ميقاتي بعد إعادة تكليفه: مسؤولية الإنقاذ جماعية
انتهت عصر اليوم، الجولة الثانية من الاستشارات النيابية الملزمة التي كان بدأها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا. واختتم شريط الاستشارات عند الساعة الخامسة الا ربعاً عصراً، وافضى الى تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة العتيدة بأغلبية 54 صوتاً، وحصول السفير نواف سلام على 25 صوتاً، والرئيس سعد الحريري على صوت واحد، والسيدة روعة الحلاب على صوت واحد، وامتناع 46 نائباً عن التسمية، وغياب نائب واحد.
وقد ابلغ الرئيس عون رئيس مجلس النواب نبيه بري بحصيلة الاستشارات، وتم استدعاء الرئيس ميقاتي الى القصر الجمهوري عند الساعة الخامسة لتكليفه.
بيان التكليف
وتلا المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير البيان التالي: “عملا بأحكام البند 2 من المادة 53 من الدستور المتعلق بتسمية رئيس الحكومة المكلف، أجرى السيد رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة اليوم الخميس الواقع فيه 23 حزيران 2022، وبعد أن تشاور مع السيد رئيس مجلس النواب، وأطلعه على نتائجها رسميا، استدعى السيد رئيس الجمهورية عند الساعة الخامسة السيد محمد نجيب ميقاتي لتكليفه تشكيل الحكومة.
بعبدا في 23/6/2022”.
وفي ما يأتي نتائج الاستشارات:
– محمد نجيب ميقاتي: 54 نائبا
– نواف سلام: 25 نائبا
– سعد الدين الحريري: نائب واحد
– روعة حلاب: نائب واحد
– عدم تسمية: 46 نائبا
– غياب: نائب واحد
لقاء ثلاثي
وعند الساعة الخامسة، وصل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا، لينضم الى لقاء الرئيس عون والرئيس بري الذي اطلعه على نتائج الاستشارات وعلى تسميته رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة. بعدها، غادر رئيس مجلس النواب القصر من دون الادلاء بأي تصريح.
تصريح الرئيس المكلف
وبعد انتهاء اللقاء مع الرئيس عون، ادلى الرئيس المكلف ميقاتي ببيان قال فيه: “بداية أقول شكرا لمن سماّني. وشكرا أيضا لمن لم يزكّني، لانهم جميعا مارسوا دورهم بكل ديموقراطية. هذا التكليف الجديد يحمّلني اليوم مسؤولية مضاعفة، ولكن تبقى الثقة الملزمة للجميع من دون استثناء لها عنوان واحد هو التعاون. فلنتعاون جميعنا اليوم على إنقاذ وطننا وانتشال شعبنا مما يتخبط فيه، لأن مسؤولية الإنقاذ مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فرد.
بكل صدق وإخلاص وتجرّد أمدّ يدي إلى الجميع من دون إستثناء، بارادة وطنية طيبة وصادقة”.
أضاف: “الوطن بحاجة اليوم إلى سواعدنا جميعا. لن تنفعنا حساباتنا ومصالحنا وانانياتنا اذا خسرنا الوطن.
المهم اليوم أن نعي أن الفرص لا تزال سانحة لإنقاذ ما يجب إنقاذه. نحن قادرون معا على إنتشال البلد من أزماته.
المهم أن نضع خلافاتنا واختلافاتنا جانبا وننكب على إستكمال الورشة الشاقة التي تتطلب أن نضع أمامنا انقاذ شعبنا ووطننا كهدف واحد اوحد . لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب. أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة، التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا ساعدوا انفسكم لنساعدكم”.
وتابع: “لقد أصبحنا أمام تحدي الانهيار التام أو الانقاذ التدريجي إنطلاقا من فرصة وحيدة باتت متاحة أمامنا في الوقت الحاضر. على مدى الاشهر الماضية دخلنا باب الانقاذ من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ووقعّنا الاتفاق الاولي الذي يشكل خارطة طريق للحل والتعافي، وهو قابل للتعديل والتحسين بقدر ما تتوافر معطيات التزام الكتل السياسية، وعبرها المؤسسات الدستورية، بالمسار الاصلاحي البنيوي. وفي هذا الصدد علينا في اسرع وقت التعاون مع المجلس النيابي الكريم لاقرار المشاريع الاصلاحية المطلوبة قبل إستكمال التفاوض في المرحلة المقبلة لانجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد وبدء مسيرة التعافي الكامل”.
وأردف: “اليوم أكرر القول إنه من دون الاتفاق مع صندوق النقد لن تكون فرص الانقاذ التي ننشدها متاحة ،فهو المعبر الأساس للانقاذ، وهذا ما يعبّر عنه جميع اصدقاء لبنان الذين يبدون نية صادقة لمساعدتنا . كما أننا في صدد استكمال الخطوات الاساسية لحل معضلة الكهرباء التي تستنزف الخزينة وطاقات الناس، وندعو الجميع للانخراط في هذه الورشة بعيدا من الشروط والاعتبارات المسبقة والتجارب التي اثبتت فشلها في تعافي هذا القطاع”.
وقال: “من هذا المكان بالذات، أدعو جميع القوى السياسية الى لحظة مسؤولية تاريخية، لحظة نتعاون فيها جميعا لاستكمال مسيرة الإنقاذ الفعلي باقصى سرعة، وبثقة كاملة من المجلس النيابي الكريم لوضع لبنان على مشارف الحلول المنتظرة”.
أضاف: “دعوتي للجميع لملاقاتنا في هذه الورشة بكل ايجابية وروح بناءة. لتتضافر كل جهودنا ولنبحث عن كل اسباب تعزيز الشراكة الوطنية وحماية الاستقرار الوطني. لنتجاوز كل اسباب الانقسامات والرهانات التي دمرت مجتمعاتنا واقتصادنا وضربت مؤسساتنا”.
وتابع: “في الختام تبقى كلمة أتوجه بها الى أبناء وطني.ثقتي كبيرة بكم أنتم الذين لم تقهركم شدّة، ولم تهزمكم المحن والشدائد رغم كل ما مرّ على هذا الوطن عبر تاريخه. بتعاوننا جميعا نصنع من الضعف قوة، معا عقدنا العزم على النهوض، لأننا مؤمنون بأن لا خلاص لوطننا إلا بتكاتفنا وتآزرنا”.
وأردف: “هذا اللبنان، الذي يستأهل منا كل تضحية ممكنة، لن نتركه ينهار. أمامنا عمل كثير، ولا وقت نضيّعه. نظرة واحدة ، ولو سريعة الى بعض الايجابيات في هذه الايام مع بدء فصل الصيف تكفي لإعادة الأمل بأن لبنان لن يموت، وهو سيتغلب على محنه”.
وختم: “أكتفي بهذا سائلا المولى عزّ وجلّ ان يسدد خطانا لما فيه رضاه، ولما فيه خير لوطننا الحبيب لبنان”.