من هما الشهيدان جميل سكاف ومهدي ياغي
اعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان أن مجموعة الشهيدين جميل سكاف ومهدي ياغي قامت باطلاق ثلاثِ مسيراتٍ غير مسلحةٍ ومن أحجامٍ مختلفة باتجاه المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش للقيام بمهامٍ استطلاعية، وقد انجزت المهمة المطلوبة وكذلك وصلت الرسالة. فمن هما الشهيدان؟
الشهيد جميل سكاف
نشأ الشهيد جميل سكاف في بلدة مشغرة، بلدة والدته، لأن بلدته عيتا الجبل من القرى المواجهة الصامدة بوجه الاحتلال الصهيوني. ينتمي الشهيد إلى عائلة مؤمنة محافظة تلتزم بالحدود الشرعية وقد ترعرع في أسرة طيبة، وشاء الله أن يفقد أباه وهو الابن الأكبر وكان عمره أربع عشرة سنة.
كان الشهيد جميل يتمتع بأخلاق عالية وذوق رفيع، حيث كان لا يغضب ولا يُغضب، وكان يصبر على كثير من الأمور ويتعاطى معها بحكمة وتروٍّ وكان الأسرع في المبادرة للمسامحة من الآخرين وطلبها لنفسه.
انطلقت مسيرته الجهادية منذ وصول أصداء الثورة الإسلامية وحزب الله إلى منطقة البقاع الغربي، وقد تربى على أيادي الشهيد القائد الحاج محمد بجيجي، وقد انتسب إلى جهاز التعبئة فخضع للعديد من الدورات الثقافية والجهادية إلى جانب دراسته العلمية، وكانت ترافقه دائماً شهادات التقدير وحسن السلوك.
ثم انطلق للعمل الجهادي الميداني بدءاً من جزين وصولاً إلى حاصبيا وجبل الشيخ، ولم يكتفِ بذلك، فكانت للشهيد العديد من المشاركات في العمليات الجهادية وحروب المقاومة الإسلامية، حتى نال شرف الشهادة حيث استشهد أثناء قيامه بواجبه الشرعي الجهادي وتم تشييعه إلى مثواه في تلك الأراضي البقاعية التي فداها بدمه وروحه لتبقى حرّة أبية وذلك في 24/6/1994م.
فقدت وصية الشهيد بعد استشهاده ولم تظهر حتى الآن. هذه كلمات للشهيد كان قد كتبها لأخوته المجاهدين قبل استشهاده وكانت الأخيرة. سقطنا شهداء ولم نركع هذه دماؤنا فتابعوا الطريق.
الشهيد مهدي ياغي
ولد الشهيد مهدي ياغي في يوم الخامس من شهر شعبان، ونشأ وترعرع في مدينة بعلبك، وكانت أمه، وهي من أهل السُنة، من قرية عرسال، مديرة لمستشفى الحياة، وقد أولت وزوجها أولادهما عناية خاصّة وحرصت على تأمين أفضل الخدمات لهم، وعلى تعليمهم في أفضل المدارس.
ما إنْ أنهى مهدي المرحلة الثانوية من دراسته حتى التحق مباشرة بمعسكرات التدريب، فخضع لدورات عالية المستوى وظهرت لديه قُدُرات قتالية أثنى المدرّبون عليها، ولهذا كانت توكل إليه مهامّ حسّاسة وخطيرة. حقّق مهدي أمنية والديه بمتابعة دراسته الجامعية، إذ انتسب إلى الجامعة في اختصاص هندسة كومبيوتر، ولكن ظروف عمله حالت دون ذلك.
تزوج مهدي ورُزق بولدين، وكان خلال هذه الفترة يُشارك في الحرب ضد التكفيريين، ولكن أحداً من أهله لم يعرف بذلك، حتى عندما أصيب إصابة حساسة في رأسه خضع على أثرها إلى عملية جراحية، عاد إلى المنزل، وقال لأهله إنّه تعرض لحادث سير، وسرعان ما عاد إلى المحور بعد أن تماثل للشفاء.
وفي رحلته الأخيرة إلى سوريا اتصل مهدي بزوجته وأوصاها بنفسها وبولديه، كرّار وآدم الذي ولد قبيل استشهاده بشهرين تقريباً. وكانت المرة الأولى له منذ زواجهما، فهو لم يكن يتصل أبداً وإنْ سنحت له الفرصة لذلك.
وكانت أيام شهر رمضان المبارك، وكانت ليلة التاسع عشر عندما قال له صديقه: “ما رأيك بالشهادة هذه الليلة؟” ردّ عليه مهدي: “لا.. أريدها في ليلة الواحد والعشرين، فهي أهم”. وكان له ما تمنى، فبعيد وقت الإفطار ليلة الواحد والعشرين، بدأت المعركة التي ارتفع على أثرها شهيداً عطشانَ في ليلة مباركة، ودفن ليلة الثالث والعشرين، فكان يوم ولادته ويوم شهادته ويوم دفنه من أعظم الأيام وأشرفها.