التانغو السعودي في ممر ضيق
غالب قنديل
تضيق مساحة المناورة الإقليمية للنظام السعودي في زمن غليان إقليمي مفتوح. وبين الرغبة بالحفاظ على صدارة المشهد العربي، واسترضاء السيد الأميركي، وإدخال الربيب الصهيوني الى بلاد الحرمين، تناقض خطر مردّه الى محوريّة قضية فلسطين السليبة في الوجدان العربي والإسلامي،ّ وما نشأ عن تلك القضية وقداستها من تأثير وهالة معنوية منذ عام النكبة.
يضاف الى ما تقدم، وينبني عليه، أثر حاسم ونوعيّ لنهوض محور المقاومة الإقليمي، وما يحصده من إنجازات وانتصارات بفضل حيوية قواه، التي تعتمد على دور إيراني نشط وحاسم مساند لسائر أطراف المحور وقواه في مختلف الساحات والميادين من لبنان الى فلسطين وسورية والعراق واليمن من موقع فهم استراتيجي مستنير لمستقبل المنطقة ولمصالح إيران كدولة تحرّرية مستقلة في الشرق.
واقع المحور المقاوم ودوره يتّسم بأثر فاضح لسائر الأدوار والمواقف السعودية، التي تبدو نافرة في مدى التخاذل والإذعان للمشيئة الغربية والأميركية فالصهيونية استطرادا، خصوصا بعد هرولة كل من البحرين والإمارات تحت المظلة السعودية والرعاية الأميركية الى علاقات مباشرة بالدولة العبرية، والذاكرة القومية بالكاد تحفظ لهاتيك الدول بيانات المواسم المساندة لفلسطين وشعبها وبكائيات سخيفة وبائخة على مظلوميّة شعبها المنكوب.
النظام السعودي الراغب في الاحتفاظ بمكانة معنوية خاصة، اهتزت ركائز سمعته وهيبته وصورته الإقليمية وتزلزلت بعد قيام النموذج الإيراني ودوره الإقليمي الريادي في دعم حركات المقاومة والتحرّر في فلسطين ولبنان والعراق وسورية، حيث تضع إيران إمكانات هائلة وضخمة في دعم الحكومات والحركات التحرّرية المقاومة، مقابل تواطؤ سعودي ظاهر، هو في أحسن الأحوال صمت وتفرّج ومواقف كلامية على طريقة أضعف الإيمان.
فضح الأداء الإيرانيّ المشرقيّ الشهم والأخوي تخاذل وخنوع الحكومات العربية الخليجية في وطيس معارك مصيرية، يستند من يخوضونها بكلّ شرف وبطولة الى الدعم الإيراني اللامحدود، الذي بلغ حدّ بذل الدماء وتقديم الشهداء الكبار، الذين عرفتهم ساحات المشرق.
وقد بذل الإيرانيون دماء عزيزة وغالية في العديد من المعارك الحاسمة، التي عرفتها ساحات المشرق وميادينه المشتعلة. بينما الأشقاء قاعدون يتفرّجون، وبعضهم يتآمرون، وجميعهم يبخلون في اتخاذ وإعلان مواقف كلامية، ويحسبون الكثير لاستئذان السيد الأميركي قبل النطق بكلمات التضامن وحروف الأخوة المنسيّة على بوابات رفع العتب.
النظام السعودي رهينة ارتباط خانع بالسيد الأميركي، وهو مقيد بهالة الحرم المكّي والإرث الديني. وفي هذا الانفصام الخطير بين الهوية المنتحلة والعمالة المتأصلة، وقعت الفضيحة وتفاقمت بعد قيام الجمهورية الإسلامية وصعودها كنموذج للإخاء والشهامة في التعامل الأخوي، وبذل القدرات والإمكانات لمساعدة ودعم الأشقاء على جبهات الصراع ضد الكيان الصهيوني، الذي أقام علاقة سرية مع المملكة وعلنية مع محميات أخرى عميلة في الخليج، ولا سيما البحرين والإمارات تحت الرعاية الأميركية بقصد تسويق التطبيع الصهيوني وتسويغه.