من الصحف الاميركية
نشر موقع “ذا ديبلوماتيك وورلد” تقريرا تحدث فيه عن مدى هشاشة الوضع الحالي للجيش الأمريكي الذي لا يعد مستعدا لأي حرب أهلية قد تلوح في الأفق.
وقال الموقع، في تقرير إن اقتحام مبنى “الكابيتول”، وحالة عدم اليقين التي عاشها الشعب الأمريكي حول الانتقال السلمي للسلطة، دليل على أن الولايات المتحدة ربما تكون على شفا حرب أهلية.
وأضاف: “ينبغي على الأمريكيين الآن أن يأخذوا هذه الفرضية على محمل الجد، وأن لا يعتبروها تحذيرا سياسيا فحسب وإنما سيناريو عسكريا محتملا”.
وأشار إلى أن مجموعة من خبراء الأمن القومي الأمريكي، قيمت فرص اندلاع حرب أهلية على مدى السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة، عقب انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب، وقد بلغت نسبة توافق الآراء بشأن هذه المسألة 35 في المئة.
وكشف استطلاع أجرته جامعة جورجتاون سنة 2019 مع الناخبين المسجلين حول مدى احتمال اندلاع حرب أهلية أن 67.23 في المئة يرون أن البلاد تسير في هذا الاتجاه.
وأكد موقع “ذا ديبلوماتيك وورلد”، وجود أسباب تجعل احتمالية اندلاع حرب أهلية منطقية، خاصة أن النظام السياسي تطغى عليه الثنائية الحزبية على نحو يجعل كل قرار سياسي يمثل إرادة نصف الشعب، كما أصبح النظام القانوني على نحو متزايد يغذي التناحر السياسي الداخلي.
ورأى “ذا ديبلوماتيك وورلد”، أنه بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة، فإن اندلاع العنف السياسي، من شأنه أن يتحول إلى عملية عسكرية، مشيرا إلى أن أعداد المليشيات الأمريكية كبيرة لدرجة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي لن تكون قادرة على التعامل معها.
واعتبر أن أي اشتباك بين القوات الأمريكية والمجموعات المتمردة سيكون أحادي الجانب، خاصة أن مشاة البحرية الأمريكية لا تزال من القوات الرادعة في البلاد، ولا يمكن لأي مليشيا أو مجموعة منظمة من المليشيات أن تهزمها في ساحة المعركة.
ونبه إلى أن استخدام الجيش الأمريكي في حرب محلية لن يخلق أزمة دستورية، بوجود سوابق قانونية وأوامر تنفيذية صريحة تقضي باستخدام القوة العسكرية على الأراضي الأمريكية، لكن أي رد عسكري على الاضطرابات المدنية من المرجح أن يخرج عن نطاق السيطرة ويتحول إلى تمرد واسع النطاق.
وبين أن التدخل العسكري ضد المتمردين أو الإرهابيين في حال اندلاع حرب أهلية، سيكون ضروريا للحفاظ على الديمقراطية وسيادة القانون بالنسبة لنصف الشعب، أما بالنسبة للنصف الآخر، فسيكون هذا تدنيسا للحرية الفردية.
وأشار الموقع إلى أن الحرب الأهلية الأمريكية القادمة ستكون الحل للأزمات التي تواجهها الولايات المتحدة حاليا، ويمكن للجيش أن يوفر المساحة الكافية للتفاوض بشأن المشاكل القائمة، وإذا كانت البلاد عاجزة عن حل هذه المشاكل الآن، فما الذي يجعلها قادرة على حلها بعد انتشار العنف على نطاق واسع.
واستبعد الموقع حدوث انقلاب في الولايات المتحدة لأن الأسباب العميقة لكل الانقلابات التي شهدها العالم تقريبا هي الفقر وتدهور الاقتصاد والأنظمة السياسية الهجينة وعدم الاستقرار الاجتماعي والاحتجاجات المناهضة للحكومة.
وذكر أن الولايات المتحدة ليس لديها تاريخ من الانقلابات، ولكن لديها تاريخ من العنف السياسي الراديكالي من الاغتيالات السياسية والحرب الأهلية والتمرد. ومن المتوقع أن تتحول هذه الصراعات إلى ما يشبه حرب استنزاف لجميع القوى المتنازعة التي ستعيد بدورها تشكيل المشهد السياسي الأمريكي.
طالما أنه لا يزال هناك مجال للتفاوض، فإنه ينبغي على صانعي السياسة تحديد الإجراءات البيروقراطية التي من شأنها أن تمنع أي استخدام مستقبلي للقوة العسكرية على الأراضي الأمريكية، لأن أي محاولة للجيش للتدخل في الوقت الحالي لن تؤدي إلا إلى تفاقم التوترات الأساسية.
نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالا للكاتبة كيلسي نورمان قالت فيه إن القليل من المشاكل تزعج الديمقراطيات الغنية اليوم بقدر ما تزعجها الهجرة غير المنضبطة.
ورأت أن المخاوف العامة بشأن المهاجرين الوافدين، دفعت التصويت البريطاني لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، وسهلت صعود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وأضافت كيلسي في مقالها أن ارتفاع عدد المهاجرين الوافدين على الحدود الأمريكية المكسيكية، أدى إلى اضطراب سياسي للرئيس الأمريكي جو بايدن. سواء أكانوا يفرون من الاضطهاد، أو مدفوعين بالكوارث الطبيعية، أو يبحثون عن فرص اقتصادية، فإن المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، يجدون أنفسهم غير مرحب بهم في شمال الكرة الأرضية.
