من الصحافة الاسرائيلية
بينما تتواصل الهجمات الفلسطينية الفدائية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، لا تتردد الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في الاعتراف بأنها تواجه صعوبة في التعامل مع ما تصفه بـ”التهديد الأمني الفلسطيني”، رغم أن هذه الصعوبة تعطي الهجمات مزيدا من الأجواء المناسبة لها، وفي الوقت ذاته تعمل على تقويض التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، مما يعني أن التكيف الإسرائيلي مع الوضع الراهن قد يتحول مع مرور الوقت إلى حفاظ على الوضع الراهن الموصوف بـ”الهش“.
ويبدو السلوك الإسرائيلي اليوم تجاه الهجمات الفدائية الفلسطينية مغايرا للتصور الإسرائيلي للأمن، الذي يعود لأيام دافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء، وتركز أولاً وقبل كل شيء في الرد على التهديدات الوجودية التي تواجه إسرائيل، التي تمثلت في الماضي بالجيوش العربية النظامية التي هددت باجتياح حدودها، بينما تتشكل اليوم من خلال التهديد النووي الإيراني، الذي تستثمر فيه جهودًا متعددة، وبجانبها المقاومة الفلسطينية.
البروفيسور آيال زيسر أستاذ دراسات الشرق الأوسط كتب مقالا بصحيفة إسرائيل اليوم، جاء فيه أن “ترسانة الصواريخ التي يملكها حزب الله وحماس صحيح أنها لا تمثل تهديدًا وجوديًا، لأنها لا يمكن أن تعرض وجود إسرائيل للخطر، لكنها قد تسبب خسائر في الأرواح وأضرارًا مادية، وتعطيل حياة الإسرائيليين، وتعطيل أداء مؤسسات الدولة للأمور الحيوية والحاسمة، لكن المفارقة الإسرائيلية أنها تنظر للتحدي الأمني الحالي في الهجمات الفلسطينية بأنه ثانوي من حيث الأهمية”.
وأضاف أن “الترتيب الإسرائيلي للهجمات الفلسطينية في مرحلة تالية من حيث خطورتها يأتي رغم أن هذه العمليات تتصدر عناوين الصحف عندما يكون هناك هجوم طعن أو دعس، بزعم أنه يتبعها هدوء أمني “وهمي”، مما يثير شكوكا كبيرة حول المكانة التي تحظى بها هذه الهجمات، وما تشكله من تحد أمني حقيقي وخطير، كونها حولت حياة الإسرائيليين إلى جحيم لا يطاق”.
الانتقاد الإسرائيلي للتعامل “الفاتر” إزاء الهجمات الفلسطينية يأتي من كونها باتت تمثل تحديا أمنيا مستمرا، بل وجوديا، مما يجبر الحكومة على التصرف والرد، لكن الخوف من انهيار الإسرائيليين، وإمكانية توجيه ضربة قاتلة لروتين حياتهم، يدفع ذات الحكومة للتباطؤ، وعدم المبادرة، وإزاء هذه الخلفية يطرح الإسرائيليون السؤال حول كيفية تعامل إسرائيل مع التهديدات التي تواجهها في الضفة الغربية، وهي هجمات يقوم بها أفراد وحيدون، ويصعب التنبؤ بها، أو توقعها، ويستحيل منعها أيضًا.
وتعيد الهجمات الفلسطينية في 2021 إلى أذهان الإسرائيليين ما شهدته انتفاضة الأقصى قبل 20 عامًا فقط، حين اندلعت تفجيرات كبيرة في المدن، أسفرت عن مقتل المئات من الإسرائيليين وشل الحياة في الشوارع الإسرائيلية، رغم ما بذلته الأجهزة الأمنية وجيش الاحتلال في حينه من قدرة عملياتية وجهود كبيرة، لكن النجاح في المهمة لم يكن بديهيا، لا سيما بالتزامن مع انهيار أجهزة أمن السلطة الفلسطينية إبان تنفيذ عملية السور الواقي.
