من الصحافة الاسرائيلية
أثار ارتفاع عدد العمليات الفدائية الفلسطينية الأخيرة قلق الأوساط الأمنية الإسرائيلية، في ظل وقوع أكثر من خمس عمليات طعن وإطلاق نار خلال أسبوعين، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الإسرائيليين، ما ساهم في تنامي التوتر، ودفع الإسرائيليين لطرح مزيد من التساؤلات حول دوافع منفذي هذه العمليات.
وحاولت أجهزة الأمن الإسرائيلية تقديم تفسيرات لتنامي هذه العمليات، وبهذه السرعة، بين قائل إن المنفذين الفلسطينيين محبطون من واقعهم الاقتصادي، وآخر يرى أنهم يواجهون اضطهادا من السلطة الفلسطينية، ورأي ثالث يعتبر أن الشباب الفلسطيني يحصل على جرعات من التحريض عبر الفيسبوك الذي تبثه حماس وكوادرها.
أليئور ليفي خبير الشؤون الفلسطينية في صحيفة يديعوت أحرونوت ذكر أن “تسلسل الهجمات الفلسطينية في الأيام الأخيرة أدى إلى محاولة الشبان الفلسطينيين إعادة إنتاج عمليات مشابهة مع الموجة الطويلة من الهجمات في الأعوام 2015-2016، مع العلم أن الموجة نفسها استندت بشكل أساسي إلى الشباب الذين اعتقدوا لأسباب مختلفة أن تنفيذ هجماتهم أفضل من حياتهم التي يعيشونها، حتى لو كان نتيجتها أن يموتوا في الهجوم”.
وأضاف أن “السمات الشخصية والخصائص الذاتية لمنفذي الهجمات، سواء في ذلك الوقت أو اليوم، باتت متشابهة، فنحن أمام فئة من الشباب، وأحيانًا المراهقون، الذين ليس لديهم ماض أمني كبير، لكنهم يخرجون لتنفيذ هجوم غير معقد بمفردهم، ويصعب توقعه من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية، وهذا النموذج يتم فحصه الآن في جهاز الأمن الإسرائيلي، لكنه يجد نفسه بين حين وآخر في حالة المفاجأة”.
في الوقت ذاته، تنظر بعض الأوساط الإسرائيلية للوضع الحالي في الضفة الغربية بطريقة تحمل دلالات على وجود حالة من “العدوى” بتنفيذ الهجمات الفدائية، في ظل أنها ذات تأثير معد عندما يلهم أحد المنفذين الآخرين لتنفيذ الهجوم التالي، وبالتالي يتم بناء سلسلة من الهجمات، رغم أن الصورة العامة أكثر تعقيدًا، فالطريقة المنشودة لفهم ما الذي يدفع الشاب الفلسطيني للقيام بالهجوم، هو محاولة قراءة الواقع الأمني القائم في الضفة في ظل استمرار القمع الإسرائيلي.
يصف الإسرائيليون واقع الضفة الغربية بأنه يشبه “كماشة” تمسك بالشباب الفلسطيني من اتجاهين، الاحتلال والسلطة الفلسطينية، فالأخيرة لا تمنح الشباب حق التمتع بأمن مالي عندما يدخل الحياة الحقيقية، فواحد من كل أربعة فلسطينيين حاصلين على درجة أكاديمية عاطل عن العمل، والغالبية العظمى من العاملين 73٪ يعملون في مكان عمل غير منظم، ولا يحق لهم التمتع بالحقوق الاجتماعية.
تزعم المحافل الأمنية الإسرائيلية أن العيش في حالة عدم اليقين الاقتصادي الكبير لا يساعد الفلسطينيين على استقرارهم، وراحة بالهم، مستبعدة في ذلك العوامل الوطنية والقومية والسياسية، وهي فرضية دائما ما تلجأ إليها السلطات الاسرائيلية لإعفاء نفسها من المسؤولية عن الواقع السيء الذي يعانيه الفلسطينيون في الضفة الغربية.
أما على صعيد السلطة الفلسطينية، فإن الشباب الفلسطيني يعانون من الاضطهاد السياسي الذي تمارسه بحقهم، فيما تمتلك السلطة سقفًا زجاجيًا سياسيًا واضحًا للغاية يمنعها من تحقيق الإنجازات السياسية، بدليل أنه لا يوجد زعيم فلسطيني بارز في الأربعينيات من عمره، في ظل بقاء القيادات السياسية الفلسطينية التي ترفض إفساح المجال أمام جيل الشباب الصاعد.
