من الصحافة الاميركية
إنّ خطر نشوب حرب في أوروبا آخذ في الارتفاع، وفشلت الدبلوماسية الخاطفة في نزع فتيل المخاوف من غزو روسي لأوكرانيا، التي تدق حكومتها الموالية للغرب ناقوس الخطر من أن موسكو “كادت أن تكمل” حشدًا خطيرًا من القوات على الحدود الشرقية للبلاد، ستجبر الضربة واشنطن والحلفاء الأوروبيين على الانتقال من الردع إلى العمل. ولكن ما مدى استعداد الغرب للدفاع عن أوكرانيا؟
بحسب صحيفة ذا واشنطن بوست “حذر مسؤولون أميركيون من غزو روسي محتمل لأسابيع. يتبنى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رؤية روسيا وأوكرانيا “كأمة واحدة”، ويطالب بوعد بأن جارته لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أبدًا. دفاعا عن حق تقرير المصير، رفضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مثل هذا التعهد. وتواصل روسيا إنكار أي هجوم معلق. لكن يوم الأربعاء توقع الرئيس بايدن أن بوتين “سيتدخل” في أوكرانيا لأنه، بعد تهديداته المتكررة باستخدام القوة العسكرية، “عليه أن يفعل شيئًا”. واقترح بايدن يوم الأربعاء أن الرد الغربي سيعتمد على مستوى التدخل الروسي، قبل أن يوضح يوم الخميس أن الولايات المتحدة لن تقبل حتى “بتوغل بسيط”. وهذا ما يمكن أن تبدو عليه “الحرب”: هجمات إلكترونية على كييف (التي بدأت بالفعل، وإن كانت من قبل ممثلين لم يتم تحديدها بعد)، ضربات صاروخية، احتلال محدود لمنطقة دونباس – وهي جزء من أوكرانيا في قبضة الانفصاليين المدعومين من روسيا لسنوات. والسيناريو الأسوأ يتمثل بمسيرة كاملة في كييف”.
وتابعت الصحيفة، “استبعد بايدن دخول القوات الأميركية في مواجهة مع الروس، وهو رد ينذر بالتصعيد بين القوى النووية. وبدلاً من ذلك، تركزت التهديدات بالانتقام على العقوبات. ومع ذلك، مع اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، تبقى الشكوك قائمة بشأن مدى استعداد الشركاء الرئيسيين فيه، ولا سيما ألمانيا، للذهاب بالأمر. وحتى لو تعرضت موسكو لعقوبات قاسية، فإنها تميل إلى إحداث جروح دائمة. ما عليك سوى سؤال رئيس فنزويلا، نيكولاس مادورو، الذي صمد نظامه أمام بعض أقسى العقوبات الأميركية الممكنة وخرج أقوى من خلال استغلال مجموعة من الشركاء الماليين البديلين في موسكو وطهران وأنقرة وبكين. لكن الحديث يتزايد عن رد مشترك في حالة حدوث غزو يمكن أن يخلط بين الألم الاقتصادي والتكلفة الأعلى لبوتين في ساحة المعركة في شكل تمرد أوكراني موالي للغرب تدعمه الولايات المتحدة. وركزت المساعدات الأميركية التي تم التعهد بها لأوكرانيا منذ عام 2014 والتي تبلغ 2.5 مليار دولار تقريبًا على الأسلحة الدفاعية، بما في ذلك صواريخ جافلين المضادة للدبابات، وقاطرات خفر السواحل المتقاعدين، وعربات همفي المدرعة، وأجهزة الراديو ومعدات الاتصالات. كما وساعدت الولايات المتحدة في تدريب القوات الخاصة الأوكرانية. لكن واشنطن تشير إلى أن الغزو يمكن أن يغير قواعد اللعبة، ويحتمل أن يجلب مجموعة من المساعدات والموارد والأسلحة الجديدة لحرب على غرار حرب العصابات في أجزاء من أوكرانيا التي سيطر عليها الروس، وتحويل توغل بوتين هناك إلى مستنقع شبيه بأفغانستان”.
مع تصاعد المخاوف من غزو روسي محتمل لأوكرانيا، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين أن الرئيس جو بايدن يدرس نشر آلاف الجنود الأميركيين إضافة إلى سفن حربية وطائرات لحلف الناتو في دول البلطيق وأوروبا الشرقية. يأتي ذلك في وقت أمرت فيه الخارجية الأميركية عائلات دبلوماسييها بمغادرة كييف “بسبب التهديد المستمر بعمل عسكري روسي”، كما نصحت مواطنيها بعدم السفر إلى أوكرانيا.
وبحسب نيوروك تايمز -التي نقلت عن مسؤولين في إدارة بايدن طلبوا عدم الكشف عن هويتهم- إن كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قدموا للرئيس خلال اجتماع يوم السبت في المنتجع الرئاسي في كامب ديفيد خيارات من شأنها تقريب معدات عسكرية أميركية نحو عتبة التراب الروسي على حد وصفهم.
وتشمل هذه الخيارات -وفق المصادر نفسها- إرسال ما بين ألف و5 آلاف جندي إلى دول أوروبا الشرقية، مع احتمال زيادة هذا العدد 10 أضعاف إذا تدهورت الأمور.
وأفادت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أميركيين أن الرئيس بايدن قد يتخذ قرارا بهذا الشأن مطلع الأسبوع الجاري.
وتشير هذه الخطوة إذا ما تمت -بحسب الصحيفة- إلى تحول في إستراتيجية إدارة بايدن التي كانت حتى وقت قريب تتخذ موقفا منضبطا تجاه أوكرانيا خوفا من استفزاز روسيا وإعطائها الذريعة للغزو، لكن الإدارة الأميركية بدأت تبتعد عن إستراتيجيتها بعدم الاستفزاز في الوقت الذي كثف فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديداته تجاه كييف، إضافة إلى فشل المحادثات الأميركية الروسية الأخيرة.
وفي بيان صحفي أعلن البيت الأبيض أمس الأحد أن الرئيس جو بايدن ناقش مع فريقه للأمن القومي “العدوان الروسي المستمر” على أوكرانيا، وقد توعد الرئيس الأميركي بأن غزو روسيا لأوكرانيا، إن حدث، فستكون له عواقب وخيمة.
وذكر البيت الأبيض أن مجلس الأمن القومي بحث مجموعة من تدابير الردع ضد روسيا، يتم تنسيقها مع الحلفاء، بما في ذلك الدعم العسكري المستمر للجيش الأوكراني.