بقلم غالب قنديل

إيران تهشم الغطرسة وتفضحها في مفاوضات النووي

 

غالب قنديل

كان القائد الخامنئي في منتهى الحكمة عندما سمى التفاوض النووي بالملحمة ليس فحسب لأنه أظهر الطابع المصيري لهذه المفاوضات انطلاقا من طبيعة الأهداف الحضارية العليا لإيران من امتلاك التقنيات النووية وتوطينها وكذلك لتحذير استباقي من وعورة الطريق التفاوضي قبل انتزاع الاعتراف بالحقوق المشروعة وهو يعلم بوعيه الاستراتيجي أن هذه الحصيلة المرتقبة تمر باختراق وتخطي حواجز احتكار وتحكم عالمية قاهرة فاستحقت تسمية الملحمة .

هي ملحمة أيضا بعظمة ما تلبيه في حصيلتها من تطلعات اقتصادية وحضارية وعلمية وارتقابات يبنى عليها الكثير في التخطيط المستقبلي اقتصاديا وتقنيا وصناعيا وطبيا وبالتالي حضاريا وبذلك كله راكم السيد الخامنئي زخما معنويا وثقافيا لقوة اندفاع شعبيه داعمة للوفد المفاوض الذي بات رمزا للعظمة والاقتدار في نظر الإيرانيين جميعا بمن في ذلك بعض خصوم الثورة الإيرانية ومعارضي الجمهورية في المنافي والمغتربات وبدا ممثلا لأهداف جامعة وتطلعات مستقبلية وللانتماء القومي إلى أمة عريقة تشق طريقها بقيادة صلبة وحكيمة.

في كل فصل ومع كل جولة من التفاوض الإيراني مع المجموعة الدولية تتجلى عظمة الأمة الإيرانية وقوة دولتها الحديثة وحضارية تطلعها السلمي لامتلاك الطاقة النووية وتطبيقاتها الأحدث تقنيا وصناعيا وطبيا بما يؤسس للارتقاء والتقدم الحضاري بإدماج أحدث العلوم المعاصرة ومخرجاتها وتطبيقاتها المتعددة واقعيا في بنية عملاقة ومتقدمة مما يعد بوثبة حضارية هائلة في مسار التطور والتقدم التاريخي لإيران الحديثة المستقلة بل إن البرنامج النووي بنتائجه يعزز استقلال إيران الحديثة ويحصن استغناءها عن أي ارتباط اجنبي للتمكن العلمي والتقني وهي بفضل الوعي والإرادة باتت قادرة على تقديم المساعدة للدول وللشعوب الشقيقة الطامحة التي تمتلك إرادة الاستقلال ورفض الهيمنة وتعتنق هوية التحرر ومقاومة الهيمنة.

تجربة إيران خلال العقود الماضية منذ قيام الجمهورية تقدم البرهان على منهجية تغلب التضامن الإقليمي والأممي واعتناق قضية التحرر وتكافؤ المصالح في العلاقة بين البلدان والشعوب على أساس الندية ونموذج العلاقات بين الجمهورية والدول الصديقة في المنطقة والعالم يؤكد هذه الحقيقة ونحن لم نقصد بالتعيين ما جسدته العلاقة الأخوية مع الشقيقة سورية ومع العراق الشقيق حيث تشهد ملاحم المقاومة والتحرر والصمود لحجم المساعدة الإيرانية السخية وقيمها النوعية ولسمو شكلها السياسي والحقوقي وترفعها بروح المصالح والتطلعات المشتركة مع احترام شديد للخصوصيات والحساسيات المحتملة.

يعرف العالم كله والغرب بالذات وفي مقدمته الإمبراطورية الأميركية ان ايران باتت تمتلك قوة عسكرية جبارة ومقتدرة لكنها تحصرها بمهام الدفاع والردع وهي لم تقم طيلة عقود بأي بادرة عدوان ولم تشن حربا في جوارها القريب والبعيد وكانت في حالة الدفاع المشروع عندما فرضت عليها حرب ظالمة خطط لها أخطبوط الهيمنة الغربية والكيان الصهيوني ودفع بدولة جارة إلى أتونها المدمر وبات معلوما ان تلك الحرب الظالمة كانت تستهدف تدمير قدرات واقتصاد إيران والعراق معا واليوم نجد في القوة الإيرانية العملاقة قوة حامية لسائر الجيران والشركاء في وجه التهديد والابتزاز والإملاءات.

العلاقات التي تربط إيران بسورية والعراق ولبنان تجلت بجوهرها الأخوي في العقدين الأخيرين وهي ساطعة بإشعاعها الأخوي ومنجزاتها النوعية التي تعزز امكاناتها وقدراتها الكثيرة وتضاعفها وسيجد سائر أشقاء ايران وشركائها أن يدها ممدودة وجاهزة للمساعدة في البناء والتقدم الصناعي بروح الأخوة والتعاون.

من أهم أدوات فضح الهيمنة الاستعمارية وتعريتها في نظر سائر الشعوب تقديم المثال النقيض في علاقات الأخوة والشراكة وذلك هو هدف للسياسة الخارجية ولشراكات إيران ودعمها لدول الشرق ولحركات المقاومة والتحرر وهو جوهر تحول تاريخي تعهدت إيران تحقيقه منذ انتصار ثورتها العظيمة وقيام الجمهورية التي هي اليوم منارة مشعة للتحرر والتنمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى