من الصحافة البريطانية
سيطرت التطورات الأخيرة في ملف الأزمة الروسية الأوكرانية، والمخاوف من وقوع غزو روسي للأراضي الأوكرانية على اهتمام الصحف البريطانية الصادرة صباح الثلاثاء، كما تناولت الملف النووي الإيراني.
التايمز نشرت مقالا لوزير الخارجية البريطاني السابق، ويليام هيغ، بعنوان “كيف يفكر بوتين، في الأزمة الأوكرانية؟”
يقول هيغ “منذ آخر مرة كتبت فيها عن المواقف التي جمعتني بفلاديمير بوتين، تلقيت الكثير من الرسائل التي تطالبني، ببث الطمأنينة بخصوص ما سوف يحدث، وما سيفعله، وهو بالتأكيد شخص عقلاني، ويعرف العواقب، التي ستقع، سواء بالنسبة للأرواح الروسية، أو العقوبات الدولية القاسية، كرد على بدء حرب. نعم هو شخص عقلاني، لكن هذا ما قد يفكر فيه”.
ويحاول هيغ أن يتقمص شخصية بوتين ويتحدث بما في رأسه قائلا “المؤرخون قد يقولون إن الروس، والبيلاروسيين، والأوكرانيين، ينتمون لأسلاف من الروس القدماء، الذين يعود تاريخهم إلى القرن العاشر، لكنهم فقط يستطيعون أن يحدثوكم عن التاريخ. أما أنا فعلى وشك صناعة التاريخ. البلشفيك سرقوا منا شبه جزيرة القرم، وأعطوها لأوكرانيا، وقمت أنا بإصلاح هذا الخطأ، والآن أمتلك الفرصة السانحة لإنهاء المهمة الصعبة بإعادة تشكيل شعب واحد”.
ويواصل “لماذا الآن؟. لم يكن باستطاعتي فعل شيء قبل الآن. كنت بحاجة للتعاون مع الغرب، والحصول على دعم الصين، وكنت مضطرا للأمرين، لكنني الآن أصبحت قريبا من سن السبعين، ولا يمكن أن أنتظر حتى سن الثمانين للقيام بهذا الأمر. وأي خليفة، رغم أني لم أختر واحدا لفترة طويلة، لن يمتلك نفس قدرتي على مناورة الغرب”.
ويضيف هيغ مواصلا التحدث متقمصا شخصية بوتين “إضافة إلى ذلك، أصبح الأوكرانيون يتطلعون بشكل متزايد للحريات، وبالنسبة لهؤلاء الحمقى الذين يديرون روسيا البيضاء، وكازاخستان، ويفقدون السيطرة، فسوف يكون استيلائي على أوكرانيا، رسالة قوية لهم، توضح من هو القائد، لكن يبقى السؤال كيف يمكن أن أفعل ذلك”؟
ويشير هيغ إلى أن بوتين يفكر في أنه كلما طال أمد الأزمة سيكون عبؤها الأكبر على عاتق الغرب، لا عليه هو، معتقدا أن الغرب لا يمكنه مواصلة فكرة الحد من انتشار السلاح النووي على مستوى العالم، ولا تمرير قرار من مجلس الأمن الدولي، ولا الحصول على كمية كافية من الغاز، دون تعاون كامل من روسيا.
ويضيف أن بوتين “يظن أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب سوف يعود إلى اللعبة السياسية مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية القادمة، وسيكون راغبا في الحصول على صفقة مع روسيا، وستكون وحدة المجتمع الأمريكي، عرضة للخطر بشكل دائم، وبالتالي لن تكون هناك مشاكل كبيرة لروسيا، فلماذا الانشغال بالتفكير في المخاطر العسكرية إن كنت تستطيع أن تتفاداها، بالحيل الاستخباراتية؟”
ويقول هيغ إن هذا هو ما يمكنه تخيله، لطريقة تفكير بوتين، فيما يخص الحرب، وخسارة الأرواح، والحريات المجتمعية، مضيفا أن زيارة المستشار الألماني المرتقبة لموسكو، قد تكون آخر فرصة لإقناع بوتين بأن الغرب أقوى مما يتخيل.
