التمركز الروسي في سورية يربك الصهاينة
غالب قنديل
يمضي التحالف العسكري السوري الروسي قدما وتحولت الموانئ السورية إلى نقاط حركة للقوات الروسية وهي تستضيف بانتظام قطعا من الأسطول بينما تظهر المواقف والخطوات الروسية بشأن أوكرانيا حزما وغضبا وعرضا للقوى ما يزال في حدود الاستنفار الذي لا يستعجل الانزلاق نحو حرب تخيم ظلالها فعليا بين البلدين ومن الواضح أن التدابير الروسية توخت بالحزم والجدية تبديد أي توهم أميركي أو غربي حول فرصة مفترضة لتعديل التوازن أو لقلبه رأسا على عقب باستمرار العبث ومد الأيدي في الفناء الاستراتيجي الروسي وتعتبر الحركة العسكرية الروسية في حوض المتوسط من الساحل السوري أبرز مظاهر اثبات القوة والحضور والجاهزية.
تعمل روسيا لاستعادة مواقع نفوذها التقليدية من غير التهور والانزلاق إلى صراعات وحروب قومية قد تستنزف امكاناتها العسكرية والاقتصادية في بؤر وحلقات عنف غير محمودة العواقب وهي تستبدل استعمال القوة بإثبات الجاهزية لإنذار الخصوم والطامعين وردعهم بهدوء ومن غير صخب ويقينا إن المغامرة باستفزاز القوة الروسية هي مقامرة خاسرة بالنسبة لجميع الدول الأجنبية والمجاورة القريبة والبعيدة وبما في ذلك سائر دول الناتو وفي مقدمها الولايات المتحدة.
في المناخ الدولي القلق والمضطرب تصمم روسيا على تثبيت مكانتها في سورية والمنطقة التي تتسم بأهمية تقليدية خاصة في حساب روسيا الاستراتيجي للتوازنات والمعادلات وبنتيجة الاتفاقات الروسية السورية الأخيرة بات ميناء اللاذقية نافذة للأسطول الروسي وباتت معادلات الشراكة والتعاون الدفاعي بين سورية وموسكو جزءا عضويا من منظومات القوة والردع السورية ودخلت في حساب توازن القوى العسكري في حوض المتوسط والشرق العربي.
الحركة العسكرية الروسية في الساحل السوري ولاسيما تمركز قوات روسية في مينائي اللاذقية وطرطوس تعني تغييرا مهما في توازن القوى مع مرابطة قوات روسية الى جانب الجيش العربي السوري لدرجة تثير القلق الصهيوني من تثبيت وحدات دفاع وردع ومنظومات نارية تصاحب الوحدات الروسية وتتشارك ذات نقاط التمركز مع الجيش العربي السوري على طول الساحل السوري.
إن قدرات الردع الروسية القاهرة بحرا وجوا باتت مدمجة ومتشابكة بمنظومات الدفاع السوري وتمثل أرضية التكوين الثقافي والعلمي لضباط الجيش العربي السوري بيئة مناسبة لنقل الخبرات والمعلومات التي بات متزاوجة مع خبرات ومعارف علمية وتقنية مكتسبة بفضل التعاون السوري الإيراني وفي هذا المثلث تندمج مدارس وخبرات عسكرية متعددة وتنصهر لتغني القدرة التخطيطية والعملانية للجيش العربي السوري الذي ترسخت هويته الشرقية وتجذرت بالإدماج بين الرافدين الروسي والإيراني إضافة لخبرات سورية تراكمية تلقحت بتجارب حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
الاعتداءات الصهيونية المتكررة على سورية تعكس القلق من قوة المنظومات الدفاعية التي قد يتم تثبيتها على الأرض وبشكل يضع حدا للعربدة الصهيونية وهذا هو المسار المحتوم.