من الصحافة الاسرائيلية
ما زالت الأوساط السياسية الإسرائيلية تعيش أجواء من الترحيب بالزيارة “التاريخية” التي قام بها رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت إلى الإمارات، مما دشن عهدا جديدا من العلاقات بينهما، ونقل حالة التطبيع من مرحلة المصالح المتبادلة إلى العلاقات الشخصية بين قادة الجهتين.
في الوقت ذاته ترقب المحافل الإسرائيلية المستوى الذي قد تصل إليه العلاقات مع الإمارات، رغم التشويش الذي طرأ مؤخرا على صفقة شراء طائرات “إف-35” من الولايات المتحدة، والتباين القائم بين واشنطن وأبو ظبي وتل أبيب بشأنها، ومدى التأثير السلبي الذي قد تتركه على علاقات الجانبين.
إيهود يعاري المستشرق الإسرائيلي، والباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الدنى، كتب مقالا في موقع القناة 12 “ذكر فيه أن “تهديد محمد بن زايد بإلغاء شراء طائرات إف-35، يثبت أن التطبيع مع إسرائيل لم يكن مفروضا على الإمارات العربية المتحدة، وليس له علاقة بالتغييرات الأمنية الجارية في المنطقة، لأنه تم توقيع اتفاقية التطبيع بينهما”.
وأضاف أن “مرور أكثر من عام على اتفاق التطبيع بين أبو ظبي وتل أبيب، وتوج أخيرا بزيارة بينيت إليها، يعني أن الإمارات انتقلت إلى مرحلة السلام الدافئ مع إسرائيل لأسباب لا علاقة لها بأي صفقة أسلحة، خاصة وأن الإمارات اليوم فتحت حوارا مع إيران، التي لم تتوقف وسائل إعلامها عند زيارة بينيت إلى أبو ظبي، كما أن الأخيرة تدخل في عملية مصالحة مع تركيا، وربما تشرع في إجراءات لترميم علاقتها مع قطر، وقد تراجعت في حرب اليمن، وكذلك فعلت في ليبيا”.
يراقب الإسرائيليون ما يعتبرونه سياسة جديدة للإمارات مفادها تنويع شبكة اتصالاتها، وعدم التردد في تطوير التعاون مع دول مثل إيران وإسرائيل، في الوقت ذاته، وهما اللتان تخوضان مع بعضهما مواجهة على نار باردة، ولعل ذلك يرسل برسالة واضحة لإسرائيل أن الإمارات قد لا تدعم أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران، وهذا هو جوهر العمل الدبلوماسي في أبو ظبي.
مع العلم أن هذا الاستنتاج الإسرائيلي للسياسة الإماراتية الجديدة بالتزامن مع زيارة بينيت يأتي بعد أن فشلت محاولات الإمارات في جني إنجازات سياسية ودبلوماسية من خلال تدخلاتها العسكرية في أماكن مختلفة، مما قد يدفعها في الآونة الأخيرة، وفق القراءة الإسرائيلية، للاتجاه نحو دبلوماسية تتركز في أقصى درجات الانفتاح.
في الوقت ذاته تبدي الأوساط الإسرائيلية ارتياحها من سرعة التطبيع الجاري مع الإمارات، قبل زيارة بينيت وبعدها، من حيث توقيع الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، والبروتوكولات العلمية والصحية، في مساع واضحة لا تخطؤها العين بأن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي تجاوز المصالح الأمنية والعسكرية على أهميتها، لما هو أبعد من ذلك، بما يتفوق على العلاقات المصرية الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم مضي عقود طويلة على اتفاقيات السلام معهما.
