المأزق الصهيوني المتعاظم في الضفة
غالب قنديل
يواجه الاحتلال الصهيوني مأزقا متعاظما في الضفة الغربية المحتلة مع تعاظم العمليات وتزايد معدلات النزعة الهجومية والبسالة التي يظهرها جيل شاب من المقاومين، يختزن علما وخبرات ومهارات لافتة، ولا تنقصه الأدوات الحربية والقتالية التي باتت من مستلزمات الحياة والدفاع عن الوجود الإنساني الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة في ظلّ الاستباحة الصهيونية المتوحّشة والغادرة.
العمليات التي تنفذّها مجموعات منظمة والهجمات الفردية البطولية باتت ظاهرة تتكرّر في الضفة الغربية المحتلة بمعظم انحائها، وذلك مؤشر على موجة جديدة من العمل الفدائي، يطلقها وينظمها الشباب المشتبك الناهض من سائر التيارات والمشارب، وإن شكّلت الجهاد الإسلامي أبرزها فلأنها الطليعة المقاتلة الأشدّ جذرية وجرأة في الموقف السياسي والنضالي، ولذلك تتحول الى موئل جاذب للشباب الفلسطيني المكافح الرافض للاحتلال.
الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة يبدو على مشارف مازق غير عادي، فزرع المستوطنات لم يفلح في إغراق الضفة سكانيا أو تقطيع أوصالها وطمس الغالبية الفلسطينية وتطويقها وخنقها. كثيرة هي المفارقات والعوامل التي تحكم على مساعي الاقتلاع والإغراق الصهيوني بالفشل، بينما تنهض الضفة الى موجة جديدة من المقاومة، يقودها جيل فتي ومتعلم من الشباب الفلسطيني.
منذ نكبتي 48 و67 تعلّمت الأجيال الفلسطينية المتعاقبة درس وخطورة تكرار النزوح، الذي دفع بالفلسطينيين الى مغادرة أرضهم، وشرّع أبواب الاستيطان في البلدات والقرى، التي فرغت من سكانها بعد المذابح والحملات. وبعد أوسلو تعلّم الشباب الفلسطيني من خيبة أوهام الاتفاقات وعقم رهان مسالمة المحتل الغاصب.
تجذّرت الأجيال الجديدة الطالعة في تمسّكها بالأرض ورفضها لخيارات الهجرة والنزوح، وهي تتعلّم من ذاكرة جمعية قيمة المقاومة، وتعتمدها أسلوب حياة، وتحفظ الدروس وأسماء الأبطال والرموز من شهداء الكفاح ضد الاحتلال. وفي الضفة مدارس وجامعات تعمر بنبض مقاوم يغلي بالثورة والغضب، بينما واقع الاحتلال الغاصب يولّد ويراكم المزيد من النقمة والرفض، ويدفع النخب الشبابية لتلمّس دروب وأدوات التحرّر رفضا وانتفاضا فسلاحا.
لن يطول الزمان والنزيف الصهيوني القاتل يطرح احتمال تكرار ما جرى في غزة، مع فارق أن الأجيال الفدائية الطالعة والتنظيمات المقاومة المتمرّسة والمتجذرة نضاليا تفهم وتتمثّل خبرة التجارب، وهي ستكون أشدّ صلابة وجذرية مما سبق في رفضها لأيّ قيد يغمط حقا أو يملي قيدا على النضال حتى التحرير الكامل، وفرض إقرار حقّ العودة لأخوة التراب في الشتات الفلسطيني المليوني.
فلسطين تنهض كلّ طالع صبح في عيون أطفال وفتيان وفتيات على دروب العلم والحياة حلما وأملا يتجدّد وعزما على مقاومة الاحتلال وقهره، والدم الفلسطيني يغلي في العروق على عهد فداء متجدّد حتى النصر.