من الصحافة الاسرائيلية
ألقت عملية إطلاق النار في مدينة الخضيرة بظلها على اجتماع وزراء خارجية إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات ومصر والمغرب والبحرين، الذي عُقد ويواصل الانعقاد اليوم، الإثنين، في كيبوتس “سْديه بوكير” في النقب. وبعد تنديد الوزراء بالعملية، عادوا إلى محادثاتهم، التي لم يتعهد أي وزير فيها بصدور بيان ختامي مشترك ضد إيران، أو ممارسة ضغوط مشتركة على الإدارة الأميركية بشأن إخراج الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأميركية لـ”المنظمات الإرهابية”، كما لم يتعهدوا بالاتفاق على زيادة ضخ النفط، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الإثنين.
إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن المجتمعين طرحوا أفكارا حول دفع تعاون في مجال الدفاع مقابل إيران، ووصفوا خطوة كهذه بأنها “هندسة أمن إقليمي”، تهدف إلى بلورة “حلول رادعة مقابل التهديدات في الجو والبحر”.
ونظم وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، الاجتماع “بصورة تكاد تكون عفوية”، خلال أيام معدودة، ومنذ علمه بزيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل. ولم يضع لبيد أهداف واضحة للاجتماع، وفقا للصحيفة. وقال مصدر إسرائيلي شارك في تنظيم الاجتماع إنه “نأمل أن ننجح بالوصل إلى إنجازات سياسية”.
والسبب الأساسي الذي سمح بعقد اجتماع وزراء الخارجية في النقب، هو فرصة لقاء وزراء الخارجية العرب المشاركين في الاجتماع مع بلينكن بشكل مباشر. “وفي مكتب لبيد رصدوا هذه الفرصة بعد تأكيد بلينكن على زيارته”.
وقال مدير عام “معهد ميتافيم للسياسة الخارجية الإقليمية، د. غيل مورسيانو، للصحيفة إن “إسرائيل تلعب دورا هاما في المحور الذي يربط دول المنطقة بالولايات المتحدة، خاصة إثر المفهوم المتزايد لمغادرة أميركية وفتور كبير في العلاقات الأميركية – الإماراتية. وهكذا انقلبت الأمور رأسا على عقب، فإذا كانت الولايات المتحدة في الماضي ’العراب’ الذي أنشأ العلاقات بين إسرائيل والإمارات، أصبحت إسرائيل الآن هي التي تساعد في الحفاظ على العلاقات الأميركية – الخليجية”.
واعتبرت الصحيفة أن عقد اجتماع وزراء الخارجية يبعث برسالة واضحة إلى إيران وكذلك إلى الإدارة الأميركية التي تفاوضها، بأن “التقارب الأمني بين دول الخليج، المغرب ومصر مع إسرائيل، بكل ما يتعلق بمواجهة هجمات الطائرات المسيرة والجهود النووية، هي ليست حقيقة منتهية فقط، وإنما هذا تقارب معلن”.
لكن مصدر سياسي إسرائيلي أشار إلى أنه في الإمارات والبحرين لا يطلقون مؤخرا تصريحات حول الصراع مع إيران، مضيفا أن “لكل دولة حساسياتها حول الموضوع الإيراني، سواء بما يتعلق بالإرهاب أو بالنووي. وينبغي السير بحذر بين المصالح المختلفة”.
وجهت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الإثنين، انتقادات إلى جهاز الأمن العام (الشاباك) على خلفية عملية إطلاق النار في مدينة الخضيرة والتي وقعت بعد أقل من أسبوع من عملية الدهس والطعن في بئر السبع، والمنفذون في كلتا العمليتين من مؤيدي تنظيم “داعش”.
وبحسب المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، فإنه يتعين على تحقيق يجريه الشاباك والشرطة حول عملية الخضيرة استيضاح ما إذا كانت “عملية تقليد بإيحاء من عملية بئر السبع، أم أنها مبادرة منظمة أكثر من جانب منظمة إرهابية”.
وأشار هرئيل إلى أن “ثمة حاجة لاستيضاح لماذا لم يكن هناك إنذار مسبق للمرة الثانية على التوالي. فهذه المرة لم ينفذ العملية شخص بمفرده”. وأضاف أنه لأن منفذي العملية، “جاءا مسلحان بمسدس على الأقل، فإنه من الجائز أن هناك من باعهما إياه أو زودهما به”.
ورأى المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، أن “هذا بات يبدو كإخفاق للشاباك. كيف يعقل أنه لم يتم تركيز جهد أكبر ضد هذه الخلايا الإرهابية؟ وتقييم الوضع في الجيش الإسرائيلي والشاباك قبل شهر رمضان كان أنه في حال حدوث تصعيد فإنه سيكون في القدس والضفة الغربية. إلا أن هذه العملية (في الخضيرة) لم تكن عفوية. وقد تم التخطيط لها مسبقا. والمنفذان جاءا حاملين أسلحة وعملا بشكل محترف. ومرة أخرى، الشاباك لم يرصدهما”.
واعتبر يهوشواع أن “الشاباك قوي في المناطق (المحتلة)، وبشكل أقل بين عرب إسرائيل. فهناك تسري قواعد أخرى. وشددنا على أن عملية حارس الأسوار (العدوان على غزة في أيار/مايو الماضي) كانت دعوة اسيقاظ لدولة إسرائيل لأحداث متعددة – الجبهات والتشديد على عرب إسرائيل. وقبل سنة أيضا لم يتميز الشاباك بتوفير إنذار مسبق للأحداث ولا خلال أعمال الشغب” في إشارة إلى الهبة الشعبية والاحتجاجات على القمع الإسرائيلي في القدس المحتلة والعدوان على قطاع غزة.
وبحسب يهوشواع، فإن “مسؤولين سابقين في الشاباك يقولون إنه تم إهمال الشعبة العربية في الجهاز. وهنا أخفق عناصر الشاباك مرة تلو الأخرى”.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة معاريف طال ليف رام، إلى أن “غزة هادئة حاليا، لكن الطريق نحو تسخين مناطق أخرى، خاصة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، أقصر بكثير. ومعظم العبء المخابراتي ملقى الآن على الشاباك، وعندما تكون كمية السلاح غير القانوني كبيرة بهذا الشكل في الوسط العربي، فإن نقطة الانطلاق يجب أن تكون في أعقاب نجاح العمليتين الأخيرتين أنه ستكون هناك عمليات أخرى”.