من الصحافة البريطانية
تناولت صحيفة فاينانشال تايمز في تقرير انعكاسات استمرار الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال التقرير إن الغزو الروسي لأوكرانيا أدى إلى اختفاء الدقيق من المحلات في لبنان منذ بداية مارس/ آذار، وارتفاع سعر الخبز بنسبة 70 في المئة.
ونقل التقرير عن محاضرة جامعية لبنانية قولها إن “المتاجر الكبرى تخزن السلع الأساسية، ثم تبيعها بأسعار أعلى”.
وذكر التقرير أن عملة لبنان فقدت أكثر من 90 في المئة من قيمتها منذ عام 2019. وأضاف أنه “نظرا لكون أكثر من 70 في المئة من واردات القمح تأتي من أوكرانيا، تعرض المستهلكون لضربة أخرى”.
وأشار التقرير إلى أنه في جميع أنحاء المنطقة “تعتبر الحبوب والزيوت النباتية من أوكرانيا وروسيا حاسمة بالنسبة للأنظمة الغذائية الوطنية، وقد أثارت الحرب مخاوف بشأن الأمن الغذائي والاستقرار السياسي”.
وقال صندوق الأمم المتحدة الدولي للتنمية الزراعية إن تأثير ارتفاع أسعار الغذاء ونقص المحاصيل بدأ يتضح بالفعل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقال غيلبرت هونغبو رئيس الصندوق: “قد يتسبب ذلك في تفاقم الجوع والفقر، مع تداعيات وخيمة على الاستقرار العالمي”.
وأضاف التقرير “بصرف النظر عن لبنان، أوكرانيا هي المورد الرئيسي للقمح إلى تونس وليبيا وسوريا. ومصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، تعتمد على روسيا وأوكرانيا في أكثر من 80 في المئة من القمح الذي تشتريه من الأسواق الدولية، وفقا لبيانات الأمم المتحدة”.
وأشار التقرير إلى قول اقتصاديين إن مستوردي الحبوب والطاقة، مثل مصر وتونس والمغرب “سيجدون ميزانياتهم تحت ضغط أكبر لأنهم ينفقون المزيد على الواردات والدعم”.
وكانت مصر قد تبنت إجراءات صارمة لضمان استمرار برنامج الخبز المدعوم، الذي يطعم 70 مليون شخص، في مساره على الرغم من الحرب. وأشار التقرير إلى ما قاله مسؤولون عن أن “لديهم ما يكفي من القمح لمدة أربعة أشهر في مخازن الحبوب الخاصة بهم”. وسيبدأ الحصاد المحلي في منتصف أبريل/ نيسان.
كذلك، خفضت الحكومة المصرية يوم الاثنين قيمة عملتها ورفعت أسعار الفائدة مع تحرك البنك المركزي لاحتواء تأثير الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد. كما حددت الدولة سقفا لسعر الخبز غير المدعوم والذي ارتفع في الأسابيع الأخيرة.
ونقل التقرير عن محللين في بنك غولدمان ساكس قولهم إن “أكبر خطر على المدى القريب على توقعات مصر في الأشهر المقبلة سيكون التعديلات في أسعار السلع الأساسية المحلية، لا سيما أي تعديل في دعم الخبز”.
وفي تونس “أدى توقع المزيد من النقص، مع اقتراب شهر رمضان الذي يزيد فيه استهلاك الأغذية، إلى دفع المتسوقين المذعورين إلى إفراغ رفوف متاجر التجزئة”.
وأضاف التقرير أنه “بعد توليه السلطة قبل ثمانية أشهر، وتعليق عمل البرلمان والدستور، لم يأتِ الرئيس التونسي قيس سعيد بعد بخطة لمعالجة الاقتصاد المتدهور. في الأشهر الأخيرة، تخلفت الحكومة أحيانا عن دفع رواتب موظفي القطاع العام، وكان هناك نقص في الدقيق حتى قبل الحرب”.
نشرت صحيفة تايمز مقال رأي لميلاني فيليبس بشأن الموقف الإسرائيلي تجاه الحرب في أوكرانيا.
