التراكمات اليمنية تحفر مجرى الهزيمة السعودية
غالب قنديل
لا انتفاخات أو أورام ذاتية “أنوية” في الخطاب اليمني الواقعي والدقيق سياسيا وعسكريا، بل لغة تتوخى الدقة والأمانة، ترسم مسار التراكم الجاري، الذي يصوغ ملامح تغيير ثوري في البيئة الإقليمية بقوة التضحيات الجزيلة لشعب مكافح وصابر.
وقد شرعت ملامح التبدّل تُظهِر في حاصل التوازنات والشواهد الصارخة، التي تحملها يوميات الحرب، أن بلوغ الضربات اليمنية للعمق في شبه الجزيرة العربية، وتراكم التغيرات في جبهات القتال اليمنية لصالح الجيش واللجان الشعبية المقاتلة، يؤسّس لهزيمة قوى العدوان وانتصار اليمن، الذي يكتسب قيمته وأهميته من حجم الاحتشاد المعادي.
مسار التحول يؤشر الى وجهة الحسم الذي يلوح في الأفق، وإن كان الإيقاع الزمني للتغييرات الحاصلة والمحققة عسكريا بطيئا أحيانا، فهي تؤسّس لانقلاب قادم لا محالة. وقيمة إنجازات الجيش واللجان الشعبية هي في حجم الاحتشاد العسكري والسياسي والقدرات المتضخّمة لجبهة العدوان، التي تضم النظام السعودي بكلّه وكلاكله، إضافة إلى عصابات الأذناب والعملاء من جماعة هادي وزمرة الإخوان المسلمين وعصابة القاعدة، وهو حشد لا يمكن الاستخفاف بمجموع قدراته الهائلة، وتشعّب موارده وكثافتها.
استطاعت حركة أنصار الله مواصلة التقدم الميداني وتفكيك العقد، رغم كل محاولات التوهين والإيهام الساقطة، التي ائتلفت لبثّها آلة دعائية، لامجال لمقارنة إمكاناتها بالقدرات اليمنية المتواضعة، التي يجعلها شديدة الفعل والتأثير بالغة الوقع عظيمة القيمة، هو المضمون التحرّري للخطاب اليمني والسلوك الإعلامي الرصين البعيد عن المبالغة والادّعاء والكذب.
المصداقية والدقة لصيقتان بالبيانات والخطب اليمنية، التي غالبا ما أُقرنت بشواهد من الميدان، فباتت عصيّة على النقاش والتشكيك محصّنة بنأيها عن التلفيق والكذب اللصيقين بالجهة المقابلة على ضفاف الحرب. وقد تكفّل ثوار اليمن بتفكيك الخرافات والمزاعم، وهزموا الرواية المعادية من أول مراحل الحرب، حتى تسيّدوا في المشهد الإعلامي، كما كانت يدهم هي العليا، وسطوتهم طاغية في التوازن العسكري المتحول.
التحولات الجارية والمتراكمة تعزز رصيد الجيش واللجان الشعبية، وهو ما جسّدته حشود المتطوعين في رفد الجبهات ومحاور القتال. بينما تحرّكت وحدات مناوئة من خنادق الخصوم، وأعلنت انحيازها وولاءها، والتحقت بمواقع أحرار اليمن.
يشهد اليمن عملية تراكمية جارية، توسّعت أفقيا وعاموديا مع توافد حشود كثيفة من المتطوعين، وتسارع الانحيازات الجماعية والفردية، التي أضافت المزيد من المقاتلين والجنود الملتحقين بالجيش واللجان الشعبية، حيث تبدي القيادة اليمنية مرونة عالية في الاحتواء والدمج، الذي يغني القدرات القتالية.
اللافت مؤخرا، هو توافد حشود شعبية الى مواقع ومعسكرات الأنصار لطلب التطوع والالتحاق بصفوف المقاتلين في الجبهات، وهذا نذير تحولات ميدانية قادمة، ستقرّب من لحظة الانتصار اليمني الكبير. والحماس والاندفاع الشعبي الى التطوع للقتال يعكس حالة معنوية عالية وهجومية، تعزّز الثقة بالنصر وبقدرة الإنجاز الميداني الحاسم.
انتصار اليمن الكبير يقترب بهزيمة مبرمة لحلف العدوان، وهي صفحة جديدة قادمة في تاريخ المنطقة، ستشعّ بنتائجها وتداعياتها في الوطن العربي برمّته، كما كانت جميع فصول انتصار قوى التحرّر والمقاومة في سائر ساحات وبلدان المنطقة.