نذير الحماية ونفير النهوض
غالب قنديل
عندما يخصص قائد المقاومة كلمته لموضوع واحد وقضية واحدة فهو يعين الأولوية الحاسمة، التي تتقدم على سواها، ويفترض أن تتجه صوبها الجهود والعقول، وتتضافر سائر الطاقات الوطنية المتاحة لإتمامها وإنجازها.
في التوقيت السياسي ولاقتصادي والمالي برزت مسألة حاسمة، هي تعيين وجهة استثمار الصدفة السعيدة وكسب السبق مع العدو الطامع المتربّص لمباشرة الاستخراج والاستثمار في حقول مكتشفات الغاز والنفط من مياهنا الإقليمية دون إبطاء، وهي المهمة الوطنية الراهنة، التي يجب تكريس كل جهد متاح لإنجازها بنجاح وتوفير كل الشروط اللازمة لتحقيق الغاية دون أيّ تماهل او بلادة.
أول النداء والنفير مباشرة العمل دون تأخير وقبل أن ينشب العدو خراطيم شفاطته ومنصاته في حصة لبنان الطبيعية، مما يملي علينا إنشاء معادلة تثبيت الحق قانونيا وتحصينه والمقاومة حاضرة لحماية ما تقرّره الدولة بشأن ذلك وضمن مدى ما تقبله وترتضيه وتشهره نطاقا سياديا لبنانيا.
أما في ملف الاستخراج والاستثمار، فالمقاومة لم تتدخّل سواء في اختيار الشركاء ومفاضلة العروض وتعيين الأنسب منها. هذا مع العلم أن من كنوز الوضع اللبناني ومعادلاته ما تملكه هذه المقاومة وقائدها من هيبة وتأثير معنوي واحترام وتقدير عند أهمّ الدول الشرقية المنتجة للغاز: روسيا وايران.
بالتأكيد، لو طلب لبنان الرسمي معونة موسكو لما تأخرت، وهي الدولة الشرقية الصديقة، التي تعتبر من أهم منتجي الغاز ومصدّريه في العالم. وأما ايران التي تمتلك قدرات وخبرات مهمة، فهي تجمع الى الكفاءة والجدارة التقنية والخبرة والعراقة في المجال والاختصاص، كونها تنظر وتتصرّف بحمية استثنائية في التعامل مع أي طلب لبناني أو التماس، يحمل إشارة وتزكية سيد المقاومة.
لم تبخل أيران في السابق، وهي لن تبخل أبدا في كلّ ما يساعد لبنان على تخطّي الصعوبات، ويسهم في انتشاله. فكيف إن كان الراهن هو التقاط فرصة انتعاش وازدهار باستثمار ثروة وطنية كامنة، تملك ايران في نطاق استخراجها واستثمارها وتسويقها كثيرا من القدرات والخبرات العملية والتقنية والتجارية المشهود لها عالميا.
لولا الجحود والانخلاع الناجمين عن ارتهان قوى نافذة ووازنة في نظامنا السياسي وعبوديتها للغرب الاستعماري، لكان البديهي هو الشراكة اللبنانية مع إيران وروسيا في الاستخراج والاستثمار وبناء قطاع منتج بخبرات مشتركة وتأهيل القدرات اللبنانية.
ولا توجد واقعيا أي عقبات حقيقية في مواجهة تحدّي تأمين القوة البشرية المؤهلة علميا وتقنيا لإدارة وتشغيل الاستخراج والإنتاج والمعالجة الصناعية المتمّمة، فلنا رصيد قدرات وخبرات وعلاقات، يمكن الاعتماد عليها. وهنا نقول للمسؤولين أنه يفترض توجيه نداء عاجل يستنهض شتات المهندسين والخبراء اللبنانيين من سائر المغتربات والمهاجر، ودعوتهم الى مؤتمر على أرض الوطن لمناقشة التقارير والدراسات العلمية وسائر الاقتراحات المجمّعة، ونعلم أن بينهم كفاءات عليا يتمنى أصحابها لو قدّر لهم توظيفها وتسخيرها في لبنان لوضعها في إطار منظّم يخدم وطنهم وينهضه.
التحدّي، هو استجماع القدرات والكفاءات في ورشة تأسيس قطاع واعد ومؤهل لنقل البلد الى زمن جديد وواعد اقتصاديا وماليا إذا أحسنا التعامل مع الصدفة السعيدة والثمينة، وليكن هذا الإطار الذي يجمع الكفاءات اللبنانية المختصة، ففي الاغتراب هيئة استشارية تُعرض عليها المشاريع والعروض قبل البتّ بها في السلطة التنفيذية، وأيٍّ من مستويات القرار السيادي التشريعي والتنفيذي.
لن نستطرد في نسج التصورات والسيناريوات المستقبلية الممكنة، ولكن المطلوب، هو بداية عملية تنفتح بعدها مسارات انتعاش وازدهار، تتخطى حدود الخروج من الدوامة الكارثية.