من الصحافة البريطانية
نبدأ عرض الصحف البريطانية من مقال رأي للمحرر الاقتصادي في الغارديان لاري إليوت، يتناول قدرة العقوبات الإقتصادية في التأثير على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويرى الكاتب أنه رغم قدرة العقوبات الاقتصادية على إضعاف اقتصاد الدولة المستهدفة “لكن ضرب بلد ما اقتصاديا هو أمر مختلف، عن إجباره على تغيير السياسة أو إحداث تغيير في الحكومة”.
وينقل الكاتب عن آدم سلاتر، الخبير الاقتصادي في شركة أوكسفورد إيكونوميكس الاستشارية، قوله إن “العقوبات المفروضة على روسيا بين عامي 2014 و2018 خفّضت الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.2٪”، لكنه يعتقد أن “التأثير الأكبر يبدو مرجحا هذه المرة” نتيجة لتصعيد الغرب.
ويضرب إليوت مثالا بكوبا، التي تخضع للعقوبات الأمريكية منذ أواخر الخمسينيات. ويقول إن التكلفة الإجمالية “بلغت 130 مليار دولار على مدى ستة عقود”، لكن كما أشار الأكاديمي بجامعة هارفارد كريستوفر رودس، “فإن كل العقوبات التي تم تطبيقها هي تزويد النظام بحجة مناسبة لمشاكل البلاد”، وفق رأيه.
“إن تأثير العقوبات الواسعة النطاق ضد فنزويلا كان أكثر ضررا مما كان عليه في كوبا. نما الاقتصاد لأول مرة منذ سبع سنوات في عام 2021 بعد فترة شهدت انخفاض الإنتاج بنسبة 75٪ وانهيار العملة. وكانت هناك معاناة اقتصادية شديدة وهجرة جماعية، ولكن مرة أخرى لم يتغير النظام”، يقول الكاتب.
“حتى العقوبات القاسية قد تفشل في إقناع بوتين”، يقول هولغر شميدنغ من بنك بيرينبرغ.
ويخلص الكاتب إلى أنه “في الماضي، ساعدت روسيا في تخفيف العقوبات المفروضة على دول أخرى. لكن قدرة بوتين على تحمل الإجراءات الاقتصادية التي تستهدفه الآن ستعتمد على عدد الأصدقاء الموثوق بهم الذين لا يزال بإمكانه حشدهم، والأهم من ذلك، ما إذا كانت النخبة ستبقى موالية”.
نشرت الفايننشال تايمز تحليلا لأليستير ميلن الخبير في المدفوعات وأستاذ في جامعة لوبورو، بعنوان “تجربة إيران تشير إلى أن الحظر من نظام سويفت لن يكون بالفعالية المتوقعة”.
بدأ الكاتب مقاله بالقول إنه منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا “ترسخت رواية مثيرة للفضول: حظر البنوك الروسية من نظام الرسائل السريعة، سيؤدي بطريقة ما إلى تجميد البلاد خارج النظام المالي العالمي، لكن تجربة العقوبات المالية على إيران توحي بغير ذلك”.
ويضيف “طبقت الولايات المتحدة، وعززت بشكل دوري، عقوبات اقتصادية على إيران لعقود. منذ عام 1984 واستهدفت هذه العقوبات إلى حد كبير صناعة النفط الإيرانية. ومع ذلك، لم تتحول إلى شاملة حتى عام 2006، عندما تم تقديم سلسلة من ‘الإجراءات المالية المستهدفة’ لمنع البنوك الأجنبية من إجراء معاملات مالية مع إيران”.
ولفت إلى أنه “لم يتم إقصاء المؤسسات المالية الإيرانية من سويفت حتى مارس/ آذار 2012، وانتظار الولايات المتحدة لفترة طويلة للضغط من أجل حظر سريع يخبرنا أنه ببساطة لم يكن أولوية”.
“السبب في ذلك هو أنه طالما كانت هناك بنوك خارجية مقرها خارج الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة في الحلول البديلة، فلن يكون للحظر تأثير يذكر”.
وشرح الكاتب “سويفت هو نظام مراسلة وليس نظام دفع. على عكس المدفوعات نفسها، يمكن إرسال الرسائل من خلال طرق مختلفة. في حالة روسيا، يمكن للبنوك استخدام نظام التحويل الخاص بها، ‘إس بي إف سي’، والذي تم إنشاؤه عام 2014 من قبل البنك المركزي الروسي”.
ويوضح “يتم استخدام هذا النظام بشكل متزايد من قبل البنوك المحلية للمدفوعات عبر العملات داخل الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، المكون من روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، وتزعم روسيا أنها استحوذت على 17% من رسائل المدفوعات الدولية الروسية، في عام 2020.
كذلك يستخدم أيضا من قبل بعض فروع البنوك الروسية في ألمانيا وسويسرا، يمكن لروسيا أيضا استخدام نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود، أو شبكة ‘سيبس’، التي تم إنشاؤها في عام 2015 من قبل بنك الصين الشعبي، لغرض المدفوعات عبر الحدود، ويتميز ‘سيبس ‘بوجود مشاركين غير مباشرين في العديد من البلدان، وكل هذه الأنظمة لها البنية نفسها بناء على معيار رسائل المدفوعات العالمية ISO20022”.
ويرى الكاتب أن تجربة إيران تظهر أن “تجميد الأصول وحظر المعاملات والغرامات المفروضة على أي مؤسسة تساعد في التهرب من العقوبات المالية، وهي أكثر فاعلية بكثير من حظر دولة ما من سويفت. وفي الواقع، تعتبر القيود المفروضة على المعاملات التي أجراها البنك المركزي الروسي في نهاية هذا الأسبوع بداية مهمة”.
“يتضح عدم فاعلية حظر سويفت من خلال حقيقة أنه بعد توقيع اتفاقية إيران النووية لعام 2015، تم إعادة البنوك الإيرانية إلى شبكة الرسائل، لم تكن قادرة على إجراء معاملات مع أي مؤسسات مالية أجنبية كبرى بسبب العقوبات الأخرى”، ختم الكاتب.