أنصار الله والثورة التي ترعب الحلف الاستعماري
غالب قنديل
تضغط بقوة على دوائر الرصد والمتابعة الغربية والرجعية والصهيونية تحولات القدرة العسكرية لحركة أنصار الله، وما أنجزته ميدانيا في مواجهة خصومة غير متكافئة، وعبر سجال حربي يحكمه اختلال كبير ونوعي في شتى المجالات.
فالجبهة المقابلة على ضفة حلف العدوان تقودها الولايات المتحدة الأميركية بإمكاناتها الهائلة كإمبراطورية عالمية مهيمنة ومتغطرسة، تشبك خلفها سائر دول الغرب وحكوماته، التي تسهم معنويا وماديا، وعند الضرورة في جميع المغامرات الأميركية العدوانية في العالم.
ومع هذه المنظومة الاستعمارية وخلفها فلول الرجعية العربية، يتقدمها النظام السعودي، الذي ينصاع للأوامر والتعليمات الأميركية، ويسابق لتقديم فروض الطاعة والولاء، وهو يلقي بثقله الاقتصادي والسياسي والعسكري لسحق أحرار اليمن بكل قوة، خوفا ورعبا من خطر العدوى الثورية وانقلاب التوازن الإقليمي في الخليج كلِّه حال انتصار اليمن المرتقب.
استطاعت حركة أنصار الله تحويل التهديد الى فرصة في تمثّل مدهش لدروس وخبرات ثورية متأصلة، وهي استثمرت على طول المدى الزمني للحرب، الذي شكّل تحدّياً كبيراً في المراحل الأولى، وهو اليوم مفاجأة أكبر لقوى العدوان.
وكما أشرنا مرارا، قادت مراكمة الخبرات والتجارب إثر ضغط الحصار والعدوان والحاجة إلى بلوَرة حركة إنتاجية في مختلف القطاعات، ومنها قطاع الإنتاج الحربي. ولدى أنصار الله خطط وبرامج طويلة الأمد لمزيد من تطوير الأداء العسكري على الجبهات كافة.
إن توطين الخبرات والتقنيات تعدّى النطاق العسكري، وبعد انجازات مبهرة لتصنيع الأسلحة اليمنية، ولاسيما الطيران المسيّر، ظهرت الصواريخ البالستية المطوّرة يمنيا، وصواريخ أرض – بحر من الإنتاج الحربي اليمني، وهو ما يستكمل ارتسام ملامح ثورة صناعية، واقتدار تقني وابداع كبير وعميق في هضم التقنيات الحديثة وتطويعها بصورة مبدعة.
هذا التحول الثوري المذهل يضع اليمن في قلب المنطقة ومستقبلها، وفي قطبية صراعاتها المحتدمة، وبالذات هو في عين الرصد الصهيوني المستمر، نتيجة الهوية الفكرية السياسية الواضحة لقيادة أنصار الله، وتأكيدها المستمر على انتمائها إلى محور المقاومة، وتجديدا إلى الحلف المنعقد حول حزب الله وأمينه العام، الذي اعتبره السيد عبد الملك الحوثي بحق مرجعية وقدوة وسندا لأحرار المنطقة.
تتنامى القوة اليمنية، وتقترب لحظة انتصارها الموعود، وهي تغيّر البيئة الإقليمية، بينما يعيش حلف العدوان حالة من التقهقر والاستنزاف، ويسعى بكلِّ ما لديه من القدرات لتأجيل ساعة الهزيمة المبرمة والانكسار النهائين وهي تدنو بسرعة.
مثل تلك الانكسارات تكون حبلى بالمفاجآت، وتتجسّد من غير ارتقاب أو سابق انذار، كما تقول عِبر الحروب غير العادلة وهزائم المعتدين، الذين سرعان ما يولّون الأدبار، لينجوا من جحيم أشعلوه وخلّفوا وراءهم الكثير من عساكرهم وعتادهم في قبضة المقاومين المنتصرين. وما أكثر الشواهد من فيتنام إلى لبنان، وهذا بالذات ما نتوقعه في خاتمة الحرب اليمنية، التي تقترب لتزف ولادة قلعة مقاومة تحرّرية ظافرة، ستتّسع لإشعاعها وحضورها الملهم ساحات ومنابر وعقول في الوطن العربي والعالم، وستتحول ميدانا للبحث والمعاينة والدراسة.
إني من موقعي الفكري والسياسي، أجدّد دعوتي إلى الأشقاء في أنصار الله للتركيز على تدوين التجارب العسكرية والميدانية ووقائعها، لتكون لدينا ذاكرة توثيقية، ومنهل تعلّم لجميع الأحرار والمقاومين في منطقتنا، التي ستشهد مزيدا من المعارك والحروب حتى تحرير فلسطين.