الشراكة الروسية الصينية تحول استراتيجي عالمي
غالب قنديل
قامت سياسات وخطط أميركا والغرب برمته طيلة عقود على مبدأ تكريس التباعد والاختلاف بين روسيا والصين واستثمار مناخ النزاع والتوتر منذ ما عرف بالنزاع السوفيتي الصيني الذي دام عقودا شهدت اختلافا وتنافسا اتسم بالتوتر الشديد وشغل مساحات عقائدية وسياسية واستراتيجية متعددة فشملت تداعياته ونتائجه دولا وأحزابا وتنظيمات متعددة في العالم الثالث وأفسح المجال في البيئة العالمية المتغيرة لتعاظم النفوذ الأميركي والغربي.
اليوم تطغى بقوة في الدوائر الأميركية والغربية المخاوف المستجدة من تكتل روسيا والصين المتساوقتين في توسل الشراكات الاقتصادية والمالية بديلا للتنافس الإيديولوجي وهي تعكس رعبا من تكامل القدرات الاقتصادية والسياسية والمالية والعسكرية لماردين شرقيين يمكن أن يبدلا باتحادهما وتعاونهما المشهد العالمي بتوازناته الكلية.
يرتقب الخبراء ثمارا مذهلة كما ونوعا للتكامل الصيني الروسي وحيث تبدت وجهة الشراكة والتحالف بين عملاقي الشرق الكبيرين وحيث ترسخت هوية هذا الحلف بتأكيد خيار المواجهة مع السياسات الأميركية المدفوعة بخطط هيمنة ونهب لصوصي وتحكم بمفاصل القرار العالمي.
خرجت القمة الروسية الصينية بحضور مدراء شركة غاز بروم وشركة الطاقة الوطنية الصينية، بالإعلان عن صفقات نفط روسية للصين وعن مد شبكة أنابيب لنقل الغاز الروسي الى الصين وهذا التكتل الضخم يحدث تغييرا في أسواق الطاقة العالمية ويحد من التحكم الأميركي بالأسواق والموارد وخطوط النقل .
نتيجة هذا التعاون الروسي الصيني ستكون خفضا للكلفة على الاقتصاد الصيني بمختلف قطاعاته الصاعدة في مجال الطاقة، لما تؤمنه خطوط الأنابيب من وفر، قياساً بالشحن البحري الذي تعتمد عليه الصين حالياً، وهذا يبشر بعائد اقتصادي نوعي لآلة الصين الإنتاجية الهادرة والواعدة بديناميتها ومردودها العالي الكثيف والنوعي.
التكتل الروسي الصيني هو بشارة واعدة لتحول كبير ونوعي عالميا بظهور كتلة شرقية صاعدة في وجه التكالب الاستعماري الغربي الأميركي والأوروبي الذي أطبق لزمن بعيد على البلدان النامية وصادر فرص النمو والتطور الطبيعي بالاسترهان اللصوصي والاستتباع السياسي.
بالنسبة لنا في الشرق العربي والإسلامي ننظر بتفاؤل إلى هذا التحول الذي يلاقي صعود وتفتح قدرات هائلة لدى الشقيقة ايران التي تربطها بكل من روسيا والصين شراكات ضخمة ومتقدمة ومتشعبة في مجالاتها وحقولها الغنية والواعدة.
إن التكتل الصيني الروسي الإيراني سيمثل مجالا حيويا ومهدا لفرص وإمكانات هائلة تعود بنتائجها خيرا في بلدان منطقتنا عموما وتشكل عونا اكيدا ضد الحصار والخنق الأميركي الغربي المفروض على بلدان محور المقاومة والتحرر وهي ستمثل رافعة تاريخية لنهضة جبارة وكل غد لناظره قريب.