من الصحافة الاسرائيلية
كشفت وسائل الإعلام العبرية، عن سعي حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة نفتالي بينيت إلى مواجهة حركة المقاطعة العالمية لـ”إسرائيل” المعروفة بـ “BDS”.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها أنه “بمبادرة وزير الخارجية يئير لابيد، قررت الحكومة بث روح جديدة في منظمة غير حكومية فاشلة تدعى “كونسرت” (سابقا “مقلاع سليمان”)، عملت في حينه بالتعاون مع وزارة الشؤون الاستراتيجية، وأغلقتها عن حق قبل نصف عام الوزارة الحالية”.
وأفادت بأن “هدف المشروع، هو مكافحة الـ “BDS”، من خلال تجنيد منظمات ونشطاء مؤيدين لإسرائيل في النشاط الإعلامي في صالح إسرائيل”.
وبحسب قرار الحكومة، فإن منظمة “كونسرت” سيديرها نائب وزير الخارجية عيدان رول، حيث ستتلقى من الحكومة ميزانية شاملة بمقدار 100 مليون شيكل (دولار=3.18 شيكل) توزع على أربع سنوات، و100 مليون شيكل أخر ستجند عبر تبرعات من جهات مدنية”.
واعتبرت الصحيفة، أن “قرار لابيد استثمار هذا المال الطائل لبث روح جديدة في مشروع سخيف، يتخذ وسائل سخيفة وإسناد إدارته إلى نائب وزير نشاذ، هو نكتة بائسة على حساب الجمهور”، منوهاإلى أن “هذا قرار يجعل من الصعب التمسك بالأيمان بأن الحكومة تحمل بشرى التغيير”.
ورأت أن “الأمر الوحيد الذي توفره، هو جواب للغز إبقاء جلعاد أردان في منصب سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، وهنا يتضح حل اللغز؛ فأردان هو من بادر لـ”كونسرت” عندما كان وزيرا للشؤون الاستراتيجية تحت إدارة نتنياهو، وبقي في منصبه، إذ لا توجد فوارق سياسية أو غيرها بينه وبين لابيد وشركائه في حكومة التغيير، وأردان يمثل بإخلاص حكومة التغيير الحالية”.
وأشارت “هآرتس” إلى أن “كونسرت” هو “نتاج منطق سياسي مريض من مدرسة نتنياهو، وبموجبه، الإعلام الجيد يمكنه أن يخفي سياسة سيئة، وحسب هذا المنطق؛ يمكن لإسرائيل أن تتمسك برفضها السياسي، أن تحرض ضد العرب، تشرع قوانين تمييزية تنص على التفوق اليهودي، توسع مشروع السلب والاستيطان، تتنمر على الفلسطينيين، تحرر اللجام للمستوطنين وتواصل خنق غزة، إذ تكفي بضع تغريدات في “تويتر” ومنشورات في “فيسبوك” و”انستغرام” لأجل خلق عاطفة إيجابية تجاه إسرائيل”.
وأفادت أنه “قبل نحو سنة ونصف، انكشفت بروتوكولات المشروع الفاشل والمشاريع التي مولها بهدف هندسة “وعي الجماهير”، وقد تضمن وفود من المسيحيين الافنجيليين (“المؤثرين”)، مشروع “احتياطيين في الجبهة”، وورشات عمل للسياح المتنقلين الإسرائيليين قبل رحلة إلى تايلند وجنوب أمريكا”.
وشدد الصحيفة على وجوب أن “يتم فورا شطب هذا البرنامج قبل أن يفشل من جديد في تجنيد التمويل، لأن الإمكانية الوحيدة للمشروع هي تعميق الضرر في صورة إسرائيل”.
