من الصحافة الاميركية
سلط موقع “إنترسبت” الضوء على معاناة المتعاقدين والمقاولين الذين عملوا مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “USAID”، بعد أن تخلت عنهم.
ومنعت الوكالة المتعاقدين من استخدام أنظمة تحويل الأموال غير الرسمية المعروفة باسم “حوالات” وقالت “تلقت سامانثا باور مسؤولة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مكالمة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي من مقاولي الوكالة في أفغانستان، بعد أسابيع من استسلام الحكومة الأفغانية، التي أنفقت أمريكا 20 عاما و 145 مليار دولار على بنائها، لطالبان بطريقة مذهلة”.
وبعد أن غادرت آخر القوات الأمريكية البلاد بعد إخلاء فوضوي شجعت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية شركاءها على استخدام أموال البرنامج المتبقية لضمان سلامة موظفيهم، بما في ذلك تغطية تكاليف المعيشة والإجلاء.
بعد أيام، أصدرت الوكالة أمرا بوقف العمل، أوعز إلى المقاولين بوقف جميع العمليات غير الإنسانية في أفغانستان باستثناء تلك “المتعلقة بالسلامة والأمن”، وفقا لمذكرة داخلية.
وتابعت: “شكرت باور الجميع على العمل الشاق وقالت “نحن نقدركم” ولكن لم يحصل المتعاقدون، الذين لا يزال الكثير منهم يسعون جاهدين لمساعدة زملائهم الأفغان على مغادرة البلاد، على إرشادات أكثر تحديدا بالرغم من تقديمهم أسئلة للوكالة قبل أسابيع من المكالمة”.
منعت الوكالة المتعاقدين من استخدام أنظمة تحويل الأموال غير الرسمية المعروفة باسم “حوالات”.
استغرق الأمر شهرين آخرين حتى تفوضهم الوكالة بحسب كل حالة على حدة. في كانون الأول/ ديسمبر، سمحت الوكالة أيضا باستخدام العملة الأجنبية لدفع رواتب الموظفين الأفغان، وهو عكس المبادئ التوجيهية السابقة.
أثناء المكالمة، قام المقاولون بإغراق باور بنفس السؤال بصيغ مختلفة ولكن “لم يكن لديها أي إجابات”، كما ذكر مقاول طلب، مثل جميع المقاولين الآخرين الذين تمت مقابلتهم، عدم ذكر اسمه.
وقال مشارك آخر لموقع “انترسبت”: “لقد فوجئنا بمدى عدم معرفة المستوى الرفيع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بما يجري مع عشرات الآلاف من موظفيها”.
ورحب العديد من المتخصصين في مجال التنمية بوصول باور إلى رئاسة الوكالة التي تحتاج إلى الإصلاح. ومع ذلك، فإن عدم استعداد الوكالة بعد الانسحاب أعمق بكثير من الشخص الذي يرأسها. إنه يعكس قضايا هيكلية طويلة الأمد داخل الوكالة ويتماشى مع الفوضى التي ابتليت بها مختلف أقسام الحكومة الأمريكية، بدءا من وزارة الخارجية، والتي يخضع عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لها.على عكس وزيري الخارجية والدفاع، فإن مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ليس منصبا على مستوى مجلس الوزراء، وقد تم التعامل مع العمل التنموي منذ فترة طويلة على أنه أداة دبلوماسية، يخدم الأولويات السياسية بدلا من تشكيلها.
على مدى عقدين، كانت الوكالة واجهة جهود إعادة الإعمار الأمريكية في أفغانستان. بالنسبة لعشرات الآلاف من الأفغان العاملين في مشاريعها، كانت الوكالة التي آمنوا بها وعملوا من أجلها، رغم المخاطر الشخصية الهائلة، هي التي خدعتهم في النهاية.
وكتب متحدث باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في رسالة الكترونية لموقع “انترسبت” أن الوكالة لا تزال ملتزمة بالعمل في أفغانستان.
وأضاف المتحدث: “نحن نهتم بشدة بشعب أفغانستان ومستقبل البلاد”. نحن مدينون لجميع الأفغان الذين عملوا من أجل التغيير الإيجابي في بلدهم. ستواصل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية دعم المساعدات الإنسانية، فضلا عن الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم وسبل العيش. لا نزال ملتزمين بإيجاد طرق لدعم النساء والفتيات على وجه الخصوص”.
