اليمن والتحولات الكبرى في المنطقة
غالب قنديل
تتسارع تفاعلات الحدث اليمنى ونتائجه التي تنعكس على المشهد العربي برمته بصورة تقلب المقاييس بحيث حولت ارادة التحرر والمقاومة بلدا عومل طويلا بتهميش واعتبر طرفيا بعيدا عن مركز الصراع في المنطقة التي حكمها الصراع العربي الصهيوني كمركز استقطاب محوري تنتظم حوله حقول الصراع وميادين الاصطفاف وترتسم التحالفات والمسافات في قلب جغرافيا المشرق.
أولا الهوية القومية التحررية الواضحة تميز حركة انصار الله التي صاغت خطابها السياسي وبلورت هويتها الثقافية ببساطة وذكاء شديد متأصل في الشخصية اليمنية من دون تعقيد او تنظير مسبق وهي وجدت في الموروث الديني والقومي عناصر نسجت منها خطابها السياسي والتعبوي المناهض للاستعمار والصهيونية مستلهمة تجربة حزب الله وشعاراته التاريخية التي يصدح بها أحرار اليمن بعد عقود من رجع صداها في الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت مع اضفاء النكهة اليمنية الخاصة والخصوصية السياسية والظرفية التي تنتمي إلى تجربة نضالية أصيلة والتماثل اليمني اللبناني هو حاصل تناظر أصيل ليس فيه تكلف ولا استعارة بل تواصل طبيعي في تناقل الخبرات الثورية وانتشارها داخل البيئة القومية الواحدة.
المكانة المركزية للقدس وفلسطين في خطاب أنصار الله وهتافاتهم المباشرة وخصوصا أهازيج الزحف المقتبسة من حزب الله المقاوم تكتسي أهمية محورية في البنيان الثقافي والتعبوي للحركة وجمهورها.
ثانيا من الواضح أن قوى التحرر اليمنية استطاعت ان تفرض حضورها في قلب الوضع العربي واحداثه الجارية واليوم مع تقدم وسائل التواصل والنشر تعامل اخبار اليمن ويوميات الحرب على اليمن كحدث رئيسي راهن ومستمر يحتل مكانة مركزية في نشرات الأخبار وفي صدارة الصحف ووسائل الإعلام الإلكترونية باختلاف مواقفها وميولها وقد تهاوت جدران التعتيم الافتراضي والحظر السياسي التي سخرت لها الحكومات الرجعية امكانات هائلة فحقائق الصراع تفرض حضورها والقوى التحررية الوطنية اليمنية أثبت فاعلية متقدمة في الفضاء الإلكتروني العربي واستطاعت اكتساب خبرات مذهلة يدل عليها حجم الانتشار والتأثير والجمع المدمج والمبتكر للوسائل السمعية البصرية في الفضاء الإلكتروني بما يقدم للمتابعين منتجات سياسية وفنية غاية في الاتقان وبمستوى جمالي وابداعي يثير الإعجاب وهذه العملية الاعلامية الجماهيرية لها وظائف تعبوية فاعلة وظاهرة في اليمن كما انها تقدم صورة مشرقة في المحيط القومي حيث تصل تلك المنتجات الإعلامية في انتشارها عبر الأثير وفي الشبكة العنكبوتية التي أحسن الأشقاء اليمنيون استثمارها وتوظيفها في نشر رسائلهم المؤثرة.
ثالثا التراكم الموضوعي في عناصر التطور والتحول تنضح به مجريات الأحداث ومساراتها ومن يتابع يفهم ويستنتج ارتسام أفق انتصار ومخاض حسم ميداني يتقدم ولن يطول انتظار ثماره السعيدة في اليمن بفعل صلابة القيادة التحررية وجدارة القوى الشعبية المقاتلة في الميادين والساحات حيث تسطر ملاحم متلاحقة وتحقق إنجازات مذهلة بينما يشهد اليمن بمناطقه المختلفة اندحارا متصاعدا لقوى العدوان والعصابات العميلة وبين تساقط العقد العسكرية والجغرافية وحالات الانهيار السياسي والمعنوي لقوى العدوان ينتصب قوس انتصار ويرتسم أفق جديد للتحولات التي بلغت مربعاتها الفاصلة في الجغرافية بعد الحديدة ومأرب وباتت على مشارف المنعطف الكبير والحاسم حيث يقترب الكفاح اليمني من خط النصر النهائي ونتوقع ان تتحرك مؤشرات كثيرة ومفاجئة سياسيا على جبهة حلف العدوان ذات بعد انهياري حيث ستولد الهزيمة تداعيات خطيرة قد تطيح بالعديد من القادة والرؤوس كما حصل في جميع هزائم العدوان الاستعماري والحكومات العميلة في جنوب شرقي آسيا ولن يطول الأجل قبل ان تستولد الهزيمة في اليمن دومينو انقلابات وتحولات في هوة لا قعر لها ستبتلع المتورطين في لعنة الدم اليمني.