من الصحافة الاميركية
أشارت وكالة “بلومبيرغ” إلى ما قالت إنها بوادر لتوصل الجيش والسياسيين في السودان إلى اتفاق جديد لتقاسم السلطة، في ظل ضغوط دولية متصاعدة على العسكريين للعودة إلى ما قبل انقلاب تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ونقلت الوكالة عن متحدث باسم الأمم المتحدة، قوله إن المفاوضات بين زعيم الانقلاب عبد الفتاح البرهان وجماعات متمردة سابقة ورئيس الوزراء المخلوع عبد الله حمدوك استمرت في العاصمة الخرطوم.
وعلى الرغم من إحراز تقدم، بحسب المصدر، الذي لم تكشف “بلومبيرغ” عن اسمه، فإن الاختلافات الرئيسية بين الطرفين لا تزال قائمة، ونتيجة المفاوضات غير مضمونة.
وقال عماد عدوي، رئيس أركان الجيش السوداني السابق، من القاهرة: “أعتقد أنهم سيتوصلون إلى نتيجة في القريب العاجل (..) هناك العديد من الوسطاء، بما في ذلك الجهات الفاعلة السودانية وجنوب السودان والدول الأفريقية والأمم المتحدة”.
وكانت الإدانة العالمية للانقلاب سريعة، مع قيام الولايات المتحدة والبنك الدولي بقطع المساعدات للضغط على الجيش للإفراج عن حمدوك وزملائه المحتجزين.
وقال دبلوماسيون إن البرهان يرى في إشراك حمدوك، الذي لا يزال قيد الإقامة الجبرية، بالإدارة الجديدة مفتاحا لكسب المصداقية أمام المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة.
وبحسب مصادر بلومبيرغ فإن أحد الاقتراحات قيد المناقشة تتضمن منح حمدوك سلطات أكبر، ولكن مع حكومة جديدة أكثر قبولا لدى الجيش.
وتقول المصادر إن الجيش سيكون مسؤولا عن مجالس الأمن والدفاع القوية التابعة للحكومة بموجب الاتفاق، فيما يمثّل تشكيل مجلس سيادي جديد، وآلية تولي رئاسته، البند الأهم في المناقشات، فضلا عن خلافات عميقة بشأن مكونات التعيينات الوزارية.
زعمت صحيفة واشنطن بوست أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يرفض لقاء ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، الذي يواجه ورطة قضائية في الولايات المتحدة مع سعد الجبري، المسؤول السابق في استخبارات المملكة.
واعتبر الكاتب ديفيد إغناتيوس في مقال أن “ورطة” ابن سلمان أمام المحاكم الأمريكية في هذه القضية باتت أكثر تعقيدا، حيث تتقلص خياراته من جهة، وتتسع الهوّة بينه وبين البيت الأبيض بشكل كبير من جهة ثانية.
واتهم ولي العهد القوي الجبري بالتورط في عمليات احتيال مالي كبيرة، فيما يزعم الأخير أن ابن سلمان دبر لخطف أبنائه، وحاول القبض عليه أو اغتياله.
وقال إغناتيوس: “الآن، يواجه محمد بن سلمان سلسلة من الانتكاسات القانونية والدبلوماسية التي يمكن أن تعقد قضيته مع الجبري”.
وتابع موضحا: “الأسبوع الماضي، حكم قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية، ناثانيال إم جورتون، بأن الجبري لا يستطيع الدفاع بشكل عادل عن نفسه في مواجهة تهمة الاحتيال، دون الاضطرار لكشف عن معلومات سرية حول أنشطة المخابرات الأمريكية السعودية التي كان متورطا فيها”.
وشكل ذلك انتكاسة لفريق ابن سلمان القانوني، لا سيما بعد أن حظرت وزارة العدل الأمريكية، في آب/ أغسطس الماضي، أي إفشاء، خلال عملية التقاضي مع الجبري، من شأنه أن يكشف عن مصادر و/أو أساليب استخباراتية.
وتعرّض ولي عهد المملكة لانتكاسة ثانية، حيث فشل في الحصول على دعم الحكومة الأمريكية لمطالبته بالحصانة السيادية أمام دعاوى الجبري.
وزعمت الدعوى التي رفعها الجبري، العام الماضي، في محكمة اتحادية بواشنطن العاصمة، أن عملاء أرسلهم ابن سلمان سافروا إلى كندا في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 للقبض عليه أو قتله، وذلك بعد أسبوعين فقط من مقتل الصحفي السعودي الراحل، جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده بإسطنبول التركية.
وقدم السعوديون طلب الحصانة لإدارة دونالد ترامب في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، لكنهم لم يحصلوا عليه، حتى تولى بايدن الرئاسة بعد ذلك بأشهر قليلة، الذي رفضت إدارته النظر في الأمر.
لكن التحولات الأخيرة في مسار أزمة ابن سلمان بالولايات المتحدة لم تكن قانونية، بل دبلوماسية، بحسب إغناتيوس، حيث يرفض بايدن حتى الآن مقابلته أو التحدث معه.
وقال الكاتب: “التقى مسؤولون أمريكيون كبارا آخرين مع ولي العهد، بمن فيهم مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، الشهر الماضي، ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم يريدون الحفاظ على علاقات ودية مع الحكومة السعودية، قدر الإمكان، ولكن من الواضح أن ازدراء بايدن يزعج محمد بن سلمان، الذي كان يحظى بدعم قوي من دونالد ترامب”.
وأضاف: “تتضاءل خيارات محمد بن سلمان مع استمرار القضايا، وقد تكون التسوية أحد المسارات المطروحة أمامه، حيث يقدم الجبري دفعة مالية ويلغي الدعوى القضائية التي رفعها في واشنطن، مقابل الحرية لطفليه وصهره، اللذين أصبحا في الواقع رهائن”.
وتابع إغناتيوس في مقاله: “من شأن مثل هذه التسوية أن تخفف من قلق مجتمع الاستخبارات بشأن الكشف عن معلومات حساسة. يمكن القول إن نهج التسوية هذا من شأنه أن يقدم لجميع الأطراف فوزا، لكن محمد بن سلمان لا يبدو حتى الآن مهتما به”.
وختم بالقول: “تكمن المفارقة في هذا المشهد في أنه يأتي في وقت يبدو فيه أن محمد بن سلمان ينجح في بعض جهوده لتحديث المجتمع السعودي (..) ولكن على مستوى معاركه ضد أعدائه السياسيين، فإن المملكة، على ما يبدو، لا تزال في العصور المظلمة”.