كلمات لمن يعتبر في ذكرى 13 نيسان المشؤومة
غالب قنديل
كم تمنيت أن أطالع نقدا ذاتيا جديا في أدبيات حزب الكتائب حول مذبحة 13 نيسان 1975، أقلّه على لسان الشيخ سامي الجميل، الذي يحاول الظهور في ثوب حواري منفتح، وأنا لا أظنّ الخيانة أو الإجرام الدموي، هي سمات تُوَرَّث بقرابة الدم أو وسم أبدي سرمدي، يلاحق أيّ حزب أو أيّ سياسي كان، بغضّ النظر عن مواقفه وتحولات نهجه وممارساته.
مشكلة حزب الكتائب المستعصية، هي في تجذّر مزاعم الحصانة المعززة بعنجهية ادّعاء مفرط عن احتكار الوطنية اللبنانية. ومع انقضاء عقود حُجبت فيها الحقائق، وغُيِّبت عنوة وقائع قاهرة، كرّستها التجارب المتعاقبة، يتراكم المزيد من مركّبات الانحراف. ومن المؤسف أن تُعمي العصبية السياسية والحزبية أيّا كان عن حقائق ظاهرة ومتراكمة ليغلق نوافذ التفكير النقدي ويرفض اعادة تفحص التجارب والخطايا.
لو حاول الشيخ سامي استنطاق الوقائع والشواهد والاحتكام العقلاني، لوجد أن حزبه اقترف جريمة بشعة بحقّ البلد والمسيحيين، الذين بنى نفوذه على مزاعم حمايتهم طيلة سنوات. وليت “الفتى الكتائبي” استنطق ميراث عمّ والده الشيخ موريس، ونبش من الأرشيف العائلي كرّاسة ميثاق “جمعية كل مواطن خفير” التي أسسها عمّ والده، ليدرك أن حزب الله يطبّق قاعدة لم تكن بعيدة عن تراث الدوحة الجميلية الكتائبية، عندما كانت لا تزال بعيدة عن لوثة ارتهان وارتباط وضعت قيادة الحزب في خانة التعامل مع العدو.
طبعا، قد يظنّ البعض أو يعتقد أن حافزي للموقف المقاوم، الذي اتخذته تاريخيا، هو انحياز مذهبي لحزب الله لأني ولدت شيعيا، وأعيد التذكير بانتمائي العروبي التحرّري، ومن موقعي العلمانيّ الثوريّ والماركسي، أجدّد اعتقادي بأن حزب الله، هو الطليعة الوطنية المقاتلة ضدّ العدوّ الصهيوني، كما وهو ذاته القوة الوطنية الصانعة للتفاهمات التي تحصّن الوحدة الوطنية، وتضع إمكاناتها وتحالفاتها في خدمة جميع اللبنانيين وفي سبيل انقاذ البلد، ولا تبحث عن كسب أو منفعة فئوية حزبية صغيرة، أيّا كانت. ولو دقّق أيّ كان في الوقائع لتبيّن صحةَ الاستنتاج.
من الموقع نفسه، نتطلّع بكلّ الاحترام والتقدير الى الرئيس العماد ميشال عون وخطواته ومواقفه الشجاعة، منذ توقيع تفاهم مار مخايل، الذي طوى سنوات صراع واختلاف، وأسّس حلفا وطنيا صلبا، تثبت التجارب والسنون أصالته وفاعليته في حماية لبنان وشعبه. ولو كان الشيخ موريس بيننا لاعتبر نفسه في صلب هذا التفاهم الوطني، يضع إمكاناته بتصرّف الرئيس عون، وفي خدمة التوجّهات الوطنية التي كرّسها التفاهم والتحالف مع حزب الله.
لقد أرسى الفريق الوطنيّ بالتفاهم، وعبر اتفاق الطائف، قواعد ختم الجروح الخطيرة، التي خلّفتها مغامرة ارتهان وارتباط وأوهام مسمومة، جلبت الكوارث على البلد وأهله، والمتوجّب، هو استكمال المسيرة الإصلاحية عبر تطوير النظام الدستوري، والانتقال إلى صيغة أرقى، لترسيخ الاستقرار، وتيسير تطوير مستمرّ في النظام السياسي والدستوري، من خلال الانتقال إلى نظام المجلسين. وانتخاب مجلس الشيوخ، هو الاستحقاق، الذي يكسب النظام حصانة نوعية وطنيا، ويفتح الباب لتطوير الحياة السياسية والحزبية، بتحرير الانتخاب النيابي من القيد الطائفي.