التحدي الإسرائيلي القائم في الضفة الغربية يزداد رغم أن لها سيطرة كاملة عليها، وقد يكون محكوما عليها بمواصلة مواجهة واقع “لا تبتلعه ولا تتقيأه” في هذا الفضاء المعقد، رغم مساعدة السلطة الفلسطينية لها، لكن إسرائيل لا تجد حلاً عمليا يوقف العمليات، بل تخشى من تصعيد كبير، بالتفجيرات الكبيرة، أو انطلاق موجة واسعة من أعمال العنف واسعة النطاق، خاصة مع ظهور لبنان على مسرح المواجهة بقيادة حماس، التي قد تتسلح بترسانة صواريخ تغطي كامل تل أبيب، وفق التقدير الإسرائيلي.
كشفت صحيفة اسرائيلية عن رفض الولايات المتحدة الأمريكية طلبا إسرائيليا، بتقديم موعد تزويد “تل أبيب” بطائرات شحن عسكرية تساعد في نجاح أي هجوم إسرائيلي في إيران.
وقالت صحيفة يديعوت أحرنوت في خبرها الرئيس الذي أعده يوسي يهوشع، إنه “على خلفية زيارة وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس إلى الولايات المتحدة والتقارير عن التعاون العملياتي المزعوم بين إسرائيل والأمريكيين، وبعد الحديث عن مناورات سبق أن نفذت في الماضي، طلب الجيش الإسرائيلي مؤخرا من الجيش الأميركي تقديم موعد تلقي طائرتي شحن بالوقود من أصل 4 اتفق عليها في صفقة المشتريات الأخيرة في صالح الجاهزية حيال إيران”.
وأكدت أن “الجواب الأميركي كان سلبيا” موضحة أن “اللجنة الوزارية لشؤون التسلح، أقرت شراء أربع طائرات شحن بالوقود من طراز (KC-46) والتي تصل إلى مدى يزيد عن 11 ألف كيلومتر، والأهم من ذلك، الطائرات قادرة على أن تبقى في الجو من 11 حتى 12 ساعة”.
ولفتت يديعوت إلى أن “طائرة من هذا الطراز يمكنها أن تفتح صندوق شحن وقود في البحر المتوسط، أو في أي مكان آخر، وتشحن عشرات الطائرات القتالية عبر أنبوب شحنها، الذي استثمرت مليارات الدولارات في تطويره”.
مسؤولون في الجيش الإسرائيلي “حاولوا إقناع نظرائهم في الولايات المتحدة، كجزء من الاستعداد حيال النووي الإيراني، بتقديم موعد تلقي طائرتي شحن بالوقود ولكن الطلب لم يقر لكن الجيش يأمل في أن ينجحوا السنة القادمة في إقناع الأمريكيين بذلك”.
وذكرت الصحيفة أن “صفقة طائرات الشحن بالوقود، كان ينبغي تمويلها قبل نحو سنتين على الأقل بعد أن أقرت في عهد رئيس الأركان السابق، غادي آيزنكوت الوزير الأسبق أفيغدور ليبرمان، وبسبب الأزمة السياسية في إسرائيل، لم تقرها اللجنة الوزارية لشؤون التسلح، التي لم تنعقد في تلك الفترة”.
وتابعت: “من أجل تنفيذ هجوم في إيران، يحتاج سلاح الجو لطائرات شحن جديدة بسبب المسافة البعيدة التي تصل لأكثر من ألف كيلومتر في كل اتجاه”، مشددة على أن نجاح الهجوم في إيران إذا ما تقرر، يعتمد على وصول تلك الطائرات.
وزعمت أن “الجيش الإسرائيلي في هذه الأثناء يشدد في الاستعدادات لإمكانية الهجوم، وبالتوازي مع صفقات المشتريات للذخيرة وصواريخ الاعتراض للقبة الحديدية، يعد سلاح الجو خطة تدريبات مفصلة ومحدثة”.
وفي الأشهر القادمة بحسب “يديعوت” “ستكون حركة تدريب يقظة للطائرات القتالية، وهذا ما أعلم به غانتس الأمريكيين، حيث أصدر تعليماته للاستعداد لهجوم في إيران”، وفق المزاعم الإسرائيلية.
ونوهت أنه “رغم الضغط الإسرائيلي لتشديد العقوبات على طهران، بالتوازي مع محادثات النووي، في واشنطن لا يزالون يرون في الهجوم الخيار الأخير”.