من الصحافة الاسرائيلية
سلط خبير أمني إسرائيلي الضوء على المفاوضات الجارية في العاصمة النمساوية بين إيران والدول العظمى حول المشروع النووي الإيراني، معتبرا أن هذه الجولة من المحادثات هي اختبار لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وخياراتها في مواجهة النووي الإيراني.
وأوضح المحلل العسكري والأمني رونين بيرغمان في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت بالملحق الاستراتيجي أنه “يوجد على طاولة المفاوضات في فيينا، أكثر بكثير من مستقبل المشروع النووي الإيراني”.
وأضاف: “فبين السطور وخلف الابتسامات الدبلوماسية هذا الأسبوع ستتضح حقائق واسعة وأكثر جوهرية على العلاقات بين طهران وواشنطن وبين واشنطن وتل أبيب، على سلم أولويات إدارة بايدن والمستقبل الأمريكي في الشرق الأوسط، وأساسا، على استمرار مكانة اللاعب الأمريكي الدولي-المركزي، وقدرته على الإبقاء على قوة ردعه”.
ورأى أن “العودة للمفاوضات هي جزء من الصراع بين مؤيدي النهج الصقري في إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس حكومة إسرائيل السابقة بنيامين نتنياهو، ممن يؤمنون بأنه يمكن لجم إيران فقط بواسطة القوة، بما في ذلك العمليات السرية، والعدوانية والعقوبات، وبين أولئك الذين يتبنون نهجا دبلوماسيا في إدارتي باراك أوباما وبايدن، ممن يعتقدون بأن القوة لن تخضع إيران”.
وبحسب النهج المذكور فإن “الطريق الوحيد المفضل عمليا، هو الحوار، والحلول الوسط والاتفاقات، فقط هكذا سيكون ممكنا وقف السباق الإيراني إلى القنبلة” بحسب بيرغمان الذي قال: “من يقرأ مطلع وثيقة الأهداف المركزية لـ”Centcom”، قيادة المنطقة الوسطى الأمريكية، ,تساءل: لماذا تأتي واشنطن إلى فيينا؟ فالوثيقة تبث تصميما وتصلبا وتحدد بشكل واضح الهدف الأساس لـ 300 ألف جندي أمريكي بقيادة المنطقة الوسطى وهو ردع إيران، وبتعبير آخر فإن قيادة المنطقة الوسطى الأمريكية تستعد للحرب مع إيران”.
وذكر أن قائد المنطقة الوسطى الجنرال فرانك ماكنزي “كان قبل عامين من الذين أثروا على ترامب لاغتيال الجنرال قاسم سليماني، وأوصى فور ذلك بضم إسرائيل لقيادة المنطقة الوسطى، وقبل نحو شهر وصل إلى قيادة المنطقة المندوب الدائم عن الجيش الإسرائيلي”.
وكشف أن “إدارة أوباما وعدت إسرائيل بلجم إيران في حال فشلت كل الجهود، وأن قيادة المنطقة الوسطى ستهاجم إيران، بل إن وزير الدفاع بانيت عرض أمام نظيره في حينه إيهود باراك توثيقا مبهرا بالفيديو لقذائف خارقة للخنادق تم تطويرها خصيصا ضد إيران، لتدمير الأنفاق التي حفرت في الجبال في صحراء نيفادا”.
ولفت المحلل الإسرائيلي، إلى أن واشنطن وقعت مع إيران عام 2015 على الاتفاق النووي، معتقدين أنه “بوسعه أن يعفيهم من هذا الهجوم، وكان للاتفاق فضائل، حيث جمد المشروع النووي وألزم إيران برقابة دائمة، لكنه أيضا كان مليئا بالعيوب.
رغم ما تحوزه اسرائيل من قوة عسكرية وقدرات عملياتية متنامية تهدد بها من حولها من الدول العربية، فإنها في الوقت ذاته تواجه جملة تحديات أمنية وعسكرية تجعلها في حالة قلق وعدم استقرار على مدار الساعة.
ورغم أن اسرائيل قد تبالغ في الكثير من الأحيان في إظهار هذه التهديدات للاستمرار في ابتزاز الولايات المتحدة، فإن الأمر لا يخلو من الحقيقة، ولو بصورة نسبية.
