النفير الصهيوني المتصاعد ضدّ إيران  

غالب قنديل 

يعلم القاصي والداني في العالم مقدار ما تجسّده الجمهورية الإسلامية من صرامة شاملة في مراعاة القيود الفقهية والشرعية في نهج الدولة ومؤسساتها، بما في ذلك بنيانها العسكري النظامي والثوري الشعبي، وحيث تجسّد فتوى المرشد عقدة الانتظام والانضباط الشاملين على الصعد الشعبية والمؤسساتية كافة.

تصمم الدعاية والحملات السياسية الصهيونية على تغذية وحقن صورة القنبلة النووية الإيرانية المزعومة في سعي مكشوف الى تأليب العالم، وتحريض الدول الغربية الحاضنة للدولة العبرية لشدّ طوق الحصار على إيران، وتحفيز النزعات المغامرة في الغرب من أجل تشديد الحصار الاقتصادي، وتعزيز منظومات العقوبات الاقتصادية والمالية المشددة بهدف تسريع وتائر الخنق التقني والاقتصادي والمالي، وتقطيع وسدّ قنوات التبادل المحتمل ماليا وتجاريا بين إيران وسائر دول العالم.

الفجور الغربي صارخ وظاهر فالدول التي تستنكر ما تدعوه القنبلة النووية الإيرانية مدججة نوويا حتى الأسنان منذ عقود، والأمر يشمل الحلف الأطلسي بجميع دوله الكبرى والصغرى، التي تتكتّم على قنابلها ورؤوسها وترساناتها النووية، وترفع عقائرها وصراخها مستنكرة سعي الجمهورية الإسلامية لامتلاك التكنولوجيا النووية.

علما أن طهران تقدمت في طريق الأبحاث، وسعت الى التكنولوجيا بعدما رسمت الحدّ الديني والأخلاقي والقانوني المانع لامتلاك القنبلة بمبادرة ذاتية، فلم تتردّد في كشف لغز صناعي واقتصادي، يتعلق بمخزونها الطبيعي الهائل من خامات اليورانيوم، وكذلك من الحديد الذي يستدعي تصنيعه المعالجة والتطويع بالتكنولوجيا النووية، التي تمكّن منها جيش جرّار من العلماء والباحثين والمهندسين والفنيين، بات قادرا على تحويل ذلك المخزون الاحتياطي الصناعي الى قوة منتجة هائلة، إضافة الى تطبيقات استعمال الطاقة النووية في توليد الكهرباء، وغيرها من الخطوات الثورية الإنمائية، التي يعمل عليها المهندسون والتقنيون الإيرانيون الذين قدّموا البراهين على استعمالات طبية ودوائية متعدّدة للتقنيات النووية.

الدولة العبرية تعرف جيدا أن طهران هي المركز لمحور إقليمي، يرفض وجودها، ويناضل ضدّها بكل الوسائل، انطلاقا من طبيعتها العدوانية، ولكونها قاعدة حاسمة للهيمنة الغربية الأطلسية على الشرق، ومنطلق الحروب والشرور، التي عصفت بالمنطقة على امتداد عقود. ومَن تنكّر لهذه الحقيقة، وهرب الى شباك السلم الموهوم، وقع في فخّ استتباع أشد، وتحت قيود عبودية قاهرة اقتصاديا وماليا وأمنيا أو أنه بات أسيرا للمشيئة الصهيونية الأميركية، فلا تعصمه الثروات والأرصدة والعائدات من عبودية القرار والتوجيه، وحتى لو أوجب الفتك بشقيق والدوس على الكرامة.

منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية وقيام الجمهورية والمنطقة تعيش زمنا جديدا، ترسّخ مع اشتداد قوة محور المقاومة وقواه الراسخة في سائر بلدان المنطقة، ومع تعاظم قدرات الدول الحرّة، التي شكّلت لها ايران الإسلامية ظهيرا ونصيرا، بل تخطى إشعاع الجمهورية ووهجها ودعمها منطقة المشرق العربي الى القارة الأميركية اللاتينية، والحلف الاستعماري الصهيوني يعرف أعداءه وخصومه جيدا.