قراءة أولية في نتائج الانتخابات النيابية
غالب قنديل
ستكون حصيلة الانتخابات النيابية ونتائجها موضوعا مستمرا وحيّا في النقاش السياسي خلال الفترة المقبلة، وفي التقييم الأولي ينبغي القول أن الثنائي المقاوم، الذي يضمّ حركة أمل وحزب الله استطاع الحفاظ على حجمه النيابي ومن غير أي خسارة، وأظهر ثباتا واضحا سياسيا وتمثيليا.
بالمقابل مُني حلفاء من الخيار الوطني بخسائر واضحة كالحزب الديمقراطي وحزب التوحيد والحزب القومي. كما سوف تفتقد ساحة النجمة الرئيس إيلي الفرزلي الذي لعب دورا بارزا على مدى سنوات كبرلماني وكركن في الحلف الوطني. وقد شكّل الى جانب الرئيس بري دينامو المبادرات بالتعاون مع سائر الشركاء.
المجلس الجديد سيكون ميدانا لبروز وجوه وأسماء جديدة، بعضها قد يتجلّى ويبرز في مقاربة الملفات والقضايا. وتستحق المتابعة الوجوه النسائية الجديدة التي ستطلّ من منبر الندوة النيابية، وبعضهن يحملن شهادات وكفاءات تستحق الفرصة والاختبار في مسؤولية العمل العام، التي يتيحها البرلمان.
بكلمة، سنكون أمام اختبار يستحق الفرصة والمتابعة بدلا من الأحكام المسبقة. في حين ستُجري القوى والأحزاب السياسية تقييماتها الخاصة كلَ على حدة لنتيجة الانتخابات، التي تخصّ كلا منها. والأوجب في هذا المجال تحكيم العقلانية النقدية المؤهِّلة لاستخراج العبر والدروس بدلا من الاستغراق في الانفعال السلبي والإحباط ونكاية ما يثيره الخصوم في نشوة الربح.
البرلمان الجديد سوف يواجه تحديات الانهيار وتداعياته، وهو سوف يتصدّى لانتخابات رئاسية مقبلة، واختباره الأول سيكون حكومة ما بعد الانتخابات وبيانها الوزاري. وخطة العمل التي سوف تتبنّاها والتجربة كفيلة بفرز المواقف والخيارات.
إضافة لما تقدّم، نشير الى أن المطلوب نقاش بين شركاء الخيار الوطني، للتقييم واستخلاص الدروس، ولدراسة خطّة المستقبل وسبل اخراج البلد من المأزق، أيّا كانت الحكومة القادمة في قوامها وبرنامجها، وتحديد التوجّه المناسب في التعامل مع الوضع الجديد.
لا يحتمل توازن القوى والواقع الوطني رهانات انقلابية، ويستدعي انفتاحا على التفاهمات والتسويات، وتغليب اختيار الحوار والشراكة بين المختلفين. وهذا في لبنان قدر لا بديل عنه، أما الأوهام الانقلابية المتطرفة فتعرّض البلد لخضات عبثية، قد تودي بأصحابها في مهالك خطيرة.
في التجارب عبر لمن يقرأ ويدرس، والتوافق هو الخيار الجبري لضمان الاستقرار. وتلك العبرة هي عصارة خضّات وزلازل أورثت خسائر بالجملة، ولحق أذاها سائر اللبنانيين دون استثناء خلال العقود الماضية، وفتحت بوابات مشرعة للتدخّلات المؤذية. نأمل أن يقود النقاش العقلاني والتفكير الرصين الى استخلاصات ترشد الفريق الوطني في المرحلة القادمة، وترسم إطار عمله من داخل البرلمان وخارجه.