استكمال الطائف أوجب الأولويات
غالب قنديل
الاستحقاق الرئاسي فرصة لمناقشة مستقبل النظام السياسي واختيار رئيس يلتزم ببرنامج يجمع بين الإنقاذ والاحتواء الراهن للأزمات الانهيارية الصاخبة وفتح مسار جديد للاستقرار على القاعدة الدستورية والوطنية لتسوية الطائف التي سُدّ سقفها المفتوح وحُبست في دائرة انتقالية مرحلية عندما أرجئ وعُلّق، الى أجل غير مسمّى تحرير التمثيل النيابي من القيد الطائفي، وانتخاب مجلس للشيوخ.
يمكن عبر ذلك البند الإصلاحي والهيكلي في النظام الدستوري والسياسي تحرير الممارسة السياسية تدريجيا من العصبيات الطائفية والمذهبية، وتحضير نواة تَحوّلٍ حاسم في الحياة السياسية وقواعد تطورها الطبيعي لصالح تشكّل أحزاب وتكتلات عابرة للطوائف والمذاهب، تجسّد النسيج الوطني باصطفافاته السياسية والفكرية والبرامجية.
بكلّ بساطة، ندعو لاختيار رئيس للجمهورية مؤهل لقيادة مسيرة تجديد النظام باستكمال تطبيق اتفاق الطائف، وانتخاب مجلس للشيوخ إضافة الى الالتزام الحاسم بثالوث الحماية والحصانة الوطنية الشعب والجيش والمقاومة. وتلك هي قاعدة الاستقرار والتقدّم وأرضية الازدهار المتاح لوطن غنيّ بالقدرات والإمكانات الهائلة، نُكِب بنخبة حاكمة نَهِمة وبهيكلية اقتصادية شوهاء، تربّع عليها أخطبوط لصوصي نهّاب، وتابع للهيمنة الغربية التي تزعزعت ركائزها الفعلية، ولحق الوهن بهيكلها في عصف التحوّل الكوني الجاري.
المشورة الشعبية والسياسية الوطنية واجبة ومستحقة بمضمون هذه النقاط ليكون تظهير اسم الرئيس العتيد حاصلا عمليا يتوجه الانتخاب بناء على قواعد وشروط واضحة في رسم الخيار وبلورة خطة ما بعد الانتخاب دستوريا وسياسيا ورسم ملامح العهد الجديد بعيدا عن مؤثرات وتدخلات الخارج الذي يضع ويملي اولوياته واعتباراته لحساب مصالحه ومشاريعه الخاصة.
الواقع المتردي والمأزق المتمادي راهنا يفرضان على القوى الحية اجتراح الحلول، وابتكار الأدوات غير التقليدية في مقاربة الاستحقاق، وإطلاق مشورة سياسية واسعة ما أمكن، يجب إطلاقها في أسرع وقت ممكن. ونتوجه هنا الى المقاومة وحزبها الحريص والمضحّي وحلفها العريض من الأحزاب والقوى والحركات والشخصيات بضرورة الإعداد العاجل لمؤتمر وطني واسع بمعايير تمثيلية وطنية جامعة، يناقش آليات سياسية ودستورية وجدولا زمنيا عاجلا لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف، واختيار رئيس للجمهورية يحمل هذا البرنامج، ويتعهد التزام الإنجاز فور انتخابه وتسلّمه لصلاحياته الدستورية.
لبنان في أمسّ الحاجة لرئيس يقود مسيرة تحديث الدولة، وتطوير النظام السياسي، واحتواء الأزمات الهيكلية الاقتصادية والسياسية. ومع كلّ احترامنا لمشاعر البهجة والرهجة التي أثارها وعد العهد النفطي والغازي البحري، الذي طغى على يوميات النقاش والاهتمام، وبات محور المتابعة الأبرز، فإن ضمانة حفظ الثروات واستثمارها، وعدم تبديدها، هي في قيام مؤسسات دولة أوسع تمثيلا وأكثر عدالة وحداثة.
طريق لبنان الى الإنجاز، هو حصرا في انتقالنا الى نظام المجلسين.