زلزال تركيا وسوريا: الضحايا إلى ارتفاع وساعات حاسمة لعمليات الانقاذ
تتواصل عمليات الإغاثة ورفع الأنقاض في كل من جنوب تركيا وشمال سوريا لليوم الخامس على التوالي، اثر المأساة التي سببها زلزال مدمر (بلغت قوته 7.7 درجات)، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات وعشرات الهزات الارتدادية، يوم الاثنين الماضي.
ومع مرور الوقت، يتكشف حجم الكارثة الإنسانية، خصوصاً مع الارتفاع المستمر في أعداد الضحايا والمصابين، في الوقت التي تستمر فيها المساعدات على اختلافها بالوصول إلى البلدين المنكوبين.
وفي عملية تبعث الأمل بالوصول الى ناجين، تمكنت فرق البحث في ولاية قهرمان مرعش جنوبي تركيا من إنقاذ شاب بعد مضي 96 ساعة على حدوث الزلزال، الأمر الذي وصفته الكثير من وسائل الإعلام بالمعجزة.
وأسفرت جهود البحث فجر الجمعة عن إنقاذ ألبير ساتشما (26 عاما) من تحت أنقاض مبنى منهار في قضاء دولقدير أوغلو، بحسب الأناضول.
وقام فريق البحث والإنقاذ في ساكاريا (SAKE) وفرق الإطفاء في بلدية ساكاريا بأعمال البحث والإنقاذ في مبنى مكون من 6 طوابق يقع في منطقة بينارباشي في منطقة دولقدير أوغلو.
وتم نقل الشاب، الذي بقي تحت الإنقاض 96 ساعة متمسكا بالحياة إلى المستشفى.
أعلنت إدارة الكوارث التركية صباح اليوم الجمعة أن عدد ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد الاثنين ارتفع إلى 18342 قتيلا و74242 مصابا.
جاء ذلك في إحصائية تشمل المعلومات المتوفرة بحلول الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم، بعد أن تحدثت إحصائية سابقة أعلنها فؤاد أوقطاي نائب الرئيس التركي، مساء الخميس، عن 17674 قتيلا.
وذكر أوقطاي خلال مؤتمر صحفي من مقر وكالة الطوارئ والكوارث التركية “آفاد” بالعاصمة أنقرة اليوم الجمعة، أن أعمال البحث والإنقاذ اكتملت في ولايتي كليس وشانلي أورفا، في حين اكتملت إلى حد كبير في ولايات ديار بكر وأضنة وعثمانية.
وأشار إلى وجود 29622 عنصر بحث وإنقاذ، بينهم 6479 قدموا من 75 دولة، يواصلون العمل في الوقت الحالي. وأضاف أوقطاي أن إجمالي عدد الأشخاص العاملين في المناطق المنكوبة بلغ 120344. ولفت إلى إنقاذ الفرق 121 شخصا في آخر 24 ساعة من تحت الأنقاض.
وفي عموم سوريا، ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 3317 قتيلا و5245 إصابة، جراء الزلزال الذي ضرب البلاد يوم الإثنين الفائت وتسبب بكارثة إنسانية.
وقال وزير الصحة السوري حسن الغباش مساء الخميس، إن “عدد ضحايا الزلزال ارتفع إلى 1347 وفاة و2295 إصابة”.
من جانبها، اعلنت فرق الانقاذ في مناطق شمال سوريا الخاضعة لسيطرة المسلحين في بيان، أن حصيلة ضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا ارتفع إلى 1970 وفاة، و2950 إصابة.
يحتج المدنيون في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة شمال غرب سوريا على الاستجابة الدولية البطيئة للزلزال المدمر، الذي أودى بحياة الآلاف.
وقفة في بلدة بسينة بمحافظة ادلب احتجاجا على الاستجابة الدولية البطيئة للزلزال المدمر
وقال مسؤولو الأمم المتحدة إنه لا يمكن للمنظمة الدولية تقديم المساعدات عبر الحدود السورية إلى الشمال الغربي إلا من خلال معبر باب الهوى من تركيا، لكن الفوضى التي أعقبت الزلزال وألحقت أضرارا بالطرق المحيطة بالمعبر قد منعت الأمم المتحدة من إيصال المساعدات.
