مطالبة شعبيّة لحزب الله بتولّي حقيبتي الأشغال والطاقة!
ناصر قنديل
– يبدو حزب الله بعد ابتعاد طويل عن التعامل مع مواقعه النيابية ولاحقاً الوزارية بغير منظور علاقتها بحماية المقاومة، إلا لمنع قرارات شديدة الأذى على الطبقات الفقيرة ضرائبياً، قد وجد نفسه مضطرا لرفع جرعة انخراطه في المفهوم الكامل للمسؤوليّة النيابية والوزارية من جهة، وبات مقتنعاً بأن تحصين المهمة الأصلية لعمله السياسي المتمثلة بحماية المقاومة باتت تستدعي مزيداً من الانخراط في مهام العمل النيابي والحكومي، بما هو أبعد من تقديم اقتراحات القوانين ومقترحات العمل الحكومي، والمشاركة النشطة في النقاشات، وصولاً للبحث عما تتيحه المعادلة السياسية والطائفية لحزب بحجم حزب الله وما سيناله من أصوات، لفرض حضور يطلب من حلفائه تأييده عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل، ويوفر شروط انتزاعه بموافقة المنافسين والخصوم، وفقاً لمعادلات التعاون التي تطرحها عملية تشكيل أية حكومة مقبلة.
– تتيح متابعة خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، تلمس عناوين في العمل الحكومي تحظى باهتمام الحزب أكثر من سواها، ويرى فيها مدخلا لتغييرات نوعية في واقع أداء الدولة ومؤسساتها تجاه الفئات الشعبية من جهة، وفي رسم قواعد جديدة للأداء الاقتصادي والمالي من جهة أخرى، وليس صعباً أن يكتشف أي متابع لهذه الخطابات أن يضع يده على المكانة المحورية لقطاع الطاقة في الأفكار والمقترحات والمبادرات التي طرحها السيد نصرالله، ولو بصيغة أسئلة، اضافة لما قاله عن ثروات النفط والغاز التي تقع عملياً ضمن اختصاصات وزارة الطاقة، خصوصاً في مجال استثمار البلوكات المتضمنة في ما يسمى بالمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وفي مقدمتها البلوك رقم 9، ومراراً كان السيد نصرالله يوجه أسئلة مدروسة لا يطرحها الا متابع ملمّ بالتفاصيل، مثل السؤال عن عروض الشركات الروسية لإنشاء مصفاة في الزهراني توفر كل حاجات لبنان من المشتقات النفطية والغاز اللازم لإنتاج الكهرباء، وتبيعها بالليرات اللبنانية للدولة والسوق الاستهلاكي، دون أن تكلف الدولة قرشاً، وتحوّل لبنان من مستورد الى مصدر للمشتقات النفطية، والسؤال عن مصير العروض الروسية والإيرانية والصينية لإنشاء معامل تلبي حاجة لبنان من إنتاج الكهرباء، والسؤال عن إمكانية تشغيل أنبوب نفط كركوك طرابلس، ومجموع هذه المشاريع يكفي ليشكل خطة عمل كاملة لوزارة الطاقة. وهي مشاريع تحدث تغييراً هيكلياً في حياة اللبنانيين، وفي ميزان المدفوعات والاقتصاد معاً، ورغم أن القرار النهائي فيها يبقى لمجلس الوزراء، إلا أنه لا يمكن منحها فرصاً حقيقية للدرس والتقييم من دون اهتمام وزير الاختصاص بذلك، وبسبب الضغوط الأميركية لمنعها وتهديد الوزراء بالعقوبات لصرف النظر عنها، يصير السؤال هو هل يمكن أن يقوم وزير للطاقة بذلك ما لم يكن من حصة حزب الله، حيث الحلفاء لا يختلفون كثيراً عن الخصوم في حسابات عدم إغضاب الأميركي؟
– في قطاع النقل بدأ السيد نصرالله بالسؤال عن العروض الصينية الاستثمارات من بينها إنشاء خطوط السكك الحديد تربط لبنان بالمنطقة والمدن اللبنانية ببعضها، ثم أضاف في خطاب الأمس تعهده بالاهتمام بتسريع تنفيذ نفق بيروت البقاع، وفيه اوتوستراد وخط سكة حديد، وهذان المشروعان بجدواهما الاقتصادية من جهة في رفع منسوب الحركة الاقتصادية الداخلية ومع المنطقة، يحتاجان وزيراً لا يقيم حساباً لمصالح مالية شخصية وحزبية، ولا لحسابات الدول ومواقفها، وقادر على تحمل الضغوط وإدارة الظهر للتهديدات، خصوصاً بالعقوبات، وهذا ما جعل هذه المشاريع تعود للضوء، وفقاً لكلام السيد على أيدي الوزير علي حمية.
– الناخبون الذين يطلب منهم حزب الله مرة أخرى التصويت للوائح المقاومة وحلفائها، مقتنعون بأن التحدي السياسي الذي يطرحه الخصوم بدعاء مفتعل للمقاومة، يفرض عليهم الذهاب للتصويت وتلبية النداء للردّ على التحدّي، لكنه يتساءلون عن حقهم بأن يشهدوا سلوكاً هجومياً للحزب نحو التفاعل مع مسؤولياته بحجمه النيابي والشعبي تجاه تولي المسؤوليات الوزارية في الحقائب التي يستطيع عبرها ترك ما هو أكثر من مجرد بصمة نظافة الكلف، والنقاش المنهجي في جلسات الحكومة، والنشاط والتواضع في التعامل مع مراجعات الناس، فالناس تتطلع الى إجابة تسمعها من حزب الله بعد الانتخابات، حول تولي وزراء مدعومين منه حقيبتي الطاقة والأشغال، وقد يكون مجرد تولي مَن يسميهم الحزب لهاتين الوزارتين كافياً لتحول الملفات المعطلة إلى عناوين تنافس بين الدول والشركات، وليس ضرورياً أن تؤول المشاريع شرقاً، عندما يلمس الغرب استحالة تعطيلها بالتهديد بالعقوبات، فيلجأ الى التنافس لنيلها، كما تقول تجربة الوزير علي حمية مع الفرنسيين، ويمكن أن يحدث مع شركتهم توتال اذا ظهر أن إمكانية سحب التلزيم منها لحساب شركة تلتزم التنقيب جنوباً؟
– ما بعد الانتخابات غير ما قبلها في أشياء كثيرة.