وقالت الكاتبة إن إسرائيل تجد نفسها حاليا “عرضة للنقد وسوء الفهم بالقدر نفسه”.
وأوضحت بالقول “كان رئيس حكومتها، نفتالي بينيت، يعمل كوسيط بين روسيا وأوكرانيا. وباعتباره يهوديا ملتزما، فقد انتهك قواعد السبت الصارمة بالسفر إلى موسكو لمحاولة التوسط في وقف إطلاق النار”.
وأضافت “مع ذلك، فإن إسرائيل تتعرض للهجوم بسبب الشيء الذي يجعل بينيت وسيطا مناسبا – الخط الدقيق الذي تتخذه حكومته بين دعم أوكرانيا وعدم انتقاد روسيا”.
وأشارت إلى أن “الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي قال إن إسرائيل في وضع فريد للتوسط ويريد إجراء محادثات في القدس، انتقد إسرائيل في خطاب ألقاه أمام الكنيست يوم الأحد لعدم إرسال أسلحة أو فرض عقوبات شديدة ضد روسيا”.
وأوضحت أنه “شبه الغزو الروسي بالإبادة الجماعية لليهود من النازيين. تسبب هذا في غضب في إسرائيل وتوبيخ حاد من متحف المحرقة ياد فاشيم الذي اعتبره تقليلا من أهمية الحقائق التاريخية للمحرقة وتشويهها”.
وقالت فيليبس “قدمت إسرائيل مستشفى ميدانيا كاملا لأوكرانيا. ولكن في حين تم انتقاد العديد من الدول الأخرى لعدم توفيرها الأسلحة التي يمكن أن تهزم القوات الروسية، إلا أن أيا منها ليس في وضع إسرائيل الصعب بشكل فريد. لأنها عالقة بين أوكرانيا وروسيا. هذا لأنها تعتمد على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين – راعي النظام الإيراني – الذي يغض الطرف عن الطلعات الجوية الإسرائيلية المتكررة على سوريا لتدمير الأسلحة الإيرانية التي يتم نقلها هناك لمهاجمة إسرائيل عبر الحدود مباشرة”.
وقالت إنه “على الرغم من ذلك، حرصت إدارة بايدن على الضغط على إسرائيل لتبني عقوبات غربية ضد روسيا. وحذرت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، إسرائيل علانية من أن تصبح (الملاذ الأخير للأموال القذرة التي تغذي حروب بوتين(“.
وأوضحت أن “المسار الدقيق لإسرائيل يعني أنها نفذت بعض العقوبات ولكن ليس كلها. وفي حين أنها لم تنضم رسميا إلى حملة العقوبات، ولم تُقر قواعد تنظيمية تمنع الشركات الإسرائيلية من التعامل مع روسيا، إلا أنها حريصة على ألا تتيح مؤسساتها المالية الالتفاف على العقوبات”.
وأشارت إلى أن عقوبات وقيودا إسرائيلية استهدفت بعض الأوليغارشية الروس الحاملين للجنسية الإسرائيلية، بما في ذلك رومان أبراموفيتش.
وقالت الكاتبة إن “أمريكا ذات وجهين مذهلين”.
“فبينما تضغط على إسرائيل ودول أخرى لفرض عقوبات، فإنها تستخدم روسيا للتوسط في الاتفاق النووي مع طهران (التي ترفض التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة). بموجب الشروط المذكورة في هذه الصفقة، ستجعل إدارة بايدن بوتين الحارس الفعلي لبرنامج إيران النووي”.
وتابعت “على الرغم من انتقاد بينيت في إسرائيل لعدم تقديمه مساعدة كافية لأوكرانيا، فإن الهجمات على حياد إسرائيل من قبل المعلقين الغربيين كانت غير متناسبة ومتطرفة”.
وختمت بالقول إنه “من الصعب أن نتخيل أنه إذا بدأت الصواريخ تمطر على حيفا أو تل أبيب من لبنان أو طهران، فسيكون هناك تدفق كبير من الدعم من الغرب يعادل المشاعر التي يتم التعبير عنها بشأن أوكرانيا”.