واعلنت دمشق مراراً سماحها بعبور المساعدات الإنسانية إلى مناطق إدلب وشمال غرب سوريا لمساعدة الأبرياء المتضررين من الزلزال.
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الحكومة السورية وخلال سنوات الحرب سمحت بفتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة للمسلحين سابقاً من أجل انقاذ المدنيين الأبرياء، في حين أن المساعدات التي كانت تدخل للمناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين كانت تُباع للناس.
وأكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية استعدادها لإرسال مساعدات إنسانية وفرق إغاثة إلى مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة الحكومة في أعقاب الزلزال، وأعربت عن أملها في أن توفر اللجنة الدولية للصليب الأحمر التنسيق اللازم لذلك.
واعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان خلال اتصال هاتفي مع امين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريش استعداد طهران لإرسال فرق إغاثية إلى منطقة إدلب السورية.
هذا وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان امس الخميس السماح لجهود ومواد الإغاثة الإنسانية بالوصول إلى سوريا “كاستثناء محدود لقانون قيصر”، وذلك بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد.
وجاء في بيان وزارة الخزانة أن القرار بشأن مواد الإغاثة لسوريا يسري لمدة 180 يوماً تنتهي في الثامن من آب/أغسطس المقبل.
وأشار البيان، إلى ان القرار يسمح بمعالجة أو تحويل الأموال نيابة عن أشخاص من دول أخرى إلى سوريا أو منها لدعم المعاملات المصرح بها، مبيناً أن الترخيص لا يسمح بأي معاملات حول استيراد النفط أو المنتجات البترولية ذات المنشأ السوري إلى الولايات المتحدة
وأضاف بيان وزارة الخزانة، أن الترخيص لا يسمح بأي معاملات تنطوي على أي أشخاص مشمولين بنظام العقوبات ضد سوريا.
وتفرض الولايات المتحدة الأمريكية عبر “قانون قيصر” حصارا على سوريا فضلاً عن عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تمنع ادخال المواد الأولية والإغاثية إلى البلاد، منها الأدوية والمعدات الطبية والغذائية مما يزيد من معاناة الشعب السوري في هذه الكارثة الإنسانية.
وبعيداً عن قيصر وتبعاته، وصلت إلى مطار دمشق الدولي امس الخميس 6 طائرات إيرانية وإماراتية وعمانية وصينية محملة بالمساعدات الإنسانية لمتضرري الزلزال.
وقال السفير الإيراني في دمشق مهدي سبحاني إن الطائرة الإيرانية تحمل 45 طناً من المساعدات التي تشمل بطانيات وخيما ومواد غذائية يحتاجها أهالي المناطق المتضررة من الزلزال، لافتاً إلى أن هذه هي الدفعة الخامسة من المساعدات الإغاثية التي تقدمها إيران للشعب السوري. وأشار سبحاني إلى أن طائرة مساعدات سادسة ستصل إلى مطار اللاذقية الخميس وسابعة محملة بالمساعدات الطبية ستصل إلى مطار دمشق لاحقاً.
بدوره قال سفير سلطنة عمان بدمشق تركي بن محمود البوسعيدي إنه بتوجيهات من السلطان هيثم بن طارق تم تسيير جسر جوي لإيصال المساعدات إلى سوريا، مبيناً أن الطائرة هي من بين 5 طائرات ستصل تباعاً حتى يوم الأحد، كما ستحمل طائرة لشركة أجنحة الشام يوم الجمعة مواد إغاثية مقدمة من المجتمع الأهلي في عمان إلى سوريا.
وشدد السفير العماني على وقوف بلاده الدائم إلى جانب سوريا ودعمها بكل الإمكانيات لتجاوز الكارثة التي سببها الزلزال، مشيراً إلى أن الواجب الإنساني يحتم على جميع الدول تقديم المساعدة بعيدا عن أي تسييس.
