تطوير أسلحة نووية، والحفاظ على تدفق التجارة وحرية الملاحة، ويعني أيضا أن تتعلم واشنطن تقديم فن الحكم الدبلوماسي والاقتصادي على العمل العسكري.
وكانت واشنطن نشرت في البداية أعدادا كبيرة من القوات في المنطقة في أعقاب الأحداث الإقليمية في أواخر السبعينيات وما تلاها من عقيدة كارتر عام 1980، والتي ألزمت أمريكا بأمن دول الخليج.