تركيا : استنزاف سورية والعراق وتحايل في لبنان
غالب قنديل
يتسم الدور التركي بخطورة تضعه في الترتيب التالي للتهديد الصهيوني الذي يستهدف المنطقة وبلدانها وشعوبها وبكمية فائضة من المبالغة الكلامية الاستفزازية ففي العنجهية والادعاء يستعير النظام التركي مفردات الغطرسة من ماضيه الانكشاري البائد في تظهير مواقف وشروط ليست سوى الصدى لأوامر الولايات المتحدة ودول الناتو التي تقود منظومة الهيمنة والنهب في المشرق.
التشوف في الخطاب التركي اتجاه شركاء الإقليم الأقرب وخصوصا سورية والعراق جارتي تركيا الأقرب إليها من سائر بلدان الجوار العربي تبدو مخطوفة من صفحات هيمنة وتشوف ولى زمانها مع سقوط العثمانية وانهيارها التاريخي ويمثل انتساب النظام التركي التابع إلى الحلف الأطلسي ركيزة الاستعلاء والتنمر على دول الجوار حيث يتلبس الخاضع للاستعباد ثوب سيده ونبرته وأسلوبه لتصبح المشاهد مفجعة وتتساوى المأساة بالمهزلة في وقعها وصداها.
طبعا مقابل التنمر على لبنان وسورية العراق يظهر الفارق النوعي في اللغة والسلوك التركيين في العلاقة مع ايران حيث يتوسل القادة الترك سبل المسايرة والمجاملة والود في مد جسور الحوار والتفاهم برهبة ظاهرة وخوف من كلفة المغامرة باستفزاز جارة قوية مقتدرة.
رغم التصنيف الأطلسي العدائي للجمهورية الإسلامية تحرص تركيا برعاية غربية على مداراة إيران ومراعاتها وعدم استفزازها وتطور معها شراكات اقتصادية وتجارية واسعة باتت بذاتها قيدا على الاشتباك والاحتراب وتقوم في المنطقة مفارقة صارخة في التعامل مع سورية التي لم تقدم على أي فعل عدائي نحو جارتها الشمالية التي لم نوفر وسيلة استفزاز أو استهداف مباشرة أم بالواسطة في خدمة التعليمات الأميركية الأطلسية والتنمر التركي على سورية صارخ في الشكل والمضمون بل واستفزازي جدا في عدائيته.
على الحدود التركية مع سورية محطات تجسس متطورة وقواعد ومعسكرات تابعة للحلف الأطلسي تستهدف سورية دون سواها وقد كانت جزءا من خارطة انتشار وتوضع أطلسية في زمن الحرب الباردة وتم شبكها مباشرة بغرف عمليات أميركية وصهيونية وهي ما تزال تؤدي هذا الدور منذ الحرب الباردة التي انتهت ولم ينته معها استهداف المشرق ولا الدور التركي العدواني في محاولات الغرب وخططه لإخضاع سورية وتدميرها وإلحاق الأذى بسائر بلدان المنطقة وقد باتت تلك المحطات على خرائط الحرب الصهيونية في المنطقة ضد إيران وسائر بلدان محور المقاومة وقواه وفصائله المقاتلة.
إن موجب الأخوة يملي رفض أي صيغ للتشاور والتعاون الإقليمي تستثني أيا من بلدان المنطقة ويفترض التصدي للعنجهية والانتقائية التركية وهذه مسؤولية ايرانية وجماعية لسائر دول المنطقة لمقاومة الابتزاز ورفض الاملاءات المنافية لروح التعاون المشرقية والإسلامية وهذا ما يقتضي الوصول إليه وتحصينه تفكيك القواعد والمعسكرات الأطلسية في تركيا بحيث يكون الإقليم حرا وينعتق من بؤر التهديد والابتزاز.
إن الطريق المناسب لتنقية الأجواء وتصويب الأمور هو ادارة وتنظيم حوار هادئ وسوف تستقيم علاقات الجوار الإقليمي إذا وضعت في الميزان التركي كتلة المصالح التجارية والمالية الهائلة مع بلدان الجوار العربي ويمكن أن ينضج خيار تركي جديد لاسيما حال توضع في الكفة المقابلة ايران الى جانب الشركاء العرب. ويفترض أن يعاب على الجميع التسليم بحظوة ودور إقليمي هائل ل تل أبيب ومكانتها مقابل التنكر لدمشق وبغداد وطهران.