من الصحافة الاميركية
اشارت صحيفة “واشنطن بوست” الى إن الدبلوماسية فشلت مع روسيا، والآن هو وقت الحرب الباردة الجديدة. ولفتت الى إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ غزوه يوم الإثنين، وهو يحتل عمليا بيلاروسيا. وعلى القادة الغربيين، خاصة الرئيس الأميركي جو بايدن مواجهة الحقيقة: “عليهم شن حرب باردة جديدة”.
وذكرت بانه “كانت طموحات بوتين واضحة منذ عدة سنوات. فهو يريد إعادة بناء الاتحاد السوفييتي القديم. وبصبر وأناة، أعاد بناء الجيش الروسي، وحوّله إلى قوة قتالية صغيرة وحديثة. وحوّل الدول المستقلة اسمياً داخل الاتحاد السوفييتي القديم إلى دول وكيلة له، مستخدما الحروب وإرسال “قوات حفظ السلام” كوسيلة للتوسع والحفاظ على تأثير بلاده على جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. وهناك شكوك تقول إن بوتين قام بتسميم المرشح الرئاسي المؤيد للغرب في الانتخابات الأوكرانية، فيكتور يوشيشنكو أثناء حملات عام 2004. ونفت روسيا أي علاقة.
واوضحت بانه “كان فشل الدبلوماسية لمنع هذا العدوان الصارخ سمة في حكم بوتين وليس خللا. ووطدت ألمانيا علاقاتها مع جماعات المصالح التي تدعم سلطة بوتين، إلا أن هذه العلاقة لم تمنع روسيا من توسيع تأثيرها العسكري عالميا. وفي عام 2009، عندما كان بايدن نائبا للرئيس باراك أوباما، أخبر قادة أوروبا أن الولايات المتحدة تريد “الضغط على زر إعادة ضبط” العلاقة مع روسيا في محاولة لتحسينها”.
إلا أن الجهود لم تذهب بعيدا، فقد ضم بوتين شبه جزيرة القرم، وعزز من نزعات الانفصال في أوكرانيا التي من المفترض أنها استقبلت قوات بوتين بناء على دعوة يوم الإثنين. ولم يكن مستغربا ألا تترك الجهود الموحدة من الرئيس بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبقية القادة الأوروبيين أي أثر على الديكتاتور المصمم.
وبناء على أحداث العقدين الماضيين، فقد كان هذا متوقعا. ويعني توسيع بوتين علاقاته مع الصين وإيران، أن الغرب يواجه اليوم محورا فعليا من دول في منطقة يوريشيا. فالدول الثلاث وتلك الصغيرة التابعة لها، لديها أهدافا سرية، ولكنها تعرف أنها لن تكون قادرة على هزيمة المقاومة الأوروبية بدون التعاون فيما بينها.
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده ستيفن فيدلر قال فيه إن هدف لعبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي تفكيك ترتيبات ما بعد الحرب الباردة التي أهانت روسيا. وقال إن اهتمام العالم يتركز على شرق أوكرانيا حيث تحيط بها القوات الروسية مع أن طموحات الرئيس بوتين تذهب أبعد من هذا، فهو يريد إعادة التفاوض على نهاية الحرب الباردة. وسواء أتبع بوتين اعترافه بالإقليمين المنفصلين عن أوكرانيا بنشر قواته هناك أم لا فقد كان واضحا في مطالبه بإعادة رسم خريطة الأمن الأوروبية لما بعد الحرب الباردة. وقدم في خطابه الذي استمر ساعة، بعضا من المظالم التي تشعر بها بلاده “لروسيا كل الحق لكي تقوم بأعمال انتقامية والتأكيد على أمنها” و “هذا ما نفعله الآن”. ويكشف خطابه ومطالبه من الولايات المتحدة قبل الأزمة عن رؤية بوتين للمستقبل والتي تعتمد بطرق عدة على إحياء الماضي. ويريد الزعيم الروسي وقف توسيع حلف الناتو الذي يرى فيه اختراقا لأمنه وجزءا من الخداع والوعود التي كسرها الغرب.
ويريد من الناتو تخفيض توسعه إلى مستويات التسعينات من القرن بعدما تمدد شرقي ألمانيا، وسيلغي هذا الكثير من التغيرات في أوروبا. وباختصار، يريد بوتين التخلص من التداعيات الأمنية لانهيار الإتحاد السوفييتي في عام 1991، وهو حدث يصفه بوتين “بأعظم كارثة جيوسياسية” في القرن العشرين. وفي ضوء ما حدث فيه من حربين عالميتين وهولوكوست فالمبالغة في الوصف كاشف، فهو يعني نهاية الإمبراطورية السوفييتية واعتماد روسيا على معونات الغرب في ظل انهيار اقتصادها والفوضى الداخلية. وفي الوقت نفسه احتفل الغرب بانتصاره في الحرب الباردة.
وكانت هذه السنوات جزءا من تجربة بوتين الشخصية كما تقول ماري ساروتي، استاذة التاريخ بجامعة جون هوبكنز. وكان حينها بوتين عميلا للكي جي بي في دريسدن الألمانية حيث انهار جدار برلين وقبل أن يستدعى إلى موسكو في عام 1990 حيث كان الإتحاد السوفييتي على حافة الإنهيار.
ويحاول الزعيم الروسي الآن خلق منطقة عازلة حول بلاده، كما كان الحال أثناء الإتحاد السوفييتي السابق كما تقول ساروتي وإعادة روسيا مرة أخرى إلى طاولة القوى العظمى إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية. وهدف بوتين الرئيسي هو الولايات المتحدة وعلى حساب بقية الدول في حلف الناتو، كما انعكس في عدد من معتقداته: مثل أن شؤون العالم يجب تسويتها من قبل القوى العالمية بمن فيها روسيا. وأن الناتو هو أداة في يد الولايات المتحدة بنفس الطريقة التي كان فيها حلف وارسو أداة بيد السوفييت. وأن اعضاء حلف الناتو الآخرين لا يملكون السلطة وأن على موسكو السيطرة على حديقتها الخلفية كما فعلت في ظل الإتحاد السوفييتي.