وبدلا من مواجهة الجذور المحلية للقلق الشعبي المتزايد بشأن الهجرة، قامت الدول الديمقراطية الليبرالية بنقل المشكلة للخارج. وأصبحت تعتمد بشكل متزايد على بلدان في جنوب الكرة الأرضية لاستضافة المهاجرين واللاجئين، أو منعهم بطريقة أخرى من إكمال طريقهم إلى الدول الغنية.
ولفتت كيلسي إلى أن أوروبا قادت الطريق في بناء نظام شامل لإبقاء المهاجرين خارجها؛ فمنحت عددا أقل من التأشيرات للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي، وأقامت جدرانا حدودية محصنة، وشغلت دوريات موسعة في البحر الأبيض المتوسط وأنظمة مراقبة بيومترية مكثفة. والأهم من ذلك، هو الطريقة التي عمل بها الاتحاد الأوروبي بالشراكة مع دول أوروبا الشرقية والبلقان وشمال أفريقيا الواقعة على أطرافه لتكثيف جهوده.
وتتفشى الأنباء عن الانتهاكات في هذه الترتيبات، بما في ذلك كشف مجلة نيويوركر الأخير عن “النظام الوحشي” للسجون التي تديرها المليشيات، التي تحتجز المهاجرين في ليبيا لمنعهم من دخول أوروبا. لكن بروكسل استمرت في تقديم مبالغ كبيرة من المال أو تعزيز العلاقات الدبلوماسية لإدخال الحكومات المجاورة في البرامج التي تحمي أوروبا من الهجرة.
من وجهة نظر أوروبا، يعد احتواء الهجرة في أماكن أخرى تطورا إيجابيا. فذلك يعفي الاتحاد الأوروبي من معالجة التداعيات السياسية للمهاجرين على نطاق واسع. وإذا أمكن إقناع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – سواء من خلال الصفقات التجارية أو تسهيل التأشيرات أو مساعدات التنمية – ليس فقط لاستضافة طالبي اللجوء، ولكن لتطوير هياكل لدعمهم على المدى الطويل، فسوف يستفيد كل المعنيين. ولكن هناك مشكلة في هذا النوع من التفكير؛ فهو يفشل في حساب حوافز الدول المضيفة في جنوب الكرة الأرضية، أو الشروط المطلوبة لبناء أنظمة لجوء قوية.
فعندما نجحت الديمقراطيات الليبرالية الغنية في إصلاح أنظمة الهجرة واللجوء، كان ذلك غالبا نتيجة لتحديات قانونية من مجموعات المجتمع المدني والنقابات العمالية التي تسعى إلى تعزيز حقوق غير المواطنين. لكن في الدول غير الديمقراطية التي تفتقر إلى سلطات قضائية قوية أو مستقلة وتقيِّد المجتمع المدني، من غير المرجح أن تؤدي حوافز مماثلة إلى تغيير السياسات.
ولفتت الكاتبة إلى أن مصر أبدت اهتمامها مثلا بفتح مناقشات مع أوروبا حول سياسة الهجرة، عندما أقرت قانونا لمكافحة التهريب في عام 2016. وفي عام 2017، أوقفت مصر فعليا مغادرة القوارب التي تحمل المهاجرين فأثنى عليها الاتحاد الأوروبي. وفي عام 2018، أشاد سيباستيان كورتس، مستشار النمسا آنذاك، بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لجهوده للحد من الهجرة غير النظامية والتهريب، وأشاد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي علنا باستضافة مصر للاجئين.
قدم الاتحاد الأوروبي منحة قيمتها 60 مليون يورو عام 2017، وقدمت مؤسسات مالية أوروبية قروضا ميسرة بمئات الملايين. وسيستمر هذا الترتيب في تحصين الحكومة المصرية ضد الانتقادات الدولية لانتهاكاتها لحقوق الإنسان (التي تفاقمت في ظل حكم السيسي)، وكل ذلك باسم منع الهجرة.
وقلدت كل من أستراليا وأمريكا الممارسة الأوروبية؛ حيث أقنعت أستراليا مع بابوا غينيا الجديدة وإندونيسيا لمنع المهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى شواطئها. وتفاوضت إدارة ترامب على اتفاقيات دولة ثالثة آمنة مع السلفادور وغواتيمالا وهندوراس والمكسيك، مما سمح لها بإعادة طالبي اللجوء إلى هذه البلدان. وواصلت إدارة بايدن هذا النهج.
ورأت كيلسي أنه “إذا كانت الدول في شمال الكرة الأرضية تريد حقا الحد من الهجرة غير النظامية، فعليها التوقف عن الاعتماد على الإجراءات التي لا تحل شيئا. وبدلا من ذلك، يجب عليهم التركيز على إتاحة طرق الهجرة المنظمة لمزيد من الناس”.
كما يجب على الحكومات أيضا تضييق فجوة التنقل العالمي، فقد حافظ نظام التأشيرات الدولي بشكل فعال على التسلسل الهرمي للنظام الاستعماري، وجعل المواطنة العامل الحاسم في تنظيم الحركة العالمية للأشخاص. يمكن لحامل جواز السفر الأمريكي، على سبيل المثال، السفر حاليا إلى 187 دولة دون الحصول على تأشيرة، بينما يمكن لحامل جواز السفر السوداني أو اللبناني السفر إلى 41 دولة، تقع جميعها تقريبا في جنوب الكرة الأرضية.