من الصحافة الاسرائيلية
أظهرت العمليات الأخيرة التي ضربت في قلب دولة الاحتلال الخطورة التي تكتسبها مدينة جنين شمال الضفة الغربية، بعد أن أصبحت ومحيطها جيبا لا يمكن السيطرة عليه، سواء من قبل السلطة الفلسطينية أو الاحتلال، في ضوء ما تحوزه من بنية تحتية قوية للمقاومة.
ويدفع هذا الوقت أجهزة الاحتلال إلى رفع مطالباتها بمعالجة هذا التهديد بصورة جذرية، وهي دعوات لم توفر أمنا للاحتلال طيلة السنوات الماضية.
في الوقت ذاته، تؤكد المحافل الإسرائيلية أهمية أن تنطلق العملية الأمنية القادمة ضد جنين على شكل “جدار دفاعي”، دون الحاجة إلى “سور واق 2″، مع العلم أن أحد الدوافع التي قد تجعل الاحتلال يذهب باتجاه تنفيذ مثل هذه العملية المغامرة، ما يدعيه تحطيم الأسطورة التي خلقها المقاومون، ومفادها أن الجيش يخشى دخول جنين، مما منحهم إحساسا بالأمن وهم داخل المخيم، لأنهم يدخلونه عقب أي اشتباكات يخوضونها مع قوات الجيش.
رون بن يشاي الخبير العسكري، ذكر في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته أن “تركيز قوات الاحتلال في جنين في الأيام الأخيرة لا ينبع فقط من خروج جزء كبير من المسلحين في الموجة الحالية من العمليات، ولكن لأن منطقة جنين أصبحت جيبا مليئا بالأسلحة والذخيرة، وفقدت السلطة الفلسطينية السيطرة عليها، والأمر يخص جنين ومحيطها، بما في ذلك مخيمات اللاجئين والقرى حولها، وأصبحت أرضية خصبة للمسلحين من جميع المنظمات”.
وأضاف أن “جنين فرضت على الجيش شن حرب غير متكافئة بين دولة مدججة بالسلاح ضد عناصر حرب العصابات، كما هو الحال في كل الجيوب التي لا يمكن السيطرة عليها، حيث تشعر العناصر المسلحة بالأمان نسبيا لأنه يصعب الوصول إليهم، قيما تتراكم العوامل المعادية ببطء في هذه المناطق، وتتشكل فيها البنى التحتية للمقاومة المسلحة، حتى تصبح ذات استقلالية واضحة، وصولا إلى انسحاب السلطة الفلسطينية من جنين بعد محاولات فاشلة من قواتها الأمنية”.
وكان واضحا قبل موجة العمليات الحالية أن جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام- الشاباك، يعتبر أن منطقة شمال الضفة الغربية تشكل تحديا حقيقيا لهما، بطريقة منهجية وواسعة النطاق، خاصة منذ ظهور البنية التحتية الغنية بالسلاح لحماس والجهاد الإسلامي، سواء في مدينة جنين أو مخيمها والقرى المجاورة، وهي مسؤولة عن الهجمات التي بدأت في الأيام الأخيرة، وتم التخطيط لها من هناك، بالتوازي مع موجة عمليات التقليد والمحاكاة، وهي أخطر بكثير من الهجمات الفردية.
كشفت وسائل الإعلام عن حالة من عدم الارتياح لدى مختلف محافل الاحتلال الإسرائيلي؛ السياسية والأمنية، من الطريقة التي تمت بها التغطية الإعلامية لمجريات أحداث عملية تل أبيب، التي وقعت الخميس الماضي.
وأوضحت صحيفة “معاريف” العبرية، في خبرها الرئيس، أن “وسائل الإعلام في أرجاء العالم، غطت العملية القاسية في تل أبيب، ونوهت بأن التخوف في إسرائيل هو من تعاظم موجة العمليات الحالية”، وأدت هذه العملية إلى مقتل 3 مستوطنين إسرائيليين بالرصاص، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة.
وأشارت “نيويورك تايمز”، إلى أن “العملية في تل أبيب كانت الأخيرة في موجة العمليات الأكثر فتكا في إسرائيل منذ 2016، وهي العملية الرابعة في غضون أقل من ثلاثة أسابيع”.
أما صحيفة “الغارديان” البريطانية، “المعروفة بمواقفها المؤيدة للفلسطينيين”، بحسب الصحيفة العبرية، فقد “امتنعت عن تسمية المنفذ “إرهابيا” أو “مسلحا”.
وأضافت: ” الغارديان مثلما فعلت وسائل علام أخرى، تناولته بصفته “رجل فلسطيني”، موضحة أن الصحيفة البريطانية ذكرت أن “حكومة إسرائيل هددت بالرد في ضوء المخاوف من تصعيد واسع”.
وفي مؤشر واضح على انزعاج الاحتلال من أداء وسائل الإعلام العالمية، استنكرت صحيفة “هآرتس”، في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام العبرية.
وأكدت أن “عمليات البث في قنوات التلفزيون الإسرائيلية عكست فقدانا مزدوجا للسيطرة؛ أولا، من ناحية قوات الأمن التي لم تنجح في السيطرة على المنفذ، وظهرت صعوبة في التنسيق بين الشرطة والوحدات الخاصة في الجيش التي أرسلت لمركز تل أبيب”.