“فات القطار” وانقلبت المعادلة … مع التحولات القاهرة
غالب قنديل
يمكن لمن يوثق ان يجمع النقيضين من تصريحات المسؤول الأميركي نفسه فهو المتنمر الأرعن الذي يهدد ويتوعد حين يتلوى لتزيين شروط الإذعان والاستسلام وهو المتحذلق الذي يتحايل على الحروف والكلمات ليبرر تراجعات فرضت عليه بالقوة القاهرة وحين يداهمه إعصار التحولات يهرب من غير سابق إنذار فلا يسأل عن متاع او عتاد او عملاء بل يفتش كيف ينجو بجلده.
أولا ينبغي أن نذكر عملاء واشنطن وأبواقها دائما بمشاهد سايغون عند دخول ثوار الفيتكونغ وجيش التحرير الفيتنامي إلى العاصمة المحصنة وغيرها من صفحات الهزائم الأميركية أمام حركات التحرر والمقاومة في العالم الثالث وفي لبنان يفترض انعاش الذاكرة الوطنية باستمرار بصفحات الاندحار الصهيوني الأميركي وهروب أعتى الجيوش أمام المقاومة البطلة التي يتصرف بعض المعتوهين المنخلعين مؤخرا في التعامل معها بإنكار وبتجاهل قوتها العظيمة التي أذلت الكيان الصهيوني ويطمح المتطاولون بافتراض الخصومة مع حزب الله إلى الرفع الافتراضي من شانهم وقدرهم وهم الأذناب والتبع الأذلاء بصورة تحاكي بلاهة الضفادع في لعبة الظلال والصدى.
ليست الفطنة أو الحكمة وراء تلك العبارة وما فيها من إقرار واقعي بالتحولات في صحوة ضمير متأخرة وابتعاد عن أسلوب الاستعلاء الراسخ في سلوكيات الإمبراطورية الأميركية المتعجرفة والفظة في عدوانيتها واستكبارها وتنمرها كما هي ذليلة في تورية الهزائم والخسائر بتبريرات وذرائع شتى تتقن إخراجها وتسويقها والمفردة التي استخدمها ديفيد شينكر عن القطار الذي فات وضرورة الاستدراك كخيار أخير وقسري تمثل اعترافا بهزيمة الإمبراطورية الأميركية والقوات العميلة أمام ثوار اليمن وهي كلمات تذكر بآخر الفصول في حروب عدوان وغطرسة في مناطق مختلفة من العالم ختمت بهزائم مبرمة أمام الشعوب والحركات الثورية التحررية.
ثانيا سرعان ما تتحول نبرة الأميركي المتغطرس إلى وتيرة ناعمة وهادئة لاستجداء التسويات والمخارج بما يحفظ له ماء الوجه في زمن الهزيمة والخيبة فتتوارى جلافة الاستفزاز وصلافة التجبر والاستكبار وطلب الإذعان في سوانح الاستقواء وعرض العضلات والفتك بالشعوب المستضعفة ويتقن دبلوماسيو واشنطن التلاعب بالكلمات والمعاني وممارسة التزلف لمن يلزم بعد الهزائم المبرمة والتراجعات الملزمة وهم يدارون الخيبات المرة في تظهير التراجعات على غير حقيقتها بكل خبث ووقاحة وحذلقة بحيث يفترض قراءة ما بين السطور والتحسب لما يخفى والشك في النوايا الأميركية من حصاد الفطنة وزاد التجارب والخبرات الشعبية المتراكمة .
ما طالعناه من اعترافات أميركية حول اليمن ليس سوى أول الغيث في المسار الانحداري والأفول المستحق لعهد الطغيان الأميركي اللصوصي في شبه الجزيرة العربية فأول الطريق من صنعاء والتتمة ستشع في سائر أرجاء شبه الجزيرة العربية بتفاعلات متسارعة سياسية وعسكرية لن تلبث ان تتبلور نتائجها وتبعاتها على منظومة اللصوصية والنهب الاستعماري الرجعي في الوطن العربي ومن الظاهر للعيان أن المرحلة الجديدة قد أزفت وحان وقتها..
ثالثا نهاية عهود الهيمنة في شبه الجزيرة العربية ستكون الذروة والختام في مخاض صعب وشاق لأن قوى النهب اللصوصية الغربية تدرك أبعاد ونتائج هذا التحول الثوري التاريخي وما يعنيه ماليا واقتصاديا وسياسيا وأمنيا من نتائج وتداعيات وهي سوف تفعل المستحيل لتبعد الكأس المرة وتستأخر بكل وسيلة متاحة انطلاق سيرورة ثورية تحررية سوف تشع من حولها في أقاليم المنطقة برمتها وستطال سائر البلاد العربية والإسلامية في المشرق والمغرب بانهيار قوة الاحتياط الرجعية الأهم وركيزة الهيمنة الاستعمارية اللصوصية والقوى والإمكانات الهائلة التي ستطلقها تلك التحولات ستكون مدهشة في تأثيرها واندفاعها الهجومي وبتفاعلاتها النوعية في المحيط الشرقي العربي والإسلامي الواسع.
يفوق التصور الفعل التاريخي لانتصار فقراء اليمن وتهاوي مملكة الوهم والمظالم والجرائم وتخلع الجبروت الافتراضي الذي أقام الرهبة على الرمال بالقهر والاستقواء والتجبر والعمالة للسيد الأميركي المتغطرس الذي أمر فأطيع بإذعان الأذلاء في ارتكاب الجرائم والمذابح المشينة ضد أحرار أقحاح يتلون نذور الشهادة ويرددون “عهد الأحرار باق ” في كل لحظة مع أهازيج انتصار ونذور بطولة وكرامة وشموخ.