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا لأليكس سميث المحلل في شؤون الزراعة والطعام بمعهد بريكثرو حذر فيه من أثر نشوب حرب روسية أوكرانية على أفريقيا وآسيا، وقال إن زيادة أسعار الطعام قد تقود لثورات لو توقفت شحنات القمح الأوكراني.
وتعتبر التربة الأوكرانية الأكثر خصوبة في العالم وعرفت لقرون بأنها سلة غذاء أوروبا، وفي سياق زيادة تصدير القمح والزيت النباتي وعدد آخر من المنتجات من أفريقيا إلى آسيا. وحدث أن الجزء الأكبر من الأراضي الزراعية الخصبة في أوكرانيا واقعة في الجزء الشرقي من البلاد، وبالتأكيد تلك الأراضي التي ستكون عرضة للهجمات الروسية المحتملة.
ومع تجمع غيوم الحرب على طول الحدود الأوكرانية فإن قلقا واحدا لم يلاحظه أحد وهو ما سيحدث للمناطق والدول حول العالم التي تعتمد على الغذاء الأوكراني، لو مضت روسيا في خططها وضربت كييف.
وتعتبر أوكرانيا أكبر مصدر للذرة والشعير وحبوب الجاودار، ولكن قمح البلاد سيترك أكبر الأثر على الأمن الغذائي حول العالم.
وفي عام 2020 صدرت أوكرانيا حوالي 18 مليون طن متري قمح من مجمل محصول 24 مليون طن متري، بشكل يجعل أوكرانيا خامس أكبر مصدر للقمح في العالم.
ويشمل زبائن أوكرانيا الصين والاتحاد الأوروبي، وأصبح القمح الأوكراني يمثل للعالم النامي أهم الصادرات القادمة من ذلك البلد. فمثلا شكل القمح الأوكراني نصف المستهلك في لبنان عام 2020 بحسب بيانات منظمة الغذاء والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة.
ويعتبر القمح الأوكراني الذي يستخدم في الخبز ومنتجات الحبوب الأخرى مصدر السعرات الحرارية لنسبة 35% من سكان لبنان.
ومن بين 14 دولة تعتمد على الاستيراد من أوكرانيا بنسبة أكبر من 10% من استهلاك القمح، فإن عددا منها يواجه مشاكل في الأمن الغذائي الناجم عن عدم الاستقرار السياسي والعنف.
ويستورد اليمن وليبيا 22% و 43% على التوالي من مجمل ما يستهلك محليا من أوكرانيا. وتعتبر مصر من أكبر المستهلكين للقمح الأوكراني حيث استوردت أكثر من 3 ملايين طن عام 2020. وزودت أوكرانيا 28% من الاستهلاك الماليزي للقمح، و28% من استهلاك إندونيسيا، و21% من استهلاك بنغلادش، بحسب إحصائيات فاو لعام 2020.
ولسوء الحظ فإن معظم مصادر القمح تأتي من سلة الغذاء التاريخية في شرق أوكرانيا؛ خاركيف ودنيبروبتروفسك وزابوزجيا وخيرسون الواقعة شرق دونستك ولوهانسك، التي تحتلها بشكل جزئي روسيا وقوات تدعمها موسكو.
ويقول الكاتب إن تدخل روسيا في الزراعة الأوكرانية ليس شيئا جديدا. فالمجاعة الرهيبة التي نجمت عن السياسات المروعة للاتحاد السوفييتي في ثلاثينيات القرن الماضي وعرفت بهولدومور واعتبرها بعض المؤرخين إبادة، قتلت ما بين 4 و7 ملايين شخص.
وهناك عدة أسباب لعبت دورا في المجاعة إلا أنه لا يمكن تجنب الرابط بين الحصص القاسية لتوزيع الحبوب التي فرضت على المزارعين الأوكرانيين وترحيلهم وقتلهم وتحويل المزارع إلى ملكية جماعية وتجويع الأوكرانيين.
وهناك عدة أسباب تدعو لوقف الغزو الروسي لأوكرانيا وقبل حدوثه. فالتأثير على سلسلة تزويد الطعام من سلة مهمة من سلال العالم يجب أن يكون على قائمة الاهتمام الأولى.
وفي حال عدم تجنب الغزو فعلى دول العالم التحضير للرد وبسرعة من أجل منع حدوث أزمة أمن غذائي وربما مجاعة، بما في ذلك إرسال المساعدات الغذائية للدول المحتاجة وإعادة توجيه سلاسل التوريد ما يعني تزويد زبائن أوكرانيا الحاليين.