ترى أوساط إسرائيلية أن التقارب المتزايد مع أنقرة، لا يجب أن يكون على حساب المثلث الإسرائيلي اليوناني القبرصي، الذي يوفر للاحتلال بشكل كبير التنقيب عن الغاز تحت سيطرته، مما يمنحها أرباحا اقتصادية هائلة، فضلا عن النفوذ السياسي المتزايد لتل أبيب في شرق المتوسط على حدود أنقرة.
في الوقت ذاته أظهرت تركيا إشارات متزايدة للتقارب مع إسرائيل آخرها اتصال الرئيس رجب أردوغان بالرئيس يتسحاق هرتسوغ، وتعزيته بوفاة والدته، ودعوته لزيارة أنقرة قريبًا، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية أن تشكل هذه التلميحات شهر عسل آخر بين تل أبيب وأنقرة، بالنظر لسلسلة من شهور العسل التي استمرت عدة عقود، ولعل ما يمهد لذلك لقاء أردوغان مع الحاخامات اليهود المنتشرين في الدول الإسلامية.
يوسي أحيمائير الكاتب اليميني في صحيفة إسرائيل اليوم، ذكر في مقاله أن “المستقبل سيثبت فقط ما إذا كانت هذه العلامات ستنضج بالفعل لتحول سياسي في علاقات تركيا مع إسرائيل، وفي هذه الأثناء، لم يتم بعد تحديد مواعيد الزيارات المتبادلة للرئيسين أردوغان وهرتسوغ، وبشكل عام، يجب فحص ما إذا كانت تركيا تحت حكم أردوغان قد غيرت وجهة نظرها تجاه إسرائيل خصوصا، والجمهور اليهودي بشكل عام”.
وأضاف أن “الأيام المقبلة ستشهد عما إذا كان أردوغان سيتوقف، على سبيل المثال، عن النبرة المعادية لإسرائيل، مع العلم أنه رغم جمود العلاقات السياسية مع تركيا، لكن العلاقات التجارية مستمرة، بل ومزدهرة، وقد أعلن أردوغان خلال لقائه بالحاخامات اليهود أن العلاقات مع إسرائيل ضرورية لتركيا، لكن تل أبيب كما يبدو ملتزمة بالحفاظ على التحالف مع دولتين تربطهما علاقات متنافسة، ناهيك عن الكراهية، مع تركيا، وهما اليونان وقبرص”.
ضمن بحث مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية، يمكن الإشارة إلى عامل إسرائيلي داخلي، ويتعلق بالرئيس هرتسوغ شخصيا الذي سيعمل، كما يبدو، على تعميق انخراطه في العلاقات الخارجية لإسرائيل، على عكس وزير الخارجية يائير لابيد، فهرتسوغ يستثمر خبرة سياسية غنية خلال سنوات عمله السابقة.
عند الحديث عن العوامل الخارجية لمستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية، من المهم التأكيد على حجم استفادة تل أبيب من مثلث “إسرائيل واليونان وقبرص” بشكل كبير من التنقيب عن الغاز تحت السيادة الإسرائيلية، وهنا تتسع أعين الأتراك، فلعلهم يريدون المشاركة، وفي المرة القادمة التي يكون فيها على خط أنقرة، ربما يكون هرتسوغ مطالبا بأن يوضح لأردوغان إذا قدر لهما أن يلتقيا قريبا ما يمكن وصفه بـ”شرط” تجديد العلاقات الثنائية.
يطالب الإسرائيليون هذه المرة بأن يكون استئناف العلاقات بين إسرائيل وتركيا لا يشترط إدراج خطابات الاعتذار عن خطابات الماضي، بل يكفي نبرات المصالحة الصادرة عن أردوغان، ولو في تلميحاته الأخيرة، صحيح أن احتمالات تنفيذ تركيا للشروط الإسرائيلية تبدو ضئيلة، لكن السياح الإسرائيليين الذين يقضون أوقاتهم في بازارات إسطنبول سيكتفون بخطوة متواضعة، ستُعتبر من وجهة نظرهم كافية لتغيير طبيعة العلاقات مع تركيا.