مجزرة إهدن وسم مشين لحزب يعادي كل ما هو وطني
غالب قنديل
يصمّم حزب القوات اللبنانية على نهج العداء والتحريض ضدّ كلّ ما هو وطني. هو يستفيء قانون عفو خاص بعد إدانة مبرمة في جريمة مشهودة في حكم للمجلس العدلي والواقعة تنطبق عليها قانونا وعرفا صفة المجزرة الدموية والجرم الشائن المشين، الذي ينزع أيّ مشروعية أو أهلية عن الجهة المرتكبة والمدانة. لا يمحو الوصمة من ذاكرة الوطن والشعب عفو أو قرار ردّ اعتبار بحق المجرم، الذي لم يدلِ بأيّ اعتراف علني أو اعتذار، ولم يتلُ فعل ندامة أبدا، بل هو يحاضر في العفة الوطنية بأعين مفتوحة.
القانون هو عفو خاص بالتعريف الحصري، وهذا أدعى لعدم طيّ الصفحة السوداء أو نسيان المأثرة الدامية. لسنا في مورد نكئ أيّ جرح بعد مسامحة أولياء الدم على طريقة نسامح ولا نغفر أو ننسى، وهذه بداهة تعبّر عن ترفّعهم الأخلاقي والوطني، الذي يتعارف اللبنانيون على وصفه بالفروسية والشهامة منذ زمن الرئيس الراحل سليمان فرنجيه.
وقاحة الحزب الذي ورث الميليشيا العميلة، ومضيّه في خياراته السياسية المعادية لكلّ ما هو وطني أو عروبي في لبنان دليل متجدّد على كونه لم يراجع حساباته ولم يتراجع، وهو يمارس التورية والمخاتلة، محتفظا بموقع اعتراض وعداء لكلّ جهة وطنية لبنانية ينتجها الواقع السياسي وتتقدّم الى واجهة الحدث.
هذا العداء الموتور باقٍ في صلفه واستفزازه مع تبدّل المستهدفين وتعاقبهم في صدارة المشهد اللبناني، بعد حملات عدائية ضدّ ما أسموه باليسار الدولي في زمن الحركة الوطنية اللبنانية، ثم ما سمّوه بأزلام الاحتلال السوري والوصاية السورية، وها هي القوات تصبّ سيل التحريض السام والحقد على حزب الله وحلفه الوطني.
وكما فعلت في السابق ضدّ سورية، فبركت مفهوم احتلال إيراني مزعوم. والمفارقة أن الجيش العربي السوري كان فعلا على الأرض اللبنانية في إطار قوات الردع العربية بعد حرب السنتين، وبنتيجة تفاهمات عربية ودولية، أدت الى صيغة لوقف الحرب وحلّ الميلشيات ونزع السلاح، فانتشر في العديد من المناطق اللبنانية وفرض السلم الأهلي.
اليوم لا يلاحظ أيّ لبناني أيّ ملمح أو مظهر لأيّ تواجد إيراني ملموس في أيّ منطقة لبنانية. والخبراء والمهندسون المشاركون في حمل المشورة للمقاومة ليسوا ظاهرين، ولا يُعتلمون في أيّ مركز أو موقع، لكنّه فعل العداء المتأصّل لكلّ ما هو وطنيّ ومقاوم للعدو، وتحريض مدروس يعتمد الإيحاء بالأكاذيب والفبركات.
بات كلّ جهد القوات وتحريضها منصبا على حزب الله، الذي انتزع الراية والصدارة بدور كبير ومحوريّ في قيادة معارك التحرير والصمود الى اليوم، وهو يؤكد جدارة قيادية ورشدا وحرصا يّغمط عليهما، وكذلك حكمة ورصانة يثبتهما الترفّع على التخرّص والتطاول والحماقة في كيل الاتهامات، وتنظيم الحملات العدائية.
حزب القوات مصمّم بفجور شديد على ترويج اصطلاح الاحتلال الإيراني وتكراره في عودة الى تعليمات القائد النازيّ غوبلز الشهيرة “إكذب إكذب “. وما من مظهر أو ظلال عن تواجد إيراني في لبنان. وحزب الله بكلّه وكلكله حزب لبناني عن بكرة أبيه، ولكن التذاكي والتضليل القواتي ينتهز ويستظلّ حقيقة ظاهرة ومصرّحا عنها جهارا، هي الدعم الإيراني، الذي بلغ أقصاه مع إيفاد الخبراء، الذين ساعدوا في التدريب، ومكّنوا حزب الله منذ انطلاقته من امتلاك القدرة والخبرات العسكرية والتقنية، التي أصّلها ووطّنها، وهو يواصل تطويرها بإبداع.
في لبنان اليوم فيلق خبراء ومهندسين لبنانيين من الحزب المقاوم، نقلوا إلى أقرانهم وإخوانهم ما تلقوه على يد المدربين الإيرانيين، والتطوير مستمر بكلّ أصالة وابتكار، وبحفظ الجميل لإيران الشقيقة والامتنان لما قدّمته وبذلته من تضحيات مادية ومعنوية ومن شهداء من ضباط الحرس الثوريّ الأشقاء، الذين استشهدوا على أرض لبنان، وكانوا في بعثات تدريب ودعم، نحفظ في وجدان شعبنا فضلهم بتعاظم قدرات المقاومة، وفي تحقيق إنجازات قاربت الإعجاز في شتّى فصول المواجهة المستمرّة.
نقول ختاما بالعودة للذكرى والمناسبة: إن أصالة الموقع والموقف الوطني العروبيّ التحرّري للوزير فرنجية وأمانته للتحالف مع حزب الله في كلّ الظروف والتحولات، هي امتداد لميراث أصيل ومشرّف. وهو اليوم ركن بارز وأصيل في حلف وطني، يحتضن المقاومة ويدعمها. فله تحية واحترام باسم الوطنيين الشرفاء.