أكدت صحيفة اسرائيلية وجود ارتفاع كبير ومتنوع في جرائم واعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وقالت صحيفة هآرتس إن تصريحات وزير الأمن الداخلي لدى الاحتلال، عومر بارليف، التي أدان فيها عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في محادثة مع شخصية رفيعة في الإدارة الأمريكية، أثارت خلافات إسرائيلية داخلية، سياسية وجماهيرية، دفعت رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت إلى انتقاد تصريحات وزيره، زاعما أن “الأمر يتعلق بظاهرة هامشية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “بيانات جهاز الأمن تظهر أن عنف المستوطنين في الضفة الغربية تفاقم في السنة الأخيرة”، مشيرة إلى أن أبعاد “الظاهرة الهامشية” التي ذكرها بينيت “تتسع وتستمر في الارتفاع”.
وأوضحت في تقرير من إعداد هاجر شيزاف، أنه “تم توثيق 135 عملية رشق حجارة على الفلسطينيين في 2021 مقابل 90 في 2019، و250 حالة عنف أخرى مقابل 100 في 2019”.
ونبّهت إلى أن منظمة “يوجد حكم” التي توثق حالات العنف في الضفة الغربية المحتلة، وثقت في آخر 3 سنوات 540 حالة عنف للمستوطنين ضد الفلسطينيين، منها 238 حالة فقط اختار فيها الفلسطينيون تقديم شكوى بمساعدة المنظمة، ومن بين هذا العدد من الشكاوى تم تقديم 12 لائحة اتهام فقط”.
وبحسب هآرتس فإن جهاز شرطة اسرائيل رفض تقديم أي بيانات حول عدد الملفات التي تم فتحها في حالات العنف ضد الفلسطينيين، في حين وثقت منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية، ارتفاع اعتداءات المستوطنين عام 2021 بنسبة 28 في المئة.
وقال المواطن الفلسطيني مصعب صوفان من قرية “بورين”، لصحيفة “هآرتس” إن اعتداءات المستوطنين التي تشارك فيها مجموعات يصل عددها إلى ما بين 20 و30 مستوطنا، تشمل تحطيم النوافذ والألواح الشمسية وقتل الأغنام ورشق المنازل بالحجارة، ومحاولات طرد الفلسطينيين من منازلهم.. مؤكدا أن شرطة اسرائيل لا تفعل أي شيء لوقف الاعتداءات، رغم أنها تؤثر بشكل كبير على الأطفال والنساء.
ولفتت الصحيفة إلى أن الكثير من الفلسطينيين توقفوا عن تقديم شكاوى لدى شرطة الاحتلال في السنوات الأخيرة، لأنه لا توجد أي فائدة من ذلك.
ووفق منظمة “يوجد حكم” التي عملت على توثيق أسباب عدم تقديم الشكاوى بين 2019 و2021، تبين أن 43 في المئة من المشتكين قالوا إنهم غير معنيين بتقديم شكوى في الشرطة، لعدم ثقتهم بسلطات الاحتلال، بينما أعرب 21 بالمئة عن خشيتهم من الانتقام أو فقدان تصاريح العمل، فيما لم يحدد 22 بالمئة من الأشخاص السبب، وآخرون قالوا إنهم يئسوا من تقديم الشكاوى.
وأكدت مديرة قسم التحقيق في “يوجد حكم”، زيف شتيهل، “وجود ارتفاع في الأشهر الأخيرة، في عدد أعمال العنف وخطورتها، إلى جانب انخفاض بارز في استعداد الفلسطينيين لتقديم شكاوى”، مشيرة إلى أن “عنف المستوطنين لا يعتبر ظاهرة جديدة، ويبدو أنه في أعقاب سنين طويلة من غياب إنفاذ فعال للقانون ودعم السلطات، فإن هذه الظاهرة آخذة في الازدياد، والمستوطنون تزداد جرأتهم من خلال زيادة وتيرة الاعتداء وشدته”.
وأوردت الصحيفة العديد من شهادات السكان الفلسطينيين من مناطق مختلفة في الضفة الغربية المحتلة، التي تؤكد تصاعد اعتداء المستوطنين ضد كل ما هو فلسطيني، إضافة إلى سرقة أملاكهم.