يعتبر الإسرائيليون أن القمع الذي يعيشه الشباب الفلسطيني يؤدي بهم إلى حالة من الإحباط العميق بصفوفهم، وفي غياب أي أفق سياسي يلجأ هؤلاء الشباب لشبكات التواصل الاجتماعي، خاصة الفيسبوك، حيث تنتظرهم موجات واسعة من التحريض الذي تبثه حركات حماس والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي، ويمكن أن يضاف ذلك إلى انزعاج الغالبية العظمى من ظروف حياتهم، خاصة أولئك الشباب ذوي المزاج الحار، ممن يقررون إنهاء حياتهم البائسة في أعلى المستويات.
هاجم مؤرخ إسرائيلي رئيس جهاز “الموساد” الإسرائيلي بسبب تصريحاته عن المشروع النووي الإيراني، التي تعهد فيها بمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية، ما يجعله “وصفة لكارثة” قد تحل على “إسرائيل” عبر خلق مبرر لإيران، من أجل الانسحاب من ميثاق عدم انتشار السلاح النووي.
وقال المؤرخ العسكري أفنير كوهين، في مقال بصحيفة هآرتس: “محرج جدا في جهله، التصريح العلني والأجوف لرئيس الموساد، دافيد برنياع، الذي قال فيه: “الموساد يتعهد بأنه لن يكون في أي يوم لإيران سلاح نووي”.
وأكد أن “هذا تصريح عديم المصداقية، وصبياني وشوفيني وضيق الأفق في صياغته وفي توقيته، كل من يسمع مثل هذا التصريح ولديه خبرة قليلة في شؤون الذرة وإيران، يعرف أنه لا أهمية له”، مضيفا: “الجاهل فقط يمكنه أن يصدق بأن قوة خارجية، سواء وكالة استخبارات (الموساد أو الـ سي.آي.ايه) أو الجيش، يمكنها منع السلاح النووي عن دولة يعيش فيها 85 مليون شخص، وتوجد لها بنية تحتية نووية وصناعية”.
وقال: “نعم، عن طريق التحايل يمكن التسبب بضرر وتأجيل النهاية، وفي أفضل الحالات كسب سنة أو أكثر بقليل، ولكن يجب الفهم بأن أي قوة خارجية لا يمكنها منع إيران المصممة من الحصول على السلاح النووي، سوى باحتلال عسكري جغرافي شامل وإسقاط النظام، ولكن إعاقة وتأجيل، حتى بعد نشاطات عسكرية واسعة، لا يمكنها منع ذلك في نهاية المطاف”.
ورأى كوهين أنه “عبر نظام إشراف قسري، وبعد هزيمة في حرب حقيقية، يمكن الالتزام بأنه لن يكون لهذه الدولة سلاح نووي، وهذا التعهد لن يكون صالحا إلى الأبد”، مضيفا: “لو أن إيران حقا مصممة على اجتياز العتبة النووية وتفجير قنبلة نووية، لكانت فعلت ذلك قبل فترة طويلة”.
ولفت إلى أن “تحليلا تاريخيا، يظهر أن طهران سعت جدا إلى الاقتراب من القدرة النووية، لكنها لم تفعل ذلك بشكل حازم وبأي ثمن، إيران مصممة على الوصول للقدرة النووية، لكن في نفس الوقت يوجد لها عنصر موازن يتمثل بالحذر والاعتدال، من أجل أن لا تتدهور الأوضاع إلى مواجهة مع الدول العظمى، وهي تفحص طوال الوقت معارضة العالم لطموحاتها النووية، وفي كل مرة تبحث عن فرصة للتقدم خطوة أخرى صغيرة إلى الأمام”.
وأضاف: “إيران بعد 2003 وهي السنة التي فيها تخلت عن المشروع الغريب جدا لحرس الثورة، وهو إنتاج ستة رؤوس متفجرة من الجيل الأول النووي، كانت حذرة جدا في تسريع طريقها نحو القنبلة، وضمن ذلك في العامين الأخيرين، أي حتى بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي”.
وذكر المؤرخ أنه “على الرغم من أنه لا يوجد شك فيما يتعلق بطموحات إيران في الاقتراب من القنبلة بقدر الإمكان، إلا أنه من غير المعروف ما هي النقطة الأبعد التي تطمح إيران للوصول إليها في وضعها الحالي، ومن المرجح، أن القيادة الإيرانية نفسها لا يوجد لديها اتفاق حول هذه المسألة”.
ورجح أنه “في هذه الأثناء لا توجد لإيران أي نية لاجتياز الحافة النووية أي تنفيذ تجربة واستعراض قدرات، ويبدو أنها تطمح إلى الاقتراب من الحافة النووية، لكن مع التعتيم على درجة اقترابها من الحافة، خاصة في كل ما يتعلق بالأمور التي تتجاوز إنتاج المواد المتفجرة بمستوى السلاح النووي”.