يمكن الحديث عن سلسلة من التهديدات العسكرية والتحديات الأمنية التي تقف ماثلة أمام إسرائيل، وتثير بين حين وآخر نقاشات قوية بين المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية بسبب عدم جاهزية الاحتلال لمواجهتها، وإمكانية أن تباغته فجأة، ودون سابق إنذار.
وذكر الكاتب الإسرائيلي يتسحاق بن نير في مقال بصحيفة “معاريف” أن “إسرائيل تعترضها مجموعة من الإشكاليات التي تقترب من كونها تحديات وجودية، لا سيما في مثل هذه الفترة العالمية من إعلانات حالات الطوارئ، ما يتطلب التوقف عن استمرار الصراعات السياسية الداخلية بين الإسرائيليين أنفسهم، وما يمكن وصفه بالحروب الأهلية التي تقسم إسرائيل، والتعامل فقط مع التحديات الوجودية التي تواجه إسرائيل”.
وأضاف أن “التهديدات التي تنشأ ضد إسرائيل توصف بأنها تهديدات وجودية لم تعرفها الدولة من قبل، أهمها التهديد النووي الإيراني الذي يقترب من ذروته، رغم أن السنوات العشر الماضية شهدت تصديا من إسرائيل لهذا التهديد من خلال ما قام به بنيامين نتنياهو ويوسي كوهين من ألعاب نارية وعروض متغطرسة، لم تقم بصياغة وتنفيذ استراتيجية حاسمة لوقفه، مقابل تهميش هذه القضية في العقود الأخيرة في الأولويات المحلية والعالمية”.
وبجانب التحدي الإيراني تعبر محافل إسرائيلية عن قلقها مما تعتبره استيقاظا متأخرا على الأزمة العالمية، رغم التحذيرات المتتالية الموجهة لها، لكنها ما زالت “غارقة في النوم”، لا سيما بالتزامن مع ظهور التهديد المتمثل في استمرار وباء الكورونا، الذي ألقى بظلاله السلبية على جميع المتغيرات الإسرائيلية، حتى نشأ علم “التعايش مع الهالة”، على أمل اتباع روتين منضبط، للحد من توسيع نطاق الضرر الجماعي، بحسب الصحيفة.
ويتحدث الإسرائيليون عن ما يعتبرونه الكارثة الظاهرة في السياسة الدولية نتيجة تحالفات خطيرة، كما هو بين الصين وإيران، وربما مع روسيا وتركيا وكوريا الشمالية، وقد يستغل أعضاء هذا التحالف ضعف الولايات المتحدة في عهد بايدن، التي تصر على استخدام الوسائل الدبلوماسية والتصالحية فقط، رغم أنها لا تتوافق مع الواقع، بحسب المآخذ الإسرائيلية.
ومن شأن هذا الأمر أن يعيد “ترامب اليميني المتطرف والغبي” إلى السلطة، ما يعني عودة الحروب الإقليمية والهجمات المعادية، بحسب “معاريف”.
من جهة أخرى، تبرز أمام إسرائيل تحديات الهيمنة والصراعات؛ وسياسة الصين تجاه تايوان، وبوتين تجاه أوكرانيا والدول المجاورة الأخرى، في حلمه بتجديد الاتحاد السوفييتي. أما على الصعيد المحلي، فتظهر حماس والضفة الغربية و”فتيان التلال” من المستوطنين الذين يرتكبون أعمال العنف ضد الفلسطينيين.
وتتوقع المحافل الإسرائيلية أنه في إطار العقد المقبل فسوف تزداد “الأهوال” المتوقعة التي تحاول الحكومة الإسرائيلية الحالية الاستعداد لها، لكنها تتصدى لها وسط حالة من استمرار الصراعات السياسية الداخلية والشخصية الإسرائيلية والحروب الصغيرة “الغبية” التي تقسم إسرائيل، لأنه يسفر عنها أجواء من الاستفزاز والتحريض والكذب، الهادف إلى قلب الائتلاف الحالي، وترهيب قضاة المحكمة العليا، واحتجاز الكنيست كرهينة لبعض التوجهات الحزبية المتشددة.