وبخصوص طائرتي المساعدات الإماراتيتين اللتين وصلتا صباح الخميس أوضح معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة معتز دو جي أن إحداهما تحمل 84 طناً والثانية 27 طناً من المساعدات تضم بطانيات وخيما ومواد غذائية.
كما وصلت عصر الخميس إلى مطار دمشق الدولي طائرة إماراتية جديدة لتكون الثالثة على متنها فرق إنقاذ تضم 52 متطوعا وتحمل الطائرة سيارتي دفاع مدني ومعدات إنقاذ ومواد إغاثية.
ووصلت مساء الخميس طائرة مساعدات صينية إلى مطار دمشق الدولي تحمل مواد إغاثية طبية لمتضرري الزلزال. وقال السفير المفوض فوق العادة لجمهورية الصين الشعبية في سوريا شي هونغوي في تصريح للصحفيين إن هذه الطائرة هي البداية من المساعدات الإغاثية العاجلة الصينية إلى الشعب السوري.
كما وصلت طائرة مساعدات إيرانيـة جديدة إلى مطار اللاذقية محملة بالمواد الإغاثية لمساعدة المتضررين من الزلزال.
إلى ذلك، وفي اطار المساعدات التي يقدّمها العراق لسوريا، لمواجهة تداعيات الزلزال المدمّر، الذي ضرب شمال البلاد، وصلت قافلة مقدّمة من هيئة الحشد الشعبي، الى مدينة حلب السورية.
وضمّت قافلة هيئة الحشد الشعبي، التي وصلت فجر اليوم الجمعة إلى مدينة حلب، 400 شاحنة محملة بمعدات ثقيلة ووقود، ومساعدات لمتضرري الزلزال في المدينة.
وتعدّ قافلة هيئة الحشد الشعبي، الأكبر التي تصل براً إلى حلب، وقد استقبلها المواطنون بالترحاب، حيث حملوا الأعلام العراقية ورايات الحشد الشعبي، معبّرين عن شكرهم وتقديرهم للشعب والحكومة وهئية الحشد الشعبي، على جهودهم، في مساعدة السوريين، على تخطّي هذه المأساة.
على صعيد المواقف الدولية، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى تعزيز دعمه لسوريا وتركيا بعد الزلزال المدمر، الذي ضرب المنطاق الجنوبية لتركيا، والشمال السوري.
وفي تصريح له من مقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش “قبل ساعات، عبرت أول قافلة أممية إلى شمالي سوريا عبر معبر باب الهوى. وقد ضمت 6 شاحنات محملة بمواد الإيواء والمساعدات الأخرى التي تمس إليها الحاجة”.
واكّد الأمين العام للأمم المتحدة، أن مزيدا من المساعدات في طريقها إلى سوريا، ولكنه شدد على ضرورة فعل المزيد، وأعلن أنه طلب من وكيله للشؤون الإنسانية مارتن غريفيثس السفر إلى المنطقة المتضررة من الزلزال نهاية الأسبوع الحالي، وسيزور غريفيثس، خلال الجولة، غازي عنتاب وحلب ودمشق لتقييم الاحتياجات وتعزيز الدعم.
وأشار غوتيريش إلى أن الزلزال يعد أحد أكبر الكوارث الطبيعية في العصر الحالي، وتحدث عن الصور التي تفطر القلب، والجهود البطولية لعمال الإغاثة الذين يصارعون الظروف والوقت لإنقاذ الأرواح. وأعرب عن حزنه لوقوع خسارة كبيرة في الأرواح، فيما يتواصل ارتفاع عدد الوفيات.
وأعلن البنك الدولي عن مساعدات بقيمة 1,78 مليار دولار لتركيا دعما لجهود الإنقاذ والتعافي بعد الزلزال الذي ضربها وسوريا المجاورة وأسفر عن سقوط أكثر من 20 ألف قتيل.
وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس “نقدّم مساعدة فورية ونعدّ لتقييم سريع للاحتياجات الميدانية العاجلة والهائلة”.
ولم يشر بيان مالباس إلى أي مساعدات لسوريا التي تعيش مأساة كبرى جراء الزلزال.