التليغراف نشرت تقريرا لمراسلة الشؤون الدولية فيريتي باومان بعنوان “تفسير: لماذا قد تغزو روسيا أوكرانيا، وماذا يمكن أن يترتب على ذلك”؟
تستعرض فيريتي أولا تفاصيل الوضع العسكري على الجبهة شرقي أوكرانيا، حيث يحتشد عشرات الآلاف من الجنوب من كلا الجانبين الروسي والأوكراني وسط مخاوف متزايدة من وقوع غزو روسي.
وتوضح فيريتي أن روسيا تحشد 130 ألف جندي، و1200 دبابة على الحدود الأوكرانية، إضافة إلى مئات المقاتلات والمروحيات الهجومية، وهو ما أدى لأكبر تصعيد عسكري في المنطقة، منذ نهاية حقبة الاتحاد السوفيتي.
وتضيف أنه مطلع الشهر الجاري بدأت القوات الروسية ونظيرتها في روسيا البيضاء مناورات عسكرية مشتركة، بهدف معلن هو التدرب على “كيفية التصدي لهجوم خارجي”، والتي وصفت من الغرب بأنها إشارة “خطيرة” و”عنيفة”، تهدد الأمن الأوروبي.
وتشير فيريتي إلى أن المشاكل كانت حاضرة بشكل دائم بين موسكو وكيف، بعد انفصال أوكرانيا، عن الاتحاد السوفيتي. لكن الأزمة الأكبر كانت عام 2014 بعدما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، ودعمها للانفصاليين في إقليم دونباس على الحدود بين البلدين.
وتقول فيريتي إن بوتين يعتبر أن أوكرانيا جزء من الأمة الروسية، وإن السيطرة على الأراضي الأوكرانية، أمر وجودي بالنسبة للأمن الروسي، كما أن الوضع الحالي نتج عن فرض اتفاق غير عادل على روسيا، مع انتهاء حقبة الحرب الباردة.
وتضيف أن الغرب تعهد بشكل علني بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا في حال إقدامها على الغزو، كما أن جميع المقربين من بوتين سيواجهون قرارات بتجميد أرصدتهم في المصارف الغربية وحظرا على السفر بشكل مباشر.
الغارديان نشرت تقريرا لمراسل الشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور بعنوان “مفاوضات الاتفاق النووي تتعطل، بينما تطالب طهران الولايات المتحدة بقبول شروطها”.
يقول وينتور إن المفاوضات الماراثونية بخصوص إحياء الاتفاق النووي مع إيران تواجه عقبة جديدة بعدما وجهت إيران اتهاما للولايات المتحدة برفض اتخاذ القرارات السياسية المطلوبة لوضع الاتفاق على الطريق الصحيح مرة أخرى بما يتوافق مع القانون الدولي.
ويضيف أن هذه المشكلة عرقلت المفاوضات التي جرت في العاصمة النمساوية فيينا بين مفاوضين من إيران والصين وروسيا والغرب، والتي استمرت عدة أيام، في الجولة الثامنة، خلال الشهر الجاري.
ويوضح أن الجولة التي كان من المخطط لها أن تكون الأخيرة بحيث يتوصل الجانبان لاتفاق فيها لم تكن كذلك، ناقلا عن علي شامخاني، الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، قوله على موقع تويتر بعدة لغات، إن المفاوضات تصبح “أكثر صعوبة في كل مرة”، مضيفا “لقد وصلت مفاوضات فيينا إلى نقطة لا يمكن عندها توقع نتيجتها النهائية”.
ويشير وينتور إلى تصريح شامخاني بأن الولايات المتحدة، استمرت في اقتراح بنود جديدة على الاتفاق حتى تتهرب من الالتزام بتعهداتها.
ويعرج وينتور على رأي دكتور محمد ماراندي، الخبير الإيراني في فيينا، والذي يعتقد أنه مقرب من وفد المفاوضين الإيراني، وقوله إن “الأزمة تتمحور حول حجم العقوبات التي تطلب طهران رفعها، كجزء من الاتفاق، حيث ترغب طهران في رفع العقوبات بالكامل بمجرد التوقيع على الاتفاق، بينما تريد الولايات المتحدة “الإبقاء على بعض العقوبات حتى تحسن طهران من سجلها في مجالات منها حقوق الإنسان ودعم الإرهابيين”.
ويختم وينتور بالقول إن المفاوضات تهدف لإعادة إيران والولايات المتحدة إلى الالتزام بنفس الاتفاق السابق الذي تم توقيعه عام 2015، والذي انسحبت منه واشنطن عام 2018.