مقالات مختارة

لا يوجد تاج للخلفاء: تسفي بارئيل

 

هل يستمر ابو بكر البغدادي في قيادة «تنظيم الدولة» (تنظيم الدولة الاسلامية)؟ وهل نائبه ابو علاء العفري، قتل؟ ومن بالحقيقة يدير نشاطات الدولة الاسلامية؟ فعلى الرغم من التفاصيل التي ترافق الظاهرة المفزعة لعمليات الاعدام التي يقوم بها تنظيم الدولة.

وعلى الرغم من الاشرطة المسجلة التي يبثها حول انتصاراته العسكرية والتقارير العملياتية التي ينشرها على العشرات من المواقع الالكترونية التابعة له، الا انه فيما يتعلق بقيادته يسود صمت مطبق. وحسب الموقع الاخباري «ديلي بوست» فإن البغدادي يعالج من قبل 9 اطباء تم جلبهم خصيصا الى مدينة الرقة السورية، عاصمة «الدولة الاسلامية» وانه يقود التنظيم ويصدر التعليمات.

وفي المقابل، فإن التقارير على المواقع العربية تفيد ان البغدادي اصيب في عموده الفقري، ويعتقد البعض انه اصبح غير قادر على اداء مهامه. اما فيما يتعلق بالعفري، فالتقارير عن موته مرتبطة بالاعلان الذي بثته وزارة الدفاع العراقية، ولكن تقارير عن مقتله كانت قد تم بثها قبل نحو سنتين ايضا.

على اية حال، فإن العفري قد القى يوم الجمعة الفائت خطبة الجمعة في الجامع الكبير في الموصل، وهي الخطبة التي كان يلقيها بشكل تقليدي البغدادي. ومن المهم معرفة من سيقف اليوم الجمعة في مقدمة المصلين.

إصابة البغدادي، علاوة على مقتله او مقتل العفري، كشفت عن الخلافات التي تسود التنظيم – وليس في الفترة الاخيرة فقط.

فمنذ شهر كانون اول / يناير تسربت انباء عن خلافات بين من ايد حرق الطيار الاردني معاذ الكساسبة وهو حيا، وبين من طالب بإبقاءه رهينة على قيد الحياة. كما ان خلافات عميقة نشبت بين المتطوعين مع التنظيم من الدول الاجنبية، وبين نشطاء التنظيم العرب. فعلى سبيل المثال، تبين ان المتطوعين الناطقين باللغة الروسية، كالمقاتلين الشيشان ، والاذربيجيان ومن جاء من روسيا، لا يحبون لمتطوعين العراقيين، والمتطوعون الناطقون بالفرنسية يكرهون المتطوعون السوريون.

كما تسود الكراهية بين صفوف المتحدثين الروسية فيما بينهم وتنشب كذلك مواجهات بينهم، خاصة بين الشيشان والاذربيجان. ففي حادثة واحدة على الاقل طلب من احد القادة من الشيشان، ابو عمر الشيشاني، ان يفصل بين الاجنحة من اجل التهدئة، الا انها لم تصمد طويلا. وعلى الرغم من اسمه، الشيشاني، فهو جورجي الاصل واسمه الكامل هو طرحا تيمور ازوبتش، ووالده كان مسيحيا ارثوذوكسيا وامه مسلمة. و«اكتشف» الجهاد الاسلامي فقط في العام 2010، بعد ان تسرح من الجيش الجورجي بسبب مرض السل.

خلافات كهذه تشب اساسا بسبب توزيع المهام الكبيرة، وكذلك بسبب خلافات شخصية. فعلى سبيل المثال، في شهر شباط / فبراير قتل 18 شخصا من نشطاء تنظيم الدولة، في مدينة الحديثة بمنطقة الانبار، الى الغرب من بغداد، لان احد زعماء القبائل العرب رفض ان يزوج احدى بنات القبيلة لاحد افراد تنظيم الدولة من تونس. وهذا الرفض ادى الى مواجهة عنيفة دفعت بابو بكر البغدادي ان يتدخل بها، من اجل تحديد قواعد: كيف ومتى من الممكن ان يتم عقد الزواج بين افراد من تنظيم الدولة وبنات من السكان المحليين.

مواجهة عنيفة اخرى نشبت هذا الشهر بين نشطاء عراقيين من سكان تلعفر شمال غرب العراق، وبين نشطاء شيشان، حول تعيين واحتلال مواقع في مدينة نينوى، جنوب غرب الموصل. ونجح المقاتلون الشيشان بطرد جزء كبير من من النشطاء الذين قدموا من تلعفر واعادوهم الى مدينتهم، وليس قبل ان اتهم التلعفريين الشيشان بأنهم قدموا الى العراق فقط من اجل اشباع رغباتهم الجنسية. في حين اتهم الشيشان التلعفريين ان همهم الوحيد هو سرقة كل ما يستطيعون من الممتلكات.

الخلافات الداخلية هذه تمس بمنظومة التنسيق العسكري بين القوات. حيث ان القوات التي تقاتل في صفوف تنظيم الدولة مقسمة حسب اصولها العرقية. ويقف على رأس كل مجموعة قائد من ابناء طائفتهم، والذي قد لا يتحدث العربية احيانا. حيث يترك الخلاف بين القوات عواقب على الارض. فمؤخرا افيد ان مجموعة كبيرة من المقاتلين من سوريا قرروا ترك الجبهة في العراق والعودة الى مدينة الرقة السورية. وعلاوة على ذلك، فإنه اذا صحت التقارير في الغرب، ان تنظيم الدولة فقد جزء كبير من آبار النفط التي كان يسيطر عليها ويقدر عددها بحوالي 200، وان قواته تقلصت بنحو 25 بالمئة وكذلك منطقة سيطرته- خاصة في مدن عراقية مثل ديالا وصلاح الدين وأنه انكمش بصورة فعلية، فمن الممكن التقدير ان الصراع على تقسيم الموارد سيساهم اكثر في المواجهات بين مجموعات المقاتلين.

الصراع على الخلافة في تنظيم الدولة، ليس مفصولا وفقا لذلك عن المواجهات العرقية والسياسية بين مجموعات المقاتلين. كما ان التقارير التي افادت عن مقتل ابو علاء العفري، سوف تثير خلافات حول تعيين خليفة جديد لابو بكر البغدادي من غير العرب في اوساط المقاتلين العرب، وخاصة اولئك الذين قدموا من السعودية. الشرخ بين المقاتلين العرب وغير العرب تسببت مؤخرا في ان مقاتلين من تركمنستان امروا بالانتقال من الموصل الى تلعفر التي يوجد فيها عدد كبير من التركمان. ولنقل المقاتلين العرب الى الموصل.

مرشح آخر لقيادة التنظيم هو ابو محمد العدناني، ابن 38 سنة، والذي يشغل منصب المتحدث بإسم التنظيم ويعتبر الشخصية السورية الكبرى في التنظيم. الا ان العدناني لا يعتبر عالم شريعة اسلامي كما ان جيله الصغير نسبيا قد يحول دون توليه المنصب . ويتنافس على المنصب الى جانبه كل من طارق الخارازي من تونس، وابو علي الانباري، الذي كان ضابطا كبيرا في استخبارات صدام حسين.

نظريا، من يتحكم ويحسم قضية التعيين هو مجلس الشورى، الذي يضم في عضويته ما بين 9 ـ 11 عضوا. وهذا المجلس من شأنه ان يتشاور حول قائد يتمتع بقدرات على الصعيد الدين والسياسة، ولكن القائد غير ملزم بالتقيد بتوصيته. يتركز الخلاف حول الخلافة بين المجلس العسكري والمجلس الامني، الذين يؤدون دور الوزراء والمسؤولين عن النشاطات العسكرية للتنظيم. والى جانبها يعمل ايضا 6 مجالس مسؤولة عن الادارة المشتركة للمناطق التي يتم السيطرة عليها من قبل تنظيم الدولة. ومن بين هؤلاء يوجد المجلس المالي، مجلس الدعاية والاعلام، المجلس الشرعي، مجلس كبار الجماعة، ومجلس التقسيم الاداري، المسؤولة عن إدارة المناطق المختلفة الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة في سوريا والعراق.

هذا الهيكل الهرمي، تم تشكيله قبل الاحتلالات الكبرى لتنظيم الدولة على المناطق في سوريا والعراق، في حزيران / يونيو الماضي. وفي جزء منه تم التخطيط له من قبل اسامة بن لادن، وتم تطويره من قبل زعيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي. وهذه الهيكلية تضمن ان التنظيم لن يكون مرتبطا بقائد واحد. والذي من شأن غيابه ان يؤدي الى تفكك التنظيم. وعلى الرغم من ان القائد يجمع في يديه الصلاحيات الا ان التوزيع الاداري يتيح لكل «قائد اقليم» او امير محلي، مساحة واسعة من العمل وصلاحيات نوعية وادارة حرة وفقا للقوات والموارد التي نجح في تجنيدها في منطقته.

ومن هنا ايضا تنشأ الصعوبة في محاربة تنظيم الدولة، فعلى الرغم من ان عمليات القصف تلحق الضرر الكبير من موارد التنظيم، الا انها لم تنجح بعد في تحطيم البنية الادارية له او مصادر التمويل المحلية، غير المرتبطة فقط بتصدير النفط.

هذه الهجمات اوقفت الى حد كبير من تمدد «الدولة الاسلامية» الى مناطق جديدة، وحشرته في معركة محلية تتركز فقط في المناطق الواقعة تحت سيطرته. ويستعد التنظيم لمعركة ذات مغزى كبير على مدينة الموصل، والتي يسيطر عليها منذ حزيران / يونيو 2014. ويتجند ضده الجيش العراقي، المليشيات الشيعية التي تعمل بتوجيه وتمويل من ايران، ومقاتلو البشمرغة الاكراد، والتحالف الغربي. الفوز او الخسارة في هذه المعركة، التي لم يتحدد بعد موعد لبدايتها، سوف يقرر مصير التنظيم خاصة على الاراضي العراقية.

وهي من شأنها ان تكون المعركة البرية الاوسع منذ انسحاب الجيش الاميركي من العراق في العام 2011. ولكن طالما لا توجد نية بخوض حرب برية في سوريا، فسوف يتمكن التنظيم من الاستمرار في التمركز على اراضيها، التي تحول الخلافات بين المليشيات المتصارعة فيها من النضال المنظم ضده هناك.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى