بقلم غالب قنديل

التحوّل الاستراتيجي والثورة الصناعية

غالب قنديل

ما يقوم به حزب الله المقاوم وما ينجزه يحمل بعدا حضاريا ثوريا على مستوى علاقة المجتمع اللبناني بالتكنولوجيا الصناعية الأحدث في العالم. فالانتقال إلى صناعة الطائرات المسيّرة بكفاءة تقنية وبكثافة، حفّز تظهيرها سيد المقاومة على القول بأن الحزب مستعد لتلقي طلبات الشراء من الأصدقاء.

ميادين الاستخدام الممكن للطيران المسيّر اقتصاديا ومدنيا ومجالاته متعدّدة في الرصد الجوي ورش الأسمدة والأدوية ومكافحة الأوبئة ومراقبة الحقول والبساتين على مدار المواسم وتوثيق المراحل واعتلام المؤشرات والأعراض للتدخّل في التوقيت المناسب.

 

الرقابة المتواصلة تيسّر المعاينة العلمية الواقعية والدقيقة لبلورة الحلول المناسبة لأي مشكلة. وهذا المستوى هو بذاته ميدان رحب، يتيح تسويقا كثيفا للطائرة “حسان” وشقيقاتها وسلالتها التي يمكن أن تحيي وتنعش موارد الخصب، وتتيح مواسم واعدة في ربوع الشرق، بحيث تحظى المواسم الزراعية بمتابعة حثيثة ودائمة تؤمّن القدرة على المبادرة والتدخّل المناسب في المناطق الزراعية السهلية والجبلية الوعرة على السواء.

 

يعوّض الطيران المسيّر تفقّد الشجر والثمر والزرع في ظروف الطقس الصعب أو في المناطق الجبلية والجردية الوعرة على السواء. وهذا عامل يتيح استثمار مساحات مضافة من الأراضي الصالحة للزراعة، كما يجعل استصلاح تلك الأماكن والمساحات الوعرة التي يصعب الوصول اليها أكثر يسرا وسهولة وأقل كلفة على المزارعين.

 

يبقى في مركز الاهتمام والمتابعة البعد الأمنيُّ والعسكري في الاستخدام الذي سيكون متاحا للجهات الصديقة والحليفة، التي يمكنها أن تفيد من جميع المزايا لهذا التطوّر الهائل في صناعة متطوّرة للقدرة الدفاعية والهجومية التي يؤمنها الطيران المسيّر.

 

صناعة الطائرات المسيّرة التي نأمل من حزب الله تكريسها رسميا في مؤسسة صناعية معلنة ومكتملة الهيكل، يفترض أن تحظى بالرعاية والحماية، وأن تُكرّس في شكل قانوني مناسب، بوصفها قطاعا منتجا، يستحق حماية الدولة ودعمها من خلال تسهيلات وإعفاءات ضريبية وجمركية شاملة وبحوافز مناسبة لتطوّرها وتوسّعها كصناعة وطنية واعدة، يمكن أن تؤمّن مئات فرص العمل للشباب المؤهّل علميا وتقنيا، وتوفّر للاقتصاد الوطني مجالا منتجا وموردا مربحا بكلّ تأكيد.

 

التحوّل التراكمي الذي يحدثه حزب الله اجتماعيا واقتصاديا، يرسّخ صورته كحزب تحرّري مناهض للهيمنة والاستتباع. وهذا لا ينحصر في مفاعيله وتداعياته بميدان صناعة الأسلحة، بل ستثبت التجربة أنه بوابة ثورة صناعية ووثبة حضارية متقدّمة.

 

لا حدود للآفاق التي يتطلّع إليها المقاومون الأحرار، ولا سقف لإرادة التحرّر التي تسكن ضمائرهم ووجدانهم، وهم شعلة النهضة والثورة التي لا تعرف ولا تعترف بالمستحيل، فهي جُبلت على تحدّي المصاعب، وانتزعت جدارة تاريخية، يعترف بها الأعداء، ويزهو بها الأنصار والأصدقاء.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى