رئيس لا يخاف الأميركيين ولا يباع أو يشترى
غالب قنديل
هي الكلمة الفصل والموقف الجازم الحاسم في خطاب سيد المقاومة، الذي رسم مواصفات الرئيس المقبل وملامحه، ولم يدخل في التسمية، تاركا لهامش المداولات والاتصالات بين الحلفاء إشهار اسم الرئيس العتيد المؤتمن على البلد والمقاومة في ناتج التشاور والمداولة، مع إدراك ساطع ومعلن لضيق الهامش الزمني، بفعل قسوة الحال، وتراكم الأزمات المتفجرة على كاهل البلاد والعباد.
استقلالية الرئيس، وأن يكون وطنيا عربيا يشبه لبنان الوطن والدستور، تتجسّد في الموقف من المقاومة وما تمثّله وطنيا من قوة تحرير وسياج حماية دفاعية، وبالتالي فظإن أولى المواصفات وأوجبها، هي أن يكون الرئيس ممن يؤمنون بالمقاومة، وبدورها الحاسم في حماية البلد وتحصينه ضد العدوان والاستهداف.
تتأهّب المقاومة ضدّ التهديد، الذي يمسّ الوطن وسيادته وسلامة أراضيه وشعبه، سواء كان صهيونيا أم إرهابيا تكفيريا أم أي خطر مستقبلي. وفي ظلّ الاستهداف الأميركي الغربي المفتوح لبلدان المنطقة تتيح المقاومة، بوزنها وتأثيرها ودورها، ثقلا نوعيّا للبلد برمّته شعبا ودولة.
لبنان القوي بات منارة إقليمية عربية تحرّرية من خلال المعادلة، التي أثبتت جدواها وقيمتها على مدى العقود الماضية، وهي ما تنفكّ تترسّخ مع كلّ اختبار جديد، حيث جاء الترسيم البحري ليظهر تلك الحقيقة ويجلوها بسطوع صارخ، يعمى عنه التائهون في شرانق الارتهان للهيمنة الأميركية ولأفخاخ السفارات والاستخبارات الأجنبية، التي تزدحم أوكارها في بيروت بالعملاء والجواسيس والمرتزقة.
لو لم يكن في البلد مقاومة متأهّبة وقادرة، يعرف العدو قدراتها في ناتج حروب واختبارات مؤلمة، ما تزال ندوبها ساطعة حاضرة، ولولا رسائل التذكير المقاوِمة على سمت التفاوض غير المباشر، لما استطاع لبنان أن يحصّل ما حصّله من حقوق في تفاوض غير مباشر وغير مشروط. وتلك هي الحقيقة، التي يدركها العدو قبل سواه، وينبغي أن يدركها كلّ الناس، بينما يتنكّر لها العملاء والجاحدون.
لولا المقاومة ومعادلاتها ورسائلها الصارمة ما كان الرضوخ الصهيوني والتسليم الجبري بحقوق لبنان، التي ستتيح انتقال البلد الى مرحلة جديدة وواعدة اقتصاديا وماليا، فالذي ردع الجموح الصهيوني التوسّعي، وانتزع الحقّ اللبناني، هو وجود المقاومة وتأهُبها وحضور معادلة الردع القاهر، التي يعرفها، كما يخشاها العدو، ويهاب اختبارها مجدّدا بعد ما سبق من حروب وتجارب.
إدراك هذه القاعدة، هو في صلب معايير اختيار رئيس جديد للجمهورية، يعي عناصر القوة، ويحمل مسؤولية تحصينها وترسيخها. وسيد المقاومة، حين يتحدّث في المعايير قبل الأسماء، يرتقي بمستوى النقاش من موقع إدراك المقاومة لأهمية مقام الرئاسة، ودوره الدستوري والوطني، كرمز لسيادة الدولة وحارس لاستقلالها وعدم ارتهانها، دون أن يعني ذلك تقييد حركة الرئيس العتيد مسبقا في الإقليم والعالم.
بالموقف الوطني السيادي يتسنى للرئاسة التعامل مع أيّ جهة خارجية، لتسوس العلاقات كلَّها مع الخارج بمنطق المصالح الوطنية اللبنانية وفحواها بدءا وانطلاقا من عدم الخشية من الأميركي، والمناعة ضدّ الإملاءات الأميركية الغربية، وتلك هي أمّ الشروط وقاعدة الانطلاق في رسم ملامح ومواصفات الرئيس العتيد الجدير بجمهورية البلد الصغير، الذي بات ماردا مهابا بدماء الشهداء المقاومين.
نريد الرئيس المقبل مقاوم الهوية والخيار، وطني الانتماء والمرجعية، لبناني التوجّه، حرّ الموقف، قادرا على رفض الإذعان مهما اشتدت الضغوط أو زادت الإغراءات والغوايات.
للبحث صلة بعد انتقال سيد المقاومة الى تظهير اسم المرشح الرئاسيّ المرتجى، لينطلق الاستعداد لورشة وطنية شاملة مع بدء العهد الجديد.