وسم الجريمة لا يمحوه عفو ولا مسامحة
غالب قنديل
دينيا وأخلاقيا، اعتبر العفو قرين الإقرار بالذنب والاعتذار ممن ترتّب عليهم الأذى والضرر علانية وطلب الغفران، وأول الشروط إقرار صريح بالذنب جهارا أمام الناس والانصياع للتبعات، وأولها بعد الإقرار، هو اعتذار علنيّ وصريح وإعلان توبة نصوحة وصادقة أمام الناس.
لم نشاهد أو نسمع أيّ بادرة من المدعو سمير جعجع، ولم نطالع طبعا ما يمكن اعتباره ولو بالمواربة والمبالغة في المسايرة إقرارا بذنب مشين وجريمة موصوفة صدر بشأنها بيان صريح بإعلان المسؤولية، ثم قرار من المجلس العدلي أعلى هيئة قضائية، لأحكامها صفة الإبرام النافذ ولا مجال فيها للطعن أو المراجعة.
يحتمي جعجع ويتحصّن بعفو خاص، وهو يتصرّف بكلّ وقاحة وتطاول كأن شيئا لم يكن، بل ويرتقب من الناس تجاهل مأثره الدموية القبيحة وعمالته الفاضحة الفضيحة، متوقعا من الناس بفجاجة تناسي القبح والقذارة الفائضين من ميراث حزبه الإجرامي العميل، وما خلّفه من نكبات ومهالك مرعبة.
انتقال التبعية بالتجيير الوظيفي من الكيان الصهيوني الى الأميركي البشع والوكيل السعودي بالإنابة لم يغير في فحوى الوظيفة والدور، وليس سوى تبديل وتعديل وظيفي، يراعي التحوّلات والتبدلات الظرفية، ليبقى جوهر الدور والموقع نفسه، وبدلا من الرصاص والعبوات صار الفحيح والضجيج أدوات التخريب المنظّم في خدمة المشغّل الأميركي – السعودي بدلا من المشغّل الصهيوني الأصلي.
أيّ عطار يصلح ما فسد من حاصل قيح نذالة وقذارات عمالة؟ طبعا.. طبعا لا شيء تغير والأكيد.. الأكيد لا شيء تبدّل فالذيل الأعوج لا يستقيم ولو وُضع في الملزمة ألف سنة، وما من سبيل لمساكنة في حقل الزهر بين اليانع الباسق والفطر السام والطحالب المؤذية سوى في بلد العجائب.
ضريبة قاسية مفروضة على جميع الأحرار أن يكون النذل ندّا وشريكا بذريعة التكافؤ والتناظر، وأن يستوي المقاوم البطل مع الجاسوس والمجرم النذل والسفيه والجرائم بيّنة نافرة تشين مرتكبا يقطر دما كلما فغر فاه الكريه ليتطاول على الأحرار المقاومين والأبطال الميامين.
الورقة التي يحتمي بها أوهى من ورقة التوت، وهو يواصل فعله المشين في عهدة المشغل الأميركي بالسياسة تكيّفا، وبعض الكلام له فعل الرصاصة والعبوة في بلد العصبيات المستنفرة المتناحرة. ألم تسمعوا عن عرف القبائل في أصول المسامحة والعفو وردّ الاعتبار لمن نبذتهم عشيرتهم لارتكاب جرم مشين وهاموا في الصحاري البعيدة مع عارهم..
لردّ الاعتبار شرط أخلاقي، هو الاعتراف العلني والاعتذار العلني العام والخاص على الملأ. أما المقاوحة والعنطزة والتجاهل، فهي إدانة مكرّرة تستعاد في وجدان كلّ مواطن يهمس مع كل فحيح أو جعير أخرِسوا قاتل الرشيد المجرم، وقد حصّنتموه في زمن السلم، فصارت العصابة حزبا سياسيا وكتلة نيابية، والسمّ في السلم أفتك من زمن المجلس الحربي.
ترفّع وليّ الدم، فيا أيها النذل الجبان والمجرم المدان لا يعني نسيان الجرائم أو تناسيها صك براءة، ولا يمحو العار من التاريخ، الذي لا يرحم. وكلّما أكثرت من الإطلال والكلام والتجاهل ستحفر جرحا لم يندمل ولم يطوه النسيان.
اللعنات ستطارد الخسيس كلما شهده الناس متدخّلا يهزّ عقيرته متطاولا في الشاردة والواردة، وهو يستخرج أفكاره من الدبر الأميركي ومن روث بعران الوصاية الخليجية السعودية وفئران السفارات، وأيّ عبقرية مرشدة بين السبهان والسهيان والأفعوان الأميركي المرقّط. فليخرس قاتل الرشيد، ولينتحي في هامش منسي، لا يمسّه ضوء ولا تطاله عين، ومصيره المنصف عفن وشلشخون في الزوايا الرطبة. رحم الله حمورابي وقصاصه العادل للمجرم القاتل وطويل اللسان والحشريّ المبتذل.