الريبة في مصدر الغاز المصري والبدائل المتاحة
غالب قنديل
تكشّفت وقائع ومعلومات تشي بتحوّل عملية استجرار الغاز الى فخّ يدخل لبنان في منزلق التعامل مع الكيان الصهيوني بطريق التفافي، وعبر تورية مركبة تولتها القاهرة، بكل أسف، في لعبة غير نزيهة لاستثمار الانهيار الخطير، الذي يجتازه بلد شقيق. والغاز المطروح استجراره الى لبنان من مصر ملتبس المصدر.
ما من سبيل علمي للتيقّن من هوية الإمدادات التي سنسدد ثمنها العاجل أو الآجل من عرق شعبنا ودمه. فالغاز المندمج في الأنابيب عصي على الفرز وتحديد المصدر بين الوارد من الكيان الغاصب أو القادم من الشقيقة مصر، والعجب العجاب أن تُلقى جانبا قائمة المورّدين المحتملة، وفيها أصدقاء وحلفاء، قد يقدمون الكثير من التسهيل والتيسير والمراعاة.
من سورية الى إيران وروسيا تمتدّ الفرص والبدائل والعروض الميسّرة، لكنها تعامل بإهمال وجلافة وقحة، أملا في استرصاء السيد الأميركي ومراعاة اشتراطاته المناقضة للمصالح الوطنية بكل المعايير السيادية والاقتصادية. وهذه ذروة الانخلاع والاغتراب عن المصالح الوطنية والسيادية.
الى متى يبقى البلد حبيس الخنق الأميركي، ممتنعا عن توسيع الشراكات المجدية مع أصدقاء في الشرق، يملكون قدرة الإعانة والمساعدة بلا أطماع أو شبهات هيمنة واختراق، وهم يؤكدون علانية أن لديهم قابلية التيسير بدافع التضامن والشراكة مع بلد ينطوي على ميزة أنه بلد المقاومة، التي تكسبه وزنا وقيمة معنوية، يحترمها الأصدقاء بقدر ما يخشاها العدو الصهيوني والغرب الاستعماري بجميع دوله.
إن ميزة المقاومة وقيمتها الفائضة معنويا وسياسيا تبدو قابلة للتسييل في رصيد شراكات إسعاف ومساعدة وتيسير، بينما يصرّ المسؤولون على الخيارات والبدائل المشوبة بالشبهات الصهيونية، التي يلهثون اليها خلافا لأي اعتبار وطني سيادي وأخلاقي.
الرضا الأميركي، هو السقف الفعلي للمواقف، وليست المصلحة الوطنية العليا. وهذا عار مشين، لا ينبغي الرضوخ له أو التعايش معه بأيّ شكل كان، دون احتساب فوارق العروض لجهة الكلفة. وقد ورد استعداد إيراني لاحتساب الكلفة بالليرة اللبنانية، كما كشف السيد نصرالله وأكدت طهران رسميا ذلك مباشرة وببيان رسمي.
المفارقة أن الغرب الخانق المتغطرس يلهث خلف الشراكة والصداقة مع ايران، ويحوّل ضغوطه وعقوباته الى ورقة مساومة، لتحصين مصالحه وطموحاته لشراكة وعلاقات، يسيل لها لعاب الشركات العملاقة في الغرب، التي تنتظر بكلّ لهفة لحظة تلقّي إجازة التحرّك الى بلد وافر القدرات والإمكانات، بينما النخبة اللبنانية الحاكمة تراوح في أسّ الهيمنة، رغم كل الخراب الذي حصدناه.
لا بديل عن التوجّه شرقا في سبل الإنقاذ والنهوض، وسوى ذلك مراوحة داخل هوّة سحيقة وخانقة، تمنع أيّ مسرب شعاع أو تنفّس. وبئس المصير إن كان استلاب النخبة الصمّاء المخوّلة التابعة سيجرّ البلاد الى أهوال خراب مميت، يعدمنا فرص الحياة والتنفّس، ويقذفنا في هوّة مهلكة.