لبنان مستعمرة وجورج عبدالله أسير حرب
غالب قنديل
يستحقّ الرئيس ميشال عون التحية والشكر على مبادرة إيفاد السفير اللبناني في فرنسا لزيارة المناضل جورج ابراهيم عبدالله في سجنه الممدّد جورا وظلما، من خارج آليات وأعراف وقواعد عمل القضاء والمحاكم الفرنسية والدولية بناء للطلب الأميركي النافذ، وبعد انقضاء المحكومية السجنية، حيث كان يفترض تحرير هذا المناضل وعودته الى الوطن، لكن قضت المشيئة الأميركية الصهيونية ببقائه رهينة محبسه.
رغم استحقاق التنويه والإشادة، لا تكفي عمليا مبادرة إيفاد السفير رامي عبد الله لزيارة هذا المناضل اللبناني البطل، بل البديهي والواجب أن يُقدِم لبنان على رفع وتيرة الموقف لتحرير بطل لبناني، تخطّى السبعين من العمر خلال سنوات سجنه الممتدّة. ففي 24 الجاري ينهي المناضل جورج عبدالله 38 عاماً في سجون “الديموقراطية الفرنسية” العريقة، فيا للمهزلة الفضيحة!
بالأصل وفي البدء والخاتمة، وفوق كل التصنيفات والحسابات، جورج عبد الله مقاوم وبطل لبناني وطني وثائر عروبي فدائي، دفع ضريبة مطاردته للصهاينة في فعل مقاوم عابر للحدود والمسافات، دفاعا عن لبنان الوطن والشعب وعزّته وكرامته.
يشعر كلّ وطنيّ، وأيّ مناضل تحرّري مقاوم في لبنان بعار العجز والصمت أمام الجريمة الفرنسية الصهيونية المتمادية، باستمرار سجن هذا البطل بعد انقضاء محكومية صدرت عن قضاء أجنبي مُسخّر لخدمة السيد الأميركي والمحتل الصهيوني الغاصب.
تستحيل قضية هذا المناضل الثوريّ جريمة لبنانية موصوفة بحقّ البلد، وليس فحسب بحقّ بطل من مناضلي القوى الوطنية، التي قاتلت الاحتلال الصهيوني، ودفعت ضريبة الدمّ الغالية لأجيال مبادرة ومقاتلة، أسّست لنهضة المقاومة وقيامتها وانتصاراتها، وأثمرت تحولات تاريخية حاسمة.
ينبغي أن يذكر اللبنانيون أن جيل جورج ابراهيم عبدالله ورفاقه الأوائل، كانوا طيفا لبنانيا وطنيا أصيلا عابرا للطوائف، بادر بحزم لمقاتلة الصهاينة، وأثبت في الميدان وعلى الأرض أن المقاومة خيار الشعب والوطن. وهذا المناضل كان ابن تجربة نضالية وطنية راديكالية ضدّ الاستعمار والصهيونية، تميزت بجذريّة الوعي والالتزام المبدئي والنضالي.
نشأت وتنامت من نسيج تلك الأجيال المناضلة، وفي صلبها فصائل وقوى مقاتلة عابرة للطيف الوطنيّ اللبناني، جسّدت روح المقاومة وإرادة التمرّد، وفي رحمها تمخّضت ولادة حزب الله وقوته الهادرة، التي أكملت الطريق. ومن يدرس سيرة القادة الأوائل الأبطال، من مثال القائد البطل الشهيد عماد مغنية ورفاقه يدرك العِبرة، ويفهم سرّ الحكاية في تواصل الأجيال وتراكم التجارب والخبرات.
الصمت عار والسلبية عار، والعار الأفظع والأدهى، سيكون استمرار القعود عن المبادرة والتحرّك الواجب لتحرير بطل لبناني مقاوم مرتهن الحرية في أسر السجون والغربة عن وطنه، الذي وهبه أجمل سنيّ عمره مقاوما وأسيرا